“ثورة الشارع” تدخل منعطفا حاسما؟! (تحليل)

شكل سياق الأحداث الأخيرة في البلاد، والحزن الذي تركه “تمزيق المصاحف” في قلوب الموريتانيين، أسئلة محيرة حول تتابع هذه الأحداث وانسجامها لتخدم الشعارات التي كان البعض يحرص على رفعها في مقابل ما يسميه محاربة الإلحاد والعلمانية.

كان هذا التحول في تصعيد الشارع في وقت خرجت فيه البلاد من انتخابات تشريعية وبلدية شارك فيها التيار الإسلامي عموما بمثابة المنعطف في مجرى الأحداث، مما أثار شكوكا كثيرة حول هذه التحركات والمسار والهدف الذي تنشده.

ويبدو أن الدولة تساهلت أكثر من اللازم، إلى أن وقع المحظور.. وهنا بدا أن شماعة “الإلحاد والعلمانية” التي نشأت في أذهان البعض ممن وقعوا فريسة مواقع التواصل الإجتماعي، ما هي إلا الوجه الآخر لحرب خفية تتدثر بالدين ولكنها تهدد في واقع الأمر تماسك المجتمع وتضربه في الصميم.

المشكلة ليست في شعارات جل من يرفعها لا يعرف معناها، و إنما المشكلة الحقيقية تكمن في الهدف السياسي الذي يسعى إليه البعض لحشر البلاد فيه عبر تعطيل دورة الحياة العامة وافتعال أزمة أهلية من خلال تشويه قراءة الدين والتاريخ.

ولعل الذين شاهدوا ردات الفعل،  وسمعوا الخطاب المحرض، وتأملوا في منظومة التشارك والإختلاف في استغلال الشارع، سيجدون أن الموضوع يتعلق بمشروع موازي لجهة ما، لكنه مازال في طور التهيئة.

إذا كان الإسلاميون هم من يقف وراء هذا التوتر، وهم المشاركون في البرلمان الجديد، فهذا يعني أنهم لم يستوعبوا الدرس جيدا..

لماذا الإسلاميين؟ لأن الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات أمس بإغلاق بعض المؤسسات التابعة للإخوان المسلمين “جمعية المستقبل” و”مستشفى النور” و معهد تعليم البنات” ومدار س الأطلسي الحرة،تدل على وجود علاقة بين الجماعة وما يجري في الساحة هذه الأيام، ناهيك عن خفايا الملف الذي يبدو أن تصريحات وزير الإتصال والعلاقات مع البرلمان الأستاذ سيدي محمد ولد محم،الأخيرة كانت كافية لوضع النقاط على الحروف.

وهكذا تتجه الأنظار الآن إلى حزب “تواصل” الذي يعتبر الواجهة السياسية للإخوان في موريتانيا، وكيف سيتعاطى مع تلك التطورات؟ ومدى قدرته على التماسك خاصة وأن طيفا واسعا من شعبيته التحق به في الإنتخابات الاخيرة لدواعي توازنات قبلية وجهوية أكثر منها انتماءات إيديولوجية./ س.ابنيجاره