Zwei Fotos im Frame
Foto 1 Foto 2

الصحفي المقيم في بريطانيا السلطان البان يكتب : صراع الأجندة في قمّة جدة

عاد بايدن من زيارته يجر ذيول الخيبة و الانكسار بعد لقائه بزعماء دول الخليج العربي و شركاء المنطقة ، وكانت زيارة بايدن قد حملت عنوانًا عريضًا -الأمن و التنمية- ضمن موضعين أساسيين كانا على رأس أجندة الزيارة الامريكية هما ؛ تأمين احتياجات الطاقة و الذي إعتقد الرئيس الامريكي أن ورقة الضغط على الخليج لزيادة الانتاج يمكن أن تجد طريقها إلى ولي العهد محمد بن سلمان الذي ردّ قائلًا ؛ إن إنتاج السعودية من النفط لا يمكن أن يزيد على 13 مليون برميل يوميًا. في إشارة واضحة إلى انعدام التوازن في التعامل مع هذا الملف من حيث وقف الاستثمارات في القطاع، وهذا ما جعل العالم يغرق في أزمة إقتصادية خانقة.

فشل بايدن في تحقيق المقاربة الأولى والأكثر أهمية بالنسبة لأهداف الزيارة وهذا يعني مزيدا من الضغوط بين منتجي النفط الأمريكان وإدارة الرئيس الاميركي و هذا طبعًا من شأنه أن يزيد من التضخم و ارتفاع سعر الطاقة، هذه المشاكل وغيرها ستكون أولى المستقبلين للرئيس الأمريكي بعد أيام من عودته لبلاده . و كالة رويترز للانباء ذكرت في عنوانها الأبرز بُعيد القمة..”زيارة بايدن لمنطقة الخليج فشلت في تحقيق أهدافها “

كانت الدول العربية تعيش على إسطوانة القوة الامريكية لعقود من الزمن باعتبار البيت الأبيض هو القبلة و البوصلة الموجهة للسياسات العالمية ، و دأب الزعيم العربي على عبادة البيت الأبيض لإيمانه بأنه يملك مفاتيح الأمن و التنمية و هي الجهة الوحيدة القادرة على إطالة أعمار الحكومات داخل الجمهوريات و المماليك، و لأول مرة في تاريخ العرب ضمن حوار العلاقات الدولية متعددة الأقطاب تُصفع الولايات المتحدة الامريكية، حيث جاءت تصريحات مصر كالتالي “أهلا وسهلا بالعلاقات الامريكية العربية إذا كانت المصالح والمنفعة مشتركة و أضاف الرئيس المصري أن دولا عربية مثل ليبيا والعراق تضررت كثيرا من دعم بعض الدول الغربية لتواجد مليشيات على أراضيها و من ضمن تلك الدول الداعمة طبعا الولايات المتحدة الامريكية.

ولي العهد السعودي فاجأ الحضور وقدّم لچو بايدن جملة من الدروس تؤكد أن الموازين الدولية قد تغيّرت وأن العهد الجديد برعاية إبن سلمان يختلف تماما عن السّابق، وقال ولي العهد السعودي بأن على الولايات المتحدة الاميركية احترام إختلاف القيّم الموجودة عند كل الشعوب، و هذا يعني بأن سياسة الإملاء التي تتبناها الولايات المتحدة الامريكية مع شركائها الدوليين الهادفة إلى تغيير القيّم المجتمعية و الترويج لأفكار و مفاهيم غريبة على المجتمعات العربية تحت يافطة الحرية و الديمقراطية و غيرها قد ولّت وبلا رجعة،و لم ينتهي حديث ولي العهد عند هذا الحد بل قرأ على مسامع الوفد الأمريكي صفحات من التاريخ الأسود لسياسة الامريكية في الشرق الأوسط مثل واقعة -سجن أبو غريب- البعيدة من الأَنسَنة ومقتل الصحافية الأمريكية شرين أبو عاقلة.

وجاءت معظم التدخلات العربية الخليجية متفقة على مبدأ رفض أي فرض لرؤية أمريكية في الشؤون الداخلية لهذه الدول أو تلك ، وهذه هي أقوى كلمات سمعها رئيس للولايات المتحدة الامريكية من الجانب العربي على مرّ التاريخ في إعتقادي المتواضع خصوصا أنها جاءت ردًا على محاولة يائسة من الجانب الامريكي لفرض شروط معينة تساعد في حل أزمة ليسوا طرفا فيها. وبالتالي بايدن فشل في الدفع بعجلة الاقتصاد العالمي من دفة النفط الخليجي والتي كانت تمثل بالنسبة له ضوء في آخر النّفق للخروج من وحل الازمة الروسيه الاوكرانية ، بل كان بايدن متشبثًا إلى عهدٍ قريب بمقترحاته في الجانب الخليجي منذ إندلاع الأزمة الإقتصادية التي إنعكست سلبًا على الجانب الأوروبي أكثر من إنعكاساتها على الأطراف الفاعلة.

و بالعودة إلى تصريحات بايدن والتي تشير إلى جزء من أسباب القمة الخليجية الأمريكية و التي عبّر خلالها بالتصريح التالي “لن أترك فجوة في المنطقة تستغلها الصين و روسيا” وهذا يعني أن الأمريكان أدركوا حقيقة ما يجري بين مصر و دول الخليج العربي فهما يعيشان أحلى أيام علاقاتهما بالدّب الروسي و التنين الصيني! المسكين بايدن جاء إلى القمة مثقلاً بأوزار التضخم والركود و سعر الفائدة المرتفع والتذمر الشعبي؛ ليغادرها و هو أشد إحباطا و خجلًا و السؤال المهم هنا -هل يعني هذا أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تتجرع مرارة سياستها الإملائية على شعوب المنطقة العربية؟ و في الاتجاه الآخر هل سيدوم الموقف العربي الموحد في وجه أعتى دول العالم و أكثرها هيمنة على الشعوب العربية رغم امتلاك هذه الاخيرة لأوراق إقتصادية رابحة و على رأسها المنافذ التجارية العالمية بنسبة تتجاوز 12% و التي يمكن أن تستغل لإستمرار توحيد الصّف العربي الذي يعاني من التصدع منذ أمدٍ بعيد؟