3 مايو 2024 , 14:36

شفاء طفل من ورم دماغي نادر يثير آمالًا كبيرة لدى الباحثين الفرنسيين

 

يُعد الورم الدبقي الذي يصيب جذع الدماغ نادراً لكنّه قاتل، وأحد أخطر أشكال سرطان الدماغ لدى الأطفال، لكنّ حالة فريدة عالمياً لشفاء طفل منه باتت تثير آمالًا كبيرة في الأوساط البحثية الفرنسية.

 

رغم التقدم الذي تحقق في علاج عدد من أنواع سرطان الأطفال، الذي يحلّ يومه العالمي الخميس، يشكّل الورم الدبقي الدماغي الذي يصيب ما بين 50 و100 طفل ومراهق كل سنة في فرنسا تحدياً للطب.

 

ومع أن معدل البقاء على قيد الحياة خمس سنوات في حالات سرطان الأطفال بات يصل إلى 85 في المائة فإن معالجة بعض هذه الحالات صعب، ومنها الورم الدبقي الجذعي الداخلي المنتشر.

 

 

ولا يمكن استئصال هذا الورم بعملية جراحية، وبالتالي يلجأ الأطباء عادةً إلى العلاج الإشعاعي الذي يساعد أحياناً في إبطاء المرض، لكنّ تأثيره يكون مؤقتاً. ولم يثبت أي دواء فاعليته إلى اليوم.

 

ويكون نموّ هذا الورم سريعاً جداً بالفعل، ويؤدي عموماً إلى وفاة المريض خلال فترة تراوح ما بين تسعة أشهر و12 شهراً بعد اكتشافه.

 

إلاّ أن الطفل البلجيكي لوكا، البالغ راهناً 13 عاماً، تحدى كل التوقعات، إذ اكتُشِفَت إصابته بهذا المرض غير القابل مبدئياً للشفاء عندما كان في السادسة، لكن بات يُعتبَر أنه شُفِيَ، إذ لم تعد علامات الورم تظهر في دماغه.

 

وقال طبيب الطفل جاك غريل، الذي يتولى إدارة برنامج أورام الدماغ في قسم سرطان الأطفال في مركز غوستاف روسي لمكافحة السرطان جنوب باريس، في حديث لوكالة فرانس برس: “لقد فجّر لوكا كل عدادات الحياة”.

 

– “خصائص بيولوجية” –

وروى طبيب الأطفال بتأثُّر أنه أبلغَ والدَي لوكا قبل سبع سنوات بأن ابنهما سيموت.

 

يومها، انتقلت عائلة الطفل إلى فرنسا لتمكينه من تلقّي العلاج، وكان من أوائل المرضى الذين انضموا إلى تجربة سريرية لاختبار دواء جديد هو علاج استهدافيّ.

 

منذ البداية، تجاوبَ لوكا مع العلاج بشكل جيد جداً. وبيّنت نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي مرة بعد مرة للدكتور غريل أن “الورم اختفى تماماً”؛ ومع ذلك لم يجرؤ، رغم هذه النتائج المعجزة، على اتخاذ قرار بإيقاف الدواء، إلى أن أدرك قبل عام ونصف عام أن الطفل نفسه توقف عن تناوله.

 

وأضاف الطبيب الذي بدأ فريقه إجراء البحوث في شأن هذا السرطان قبل نحو 15 عاماً: “ليس في علمي أن ثمة حالة كهذه في العالم”.

 

ويركّز الباحثون حالياً على معرفة سبب تعافي لوكا، وكيفية تحويل حالته الطبية إلى مصدر أمل لمئات الصغار في المستقبل.

 

ومازال نحو عشرة أطفال آخرين شملتهم التجربة السريرية على قيد الحياة بعد سنوات من اكتشاف إصابتهم، وتجاوز متوسط عمرهم المتوقع العمر الذي تورده الإحصاءات، لكنّ أورامهم لم تختف كلياً.

 

ورأى الدكتور غريل أن زيادة متوسط العمر المتوقع تعود إلى “خصائص بيولوجية لأورامهم”، تفسّر استجابتهم بشكل أفضل من المرضى الآخرين الذين يخضعون للعلاج ذاته.

 

-“عمل طويل الأمد” –

ولاحظ طبيب الأطفال، وهو أيضاً باحث في المعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية (Inserm)، أن “ورم لوكا كان متحوراً نادراً جداً”، وأضاف: “نعتقد أن هذا المتحور هو الذي جعل خلاياه السرطانية أكثر تأثراً بالدواء”.

 

وفي تجربة قيد التنفيذ تجريها شركة “بيوميد” للأدوية، وتقارن الدواء الذي تلقاه لوكا بعقار جديد واعد، لا يكتفي باحثو مركز غوستاف روسي بدرس التشوهات الجينية لأورام جميع المرضى، بل يصنّعون أيضاً عضويات أورام (وهي نسخ ثلاثية الأبعاد من أورام المرضى تُعدّ في المختبر)، لفهم تركيبتها البيولوجية وكيفية تأثرها بالأدوية.

 

وقالت الأستاذة والباحثة المشرفة على هذا العمل ماري آن ديبيلي لوكالة فرانس برس: “إن حالة لوكا تفتح أملاً حقيقياً، وسنحاول مخبرياً إعادة إنتاج التغيّرات التي رصدناها في خلاياه”.

 

عملياً، تسعى الفرق الطبية إلى أن تكتشف ما إذا كانت تغيّرات الحمض النووي التي ظهرت لدى لوكا تؤدي أيضاً إلى تقلّص أورام مرضى آخرين بمجرد “إعادة إنتاجها” لديهم.

 

وإذا تبيّن أن الأمر كذلك ستكون “الخطوة التالية إيجاد الدواء الذي يُحدِث تأثير هذه التغيّرات الخلوية نفسه على الخلايا السرطانية”، بحسب ماري آن ديبيلي.

 

إلا أن الأطباء المتحمسين لهذا “المسار العلاجي” الجديد ينبّهون إلى أن الأمر سيستغرق سنوات قبل التوصل إلى ما يمكن أن يكون دواءً شافياً.

 

وأوضح جاك غريل أن “الأمر يستغرق في المتوسط ما بين 10 و15 عاماً (…) وهو تالياً عمل طويل الأمد”.

شاهد أيضاً

الانتحال الإلكتروني بالذكاء الاصطناعي يعقد تطبيقات المواعـدة

سيكفيك التحدث إلى أي شخص يخوض حالياً غمار تجربة مجنونة تتمثل بمحاولة البحث عن الحب …