14 مايو 2024 , 7:15

هل سينحني الإخوان في موريتانيا أمام العاصفة ؟(تحليل)

لم يكن يتوقع من شاهد هذه الصورة التي تم التقاطها منذ أربع سنوات تقريبا (السنة الأولى من مأمورية ولد عبد العزيز)، بمناسبة زيارة فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس اتحاد علماء المسلمين بدعوة من فضيلة الشيخ محمد الحسن ولد الددو بأن العلاقة بين الرئيس محمد ولد عبد العزيز وفضيلة الشيخ ولد الددو ستسوء في نهاية المأمورية لدرجة يتم فيها إغلاق جمعية المستقبل التي يرأسها الشيخ بالشمع الأحمر.

لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع ذلك، خاصة وأنه من قبل تلك الزيارة كان الرئيس محمد ولد عبد العزيز قد قبل بوساطة الشيخ محمد الحسن ولد الددو في ملف رجال الأعمال الثلاثة، وذلك رغم أنه كان قد رفض وساطات عديدة من أغلبيته، ومن وسطه الاجتماعي، ومن بعض رجال الأعمال في الملف المذكور.

لقد أغاظت تلك الوساطة الكثير من مقربي الرئيس، وسيضاف إليها فيما بعد المكانة التي أعطاها الرئيس لفضيلة الشيخ في الحوار مع السجناء السلفيين، والتي أغاظت هي بدورها بعض العلماء المقربين من السلطة الحاكمة.

لقد حظي ولد الددو بمكانة خاصة لدى الرئيس محمد ولد عبد العزيز، ولعل أبلغ تعبير عن تلك المكانة هو أن ولد الددو كان هو الوحيد ن بين العلماء الذي سُمح له بزيارة الرئيس محمد ولد عبد العزيز أثناء اصابته بما بات يعرف برصاصات أطويلة، بل إنه كان هو الوحيد من خارج دائرة الخلصاء و المقربين جدا الذي سمح له بزيارة ولد عبد العزيز أثناء وجوده في المستشفى العسكري.

هذه المكانة الخاصة التي منحت لفضيلة الشيخ كانت قد انعكست إيجابا على العلاقة بين حزب تواصل والسلطة، فلقد كان حزب تواصل هو أول حزب معارض يعترف بفوز الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وكان أيضا هو الحزب الذي ابتدع ما عرف حينها بالمعارضة الناصحة، وفوق ذلك كله، كان هو الحزب المعارض الوحيد الذي تحالف خلال التجديد الجزئي لثلث مجلس الشيوخ مع الحزب الحاكم، وكانت تلك سابقة من نوعها في تاريخ التحالفات الحزبية في موريتانيا.

ولعل أكبر الخدمات التي قدمها حزب تواصل لنظام ولد عبد العزيز هو أنه كان هو الحزب الوحيد من بين كل أحزاب منسقية المعارضة الموريتانية الذي قبل بأن يشرع للنظام انتخابات 23 من نوفمبر، وذلك رغم أن “ميثاق شرف منسقية المعارضة” الذي وقع عليه الحزب كان قد طالب بلغة صريحة جدا، بالكف عن الانزلاق في مسارات انفرادية مع الأنظمة الحاكمة.

يضاف إلى ذلك كله أن حزب تواصل كان هو الحزب الوحيد الذي أصر على أن لا تحوي وثائق منتدى الديمقراطية والوحدة أي عبارة تطالب بإلغاء انتخابات 23 من نوفمبر، أو حتى بمجرد وصفها بالمهزلة الانتخابية.

فلماذا ساءت العلاقة بين السلطة الحاكمة وتواصل إلى أن وصلت إلى إغلاق جمعيات بما في ذلك جمعية المستقبل التي يرأسها فضيلة الشيخ محمد الحسن ولد الددو؟

الإجابة على هذا السؤال تفرض علينا أن نبحث عن السر من خارج حدود موريتانيا، وعن الصراع الدائر حاليا بين السعودية والإخوان، فالسعودية التي بذلت جهودا دبلوماسية ومالية ضخمة لإنجاح انقلاب السيسي في مصر لم تعد مستعدة لأن تقبل بفشل هذا الانقلاب حتى ولو كلفها ذلك أن تبذل المزيد من المال ومن الدبلوماسية، ومن هنا كان لابد من الاستثمار في الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي أصبح يرأس الاتحاد الإفريقي.

فبعد رئاسة ولد عبد العزيز للاتحاد الإفريقي تم الحديث عن سحب تمويل البنك الإسلامي للتنمية الخاص بتوسعة محطة الكهرباء في نواكشوط، ولكن البنك سرعان ما نفى ذلك، وقد أوفد رئيسه لنفي ذلك في زيارة أثبتت أن السعودية على استعداد لفعل أي شيء في هذه الظرفية من أجل كسب ود ولد عبد العزيز ومن أجل ضمه إلى حلفها لمحاربة الاخوان ولتوجيه ضربات قوية لهم بدأتها السعودية بخطوات غير مسبوقة من بينها سحب ثلاث سفارات خليجية من قطر، ومن بينها أيضا تصنيف الاخوان على أنهم منظمة ارهابية بنفس الدرجة مع حزب الله الذي تعتبره السعودية من ألد خصومها في المنطقة.

ومع أن علاقة ولد الددو بالسعودية ظلت ولعدة سنوات حسنة، إلا أن رفع لد الددو لشعار رابعة في عرفة لم يكن بالنسبة لحكام السعودية بالحدث العابر الذي يمكن تجاهله.

كما أن رفع مجموعة من شباب الاخوان لنفس الشعار في وجه وزير الثقافة المصري أثناء زيارته لموريتانيا لم يكن هو أيضا بالحدث العابر الذي يمكن تجاهله.

إن المواجهة بين ولد عبد العزيز واخوان موريتانيا، إن هي حدثت، لن تكون لأسباب داخلية بحتة، فالاخوان على استعداد لأن يلعبوا في هذه الظرفية دور الحزب الأكثر اعتدالا في معارضة ولد عبد العزيز وذلك لأنهم يشعرون بأنهم في وضعية سياسية مريحة فهم اليوم يمثلون الحزب المعارض الأكثر حضورا في البرلمان والبلديات، وهم أيضا قد تمكنوا من أن يوفروا لانفسهم غطاءً سياسيا واسعا بعد انتسابهم لمنتدى الديمقراطية والوحدة والذي مكنهم من الخروج من العزلة التي فرضتها عليهم المشاركة في انتخابات ٢٣ من نوفمبر.

ولذلك فقد كانت ردود حزب تواصل هادئة على كل الأحداث الأخيرة، بدءا بحادثة الاعتداء على فضيلة الشيخ الددو مرورا بمنعهم من التظاهر دفاعا عن المقدسات، وانتهاء ببياناتهم المنددة بإغلاق جمعية المستقبل، والتي جاءت أقل حدة من بعض بيانات بعض الأحزاب المعارضة الأخرى.

على الصعيد الداخلي فإن اخوان موريتانيا سيكونون على استعداد للانحناء حتى تمر العاصفة، ولكن على الصعيد الخارجي فقد لا يكون الأمر سهلا بالنسبة لهم، إذا ما أصرت السعودية على التصعيد، وإذ ما قرر الاخوان أن يبدؤوا في الدفاع عن أنفسهم، وعن شعار رابعة، في كل البلدان التي يوجدون بها./ بقلم: محمد الامين ولد الفاظل

شاهد أيضاً

لماذا غزواني ثانية؟ / محمد محمود أبو المعالي

لا جَرم أنه ما جانف الصواب من طرح اليوم السؤال عما ينتظره الموريتانيون من ترشح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *