محمد الشيخ سيدي محمد يكتب “الرساله الولاتية”: إلى الأحبَّةِ في الإذاعةِ وبلاد شنقيط!

بعد التحية والسلام لكم جميعاً كل باسمِهِ وجميلِ وسْمِهِ، هأنذا أغادر الإذاعة مرفوعَ الرأس، عامراً بالمحبة لكم، أغادركم وقد وقفت شبكة الاذاعة على قدميها، وأسلم الرايةَ إلى واحدٍ من جنود المشروع المجتمعيّ لفخامة رئيس الجمهورية؛ أخي الفاضل الموقر، محمد عبد القادر ولد اعلاده، الذي أهنِّئه على الثّقة التي حباه بها أخي فخامة الرئيس، تلك الثقة التي أهَّلته لقيادة أعرق مؤسسة في الجمهورية.
سلمتُه يومَ الحادي عشر من يناير 2024 أربعينَ منشأةً رأت النور خلال أربعِ سنوات من مأمورية الإنصاف، ومسار الصدق، شُيّدت بسواعد وجهود جنودِ ومهنيِّي الإذاعة المجهولين، معززةً بخمسين استديو بث رقمي في الإذاعة المركزية وفروعها، وواحد وعشرين مركزَ بثٍّ أنشأتها الإذاعةُ في هذه السنوات، وأربعٍ وستين سيارةً؛ أربعون منها تمّ اقتناؤها أو إصلاحها في هذه العهدة، بعد أن باعت العشريةُ أسطولَ الإذاعة الذي اقْتُنِيَ في العهدة الأولى سنة 2017. وتمّت مضاعفةُ رواتبِ عمال الإذاعة الدائمين، وجرت ترقياتٌ ومكافآتٌ للعمال المتعاونين، وسُلِّمت دراسةٌ لحلّ معضلتهم للوصاية، عبر مجلس الإدارةِ.
وفي مجال الرقمنة حازتْ الإذاعة قصبَ السبق بتوفرها على منصات إنتاج وبث وأرشفة رقمية، ومنصة مينوس للتبادل مع الإذاعات العربية والإسلامية، وخمسةِ أنظمةِ بث مباشرة بالصوت والصورة (TVU)، تمكِّنُ من نقل جميع المؤتمرات الدولية من القارات الخمس، دون أن تنفق الإذاعة فاتورة دولار واحد لقاءَ ذلك، أحرى أن ترسل بعثة من الإذاعة لتنفيذ هذه المهمة.
وخلال أربع دورات متتالية أثبت تقارير مفوضي الحسابات والحصيلة السنوية والوصاية المالية ربحيةَ ختم حسابات الإذاعة، وجودة منجزاتها، وظلت حساباتُ الإذاعة خضراءَ خلال السنوات الأربع. وسُلِّمت ميزانية 2024 ثريةً بعد أن كانت لعقودٍ مُفلِسةً وكسيحةً.
إخوتي الأعزاء لعلَّ من أبرز هذه المنشآت، مبانيَ ومعانيَ مقرّ إذاعة القراءن الكريم وقناةَ المحظرة ومسجديْ إذاعة القرءان الكريم في العاصمة نواكشوط وفي مدنية ولاته التاريخية، ومقرَّ الإذاعة الثقافية، والمقرَّ الاجتماعيَّ للإذاعة العامة، الذي تحول إلى صرحٍ عامرٍ بالتجهيزات، وورش الإنتاج المنوعة، وخوادم البث السمعي والبصري.
وأنشئت خلال ستةٍ وثلاثين شهرا ضمنَ البرنامج الاستثماريّ الطموح للإذاعة 2020/2025 في عواصم سبع ولايات صروحٌ إعلامية في ولايات: اترارزة، لبراكنه، إينشيري، الحوض الشرقي، گيديماغا، والحوض الغربي.. جُهِّزت ستةٌ منها، ودشِّنت خمسةٌ منها؛ و الولايات الخمسُ الأخرى تمت برمجتها في عاميْ 2024 و 2025، مع الاحتفاظ باستقلالية الإذاعات المحلية في عواصم هذه الولايات وتوجيهها إلى التنمية المحلية. كما تم إنشاء إذاعات في كل من ولايات الحوضين، لعصابه، داخلت نواذيبو (الإذاعة التنموية) و گيديماغا لتعزيز اللامركزية لوسائل إعلام الخدمة العمومية، ورأتْ النور اثنتا عشرة إذاعة في المقاطعات والحدود لتكريس إعلام القرب والتنمية المستدامة وحسن الجوار ومحاربة الغلو والتطرف وخطابات الكراهية في كل من: بئر ام اگرين، الشگات، باسكنو، مقامه، كنكوصة، تمبدغة، ولاته، تيشيت، جول، كوبني انتيكان وفصاله، حيث تم تسييج الحدود شمالا وشرقا وجنوبا إيمانًا منا بأن حروب المستقبل هي المياه والترددات، فلا تنميةَ بدون مياهٍ ولا سيادة بدون امتلاك الترددات، وتم التأسيسُ لمقراتِ جيگني ولكصيبه2 وبومديد، والحصولُ على تمويلِ معداتِ إذاعةِ بوگى للقرءان الكريم باللغات الوطنية؛ كما أن إذاعة شباب دول الساحل G5 وإذاعة الشاطئ البحري للتنمية في نواذيبو اكتملت بنيتهما، وهما جاهزتان لإطلاق البث؛ وتم تجهيز و تدشين مركز لتكوين عمال الإذاعات المحلية في روصو.
وأصبحت الإذاعة مستقلةً باثنين وعشرين هوائي بث محمي في محطاتها الحديثة؛ كما استقلت عن شركة الكهرباء في محطات الشگات على الحدود الجزائرية وولاته على الحدود مع جمهورية مالي، وتبث عبر الطاقة جزئيا في إذاعة تيشيت، ولديها في أغلب محطاتها الاثنتين والثلاثين مولداتها الكهربائية؛ وتسعى حثيثةً إلى الاستقلال في مجال وعاء الاتصالات كزبون محمي وسيادي؛ كما استقلت عن شركة المياة بحفر بئر ارتوازي في محطة جول يسقي مساحاتها الخضراء.
وفي مناطق الصمت وضعت الإذاعة في برنامجها الاستثماري لعام 2025 إنشاء إذاعات في كل من امبود، اطويلْ، شنقيط، وادان، انبيكة لحواش، كرمسين، تامشكط، مكطع لحجار، بوتلميت، عدل بگرو، ومبو، و اركيز؛ وهي إذاعات موضوعاتية متخصصة في التنمية المحلية.
وازدانت الإذاعة بفرقها الثقافية الوطنية في مجال الفن والثقافة والمسرح والمديح وأشبال الإذاعة وخبرائها، مما مكنها من حصد الكؤوس في مختلف المحافل العربية والإفريقية.
كما أنشأت مركبات سياحية على مساحة 15 ألف متر مربع في ولاته، و خمسة آلاف متر مربع في تيشيت، وثمانية آلاف متر مربع في جول، على أبواب آوكار وعلى ضفة نهر السينغال و في ولاتة فردوس الصحراء وملتقى القوافل؛ وأبدعت خلال ستةٍ وثلاثين شهرا من المأمورية المباركة لفخامة الرئيس في إنشاء متحفين نموذجيين: متحف المرابطون قرب مدارس الفلاح في جول، ومتحف ولاته مركز الإشعاع ومدارس الإرشاد والإمداد والجهاد.
وكان فردوس هذا التألق قناة المحظرة وإذاعة القرءان الكريم والإحياء الرمضاني السنوي والمسابقة الكبرى لحفظ وتلاوة القرءان الكريم التي شارك في نِسخِها العشر أكثر من خمسة وعشرين ألف قارئ ومجود
وأضحت موريتانيا لأول مرة، بعد أن كانت لمائة سنة تستقبل وتستهلك، أصبحت تنتج وتوزع المصاحف المرتلة، منوعة الإنتاج، متعددة وسائط البث؛ ومجالس السنة وإثراء المتون المحظرية والدروس التعليمية بالطبعة الموريتانية سَمْتاً وحِفظاً وأداءً، وأصبحت الإذاعات العربية والإسلامية، وقطاعات الثقافة والإحياء الديني والقنوات العمومية والخصوصية عالةً على الإذاعة التي ستعتبرها قدوة لها بلا مراء.
أحبابنا.. و مما يذكر من المعاني مع المباني خلال هذه العهدة كان الانفتاح على جميع ألوان الطيف والمبدعين والمؤثرين شاملاً ودون أن تكون الإذاعة طرفا حديا بين الأطراف كانت قبلة الجميع وركناً يؤوي إليه الجميع، وفرت الولوجَ المتساوي بلا منة ولا بخل لجميع الأطراف السياسية والحقوقية ومنظمات المجتمع المدني، والجمعيات الثقافية والاجتماعية والشبابية، والشركاء بجميع أركان جغرافيا الوطن؛ صنعنا مواسم الإبداع وصنعت فرقنا المهنية والثقافية إعلامَ التنوع الثقافي والإعلام المتخصص وإعلام الكتاب والسنة؛ و ودعت الإذاعة الموريتانية للأبد الدعايةَ الرخيصة للأنظمة والأحزاب الحاكمة والحركات المؤدلجة التي تتنابز بالألقاب، وتدعو الى التفرقة، كلما تحكمت فئةٌ منها في مشهد لعنت أختَها، وكلما وجدت نظاما قامت بمحو ذاكرة غيره من الإرشيف الإذاعي.
خرجنا بحصيلة غير مسبوقة قوامها جمع الأضداد، والأخوة بلا رشوة والمحبة بلا كراهية…. أحبَّتَنا في تاريخ وحاضر ومستقبل بلاد شنقيط، قلت في ولاته جوهرة الصحراء في فضاء ذلك المنجز التاريخي الرحب المعطاء: لا تُبنى الحضارة البشرية العظيمة (مباني ومعاني) ولا يخلد القادةُ الفاتحون من أبناء أمة الهداة والدعاة من ناطحات السحاب ولا من وادي السيلكون، ولا من دور السينما، ولا من الملاعب الرياضية، ولا من أفلام هوليوود المدبلجة، ولا من قصف الظالمين وعصف المتكبرين، وهواة جمع غلال قارون ممن خسف بهم متبرين أجمعين…. لا تُبنَى إلا من وحي السماء والقرءان، الذي نزل بغار حراء، أو الوحي الذي جرت به سفينة النجاة كسفينة نوح عليه السلام، أو تموجت به أمواج تابوت موسى كليم الله، رمز محاربة الطغيان، أو كالأحنف الذي مال عن الباطل إلى الحق، وطاول نار الشرك فكانت بردا وسلاما، إبراهيم خليل الله عليه السلام؛ تخرج الحضاراتُ العظمية رحمةً ورشدا من محراب كمحارب داود عليه السلام ومن خلوةِ مناجاة الرب القيوم كجذع نخلة العذراء الطاهره مريم؛ تبنى الأوطانُ فقط بخدمة الوحي المنزل والتَّأسِّي بالنبوة الخاتمة، و بنور الشهداء وبفكر المقاومة وجنودها الأوفياء وعمارة متاحفهم وبناء آثارهم هوياتهم وثقافاتهم والإعلام بأيامهم وفتوحاتهم، وتربيه الأجيال على إخباتهم وإخلاصهم، 124 ألف نبي، يتقدمهم 313 رسولا صبروا وجاهدوا وابتلوا، فقاوموا الباطل والشرك حتى أتاهم اليقين.
إخوتي الكرام إن الشراكة التي أقمناها مع هيئات الأمم المتحدة للتنمية الخمس المتخصصة في مجال التنمية المستدامة والقنوات التلفزيونية المستقلة واتحاد الإذاعات العربية بالخصوص، واتحاد الإذاعة الإسلامية كسبت فيها الجمهورية ميزتين أساسيتين: ثقة الممولين وتوحيد الجسم الصحفي، الذي ظلت الحكومات المتعاقبة تدق الإسفين بين مكوناته من باب فرّق تَسُدْ؛ اليوم أصبح إعلام الخدمة العمومية والإعلام الشبكي والقنوات التلفزيونية الحرة جسماً واحداً يخدم وطنا واحدا، في التغطيات الاخبارية الموحدة وفي أضلاع بيت قطب إعلاميي مسالم في أربع محددات حصرية هي دين الإسلام وثقافتنا الوطنية، والتثقيف الصحي والحكامة وقيم الجمهورية والحفاظ على مناخ وئام وطني أساسه التشاور والتعاون وبناء وطن لا ينتهي العمل فيه، كما يقول رئيس الجمهورية
حفظ الله موريتانيا ووحدتها وحوزتها الترابية وسيادتها الوطنية في عالم مَوّارٍ، وفي أفق الغاز والنفط، في مواجهة ثلاثمائة سنة من التدمير الممنهج في أضلاع الشر الأربعة: الغزاة وصنائعهم من الطغاة والغلاة والمستهزئين الجفاة. نعول على الله أولا وعلى فرصة مأمورية الإجماع الوطني وبناء الجمهورية من أجل بناء جيش قوي، وإدارة سيادية، وإعلام وطني، يحفظون ولا يفرطون بحوزتنا الترابية وسيادتنا الوطنية وهويتنا. البصرية.
نحسن الظن بالله ونتوكل عليه، ونسأل الله البر الرحيم، شديد الفعال، أن يحفظ القرءان والسنة، وخدامهم، وأن يمحل بالكاف والنون والفاء وتوابعه من يمكر بأهل القرءان ومبلغي السنة ولا يمهلهم.

رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ* وَاجْعَلْ لِي لِسَانَصِدْقٍ فِي الآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ]). سورة الشعراء الآيات :83-84-85

والسلام عليكم أحبتي في كل مقام، إخوةَ الإيمان والإسلام والإحسان، السلامُ على من اتَّبَع الهدى إخوةَ يوسف الكرام، وأيها الطلقاء.

أحبتي على الدوام.. أخوكم:
محمد الشيخ ولد سيد محمد
أستاذ وكاتب صحفي
انواكشوط : 13 يناير 2024