فتوى مثيرة للجدل..! / بقلم: طرفة عبد الرحمن

tarfasds1 - Copieالسعودية/ ليس أسوأ من فتح المجال لباب الفتوى الدينية في أمور تحدث على غير العادة، من أن يتم تداولها ونشرها بين الجمهور بالتهويل والخوض في حيثياتها المثبتة وغير المثبتة.. فالرغبة في عقد نكاح يتم بواسطة وسائل الاتصال المعاصرة «سكايب وماسنجر» لا يمثل حاجة ملحة لإطلاق فتوى علنية فيه من ذاك الشيخ أو ذاك الأكاديمي المفتي، فإن حصل وكانت بالفعل هناك ظروف تكون فيها الحاجة ماسة لإتمام عقد نكاح على هذه الطريقة وظهرت الحاجة فيها للفتوى على مستوى فردي لحالة أو حالتين فلا ضرورة لتوسيع حجم الإثارة والجدل فيه على مستوى الجماهير!! يبدو أن وجود اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء -وكذلك التعميم الذي أصدرته وزارة الثقافة والإعلام للصحف والقنوات بالتحذير من إطلاق لقب «شيخ» إلا على طلبة العلم الشرعي-  لم يكن كافيا لغلق الباب تماما على تلك الفتاوى المثيرة للجدل، وذلك لأن العملية تحتاج إلى ركن آخر للإصلاح والتقويم، وهو تهذيب الوعي عند الأفراد؛ فلا يجب أن يقف الواحد منا عند كل غريب وجديد بل وشاذ في القول والفعل ويتناوله «بالتداول والتقاول»..

لم يقف أولئك الذين ادعوا «المشيخة الدينية» -متكئين على سند الشهادات الوهمية- عن الإفتاء وتقديم النصائح المغلوطة والهادمة أحيانا للناس إلا لأنهم وجدوا جوا اجتماعيا مشجعا لهم يصل إلى درجة احترامهم وتبرير أخطائهم والدفاع عنها، تحت اعتقاد أن الدفاع عنهم يدخل في مبدأ الذود عن الدين!! لقد أغلقت بعض الإجراءات النظامية السبيل أمام هؤلاء المدعين، لكن يبقى الوعي بيننا أهم إجراء لسد منفذهم علينا. أنا هنا لا أخص بحديثي ذلك الشخص الذي أصدر فتوى جواز عقد النكاح عن طريق بعض وسائل الاتصال، إنما أزمة الإساءة للدين بشكل عام عن طريق هذه الفئة، والتي يفتعلها جهارا نهارا في مواقع التواصل الاجتماعي بعض «مدعي المشيخة الدينية» مع الأخذ أنها قضية ومشكلة ليست حكرا على مجتمعنا فقط بل إنها عامة في المجتمعات العربية وغير العربية.. كما ولم تقتصر منصات الساحة الاجتماعية على أولئك المتاجرين بالدين لأغراض وجاهية أو مادية بل إنها شملت فئة أخرى مارست ذات الطقوس ولكن بعباءة أخرى وهي عباءة المستشار الاجتماعي والأسري، فهذه زمرة أخرى، تزخرفت بمسميات رنانة واستعانت أيضا بشهادات وهمية لتدعيم موقفها وصلاحيتها وأصبحت تقدم الاستشارات والحلول الاجتماعية المزعومة من كراسي بعض القنوات الفضائية وبعض العيادات التي يرتادها ضحايا المشكلات الاجتماعية، ولم تكتف بذلك بل إنها عقدت دورات تدريبية في مجالات مختلفة، ولا تزال تفعل ذلك!!.

والاشكالية الأخرى هنا أن هذه الفئة تحديدا لم تتخذ حيالها بعد اجراءات نظامية رادعة تمنعها من الاستمرار في غيها، فقد صادفت احدى هذه الشخصيات في البرنامج الذي اقدمه، وقد كان حاضرا معي لمناقشة قضية تتعلق بالأسرة، وتمت استضافته بناء على خبرته التي مارسها في مجال تقديم الاستشارات، فبعد أن انتهيت من تقديم الحلقة معه، استنتجت في نهايتها أنه لا يملك رؤية واضحة ذات خبرة معرفية في المجال الأسري والاجتماعي، فشككت في حرف الدال الذي سبق اسمه، وبحثت عنه في قائمة أصحاب الشهادات الوهمية فوجدته فيها، ورغم حظر اسمه فيما بعد من البرامج التي تقدم من جهتنا واشعارنا له بالشكوك المثارة حوله إلا أنه ظهر لاحقا في احدى القنوات بجسارة ولا مبالاة وهو يفتي كعادته في الحياة الأسرية بكل جهل!! فمن المسؤول هنا؟

*صحيفة اليوم

شاهد أيضاً

“كرنفالات”ومواسم الهجرة إلي النفاق إلي متي..؟ محمد عبد الرحمن المجتبى

سِيدِ ذَاكْ اَلْجَاكُمْ @ فَـاتْ أكَبَلْكُمْ جَانَ @ وَاسْوَ عَادْ اَمْعَاكُمْ @وَاسْوَ عَادْ اَمْعَانَ يحكى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *