Zwei Fotos im Frame
Foto 1 Foto 2

محمد محمود ولد بكار/ يكتب : لابد أن يكون هنالك سقف في القانون للسياسية وللخطاب والمفردات

فكرة الوحدة الوطنية بطريقتها التي يتم طرحها فينا اليوم لم تتغير عن اليوم الأول حينما كانت دفتنا السياسية تحركها نخبة 1957 السينغالية التي تؤجرها فرنسا والتي رحلت إلي البلد مع مشروع الدولة الجديدة ، وهي فكرة رجعية بالنسبة لعالم اليوم و لمسار تطور المفاهيم السياسية والحقوقية فيه ، وتدميرية بطريقة طرحها الحالي التي تستبطن صيغ عصية على الحل النهائي بل لا ترضى بأي نوع من أنواع الحل كما شاهدنا في مثيلاتها من القضايا المطروحة مثل فكرة الإرث الإنساني وقضية العبودية التي تجاوزت إطارها القانوني إلى إطار سياسي محدد بلون البشرة فقط ،وهي بالتالي مطالب وأفكار تقسيمية مشحونة بالعاطفة الشفونية والانتقام من الأبرياء على أفعال الأجداد وتقسيم البلد على اساس اللون ومحاكمة التاريخ بشكل أرعن وتكريس المطالب العرقية في القرن 21 ، وهو في الواقع طرح لا يخدم السلم الأهلي ولا الغلاف الاجتماعى للدولة ،ولم يكن قبولها في حوار “عاشر ” بين نخبة البلد وفي كل مرحلة ومنعرج خلال ستين سنة عمر الدولة ، بالأمر الواقعي ، فقد تم حسمها في كل الحوارات السابقة ، واليوم ليست إلا لأجل تأخير المساطر والإجراءات التنفيذية والوظيفية لمقتضيات الاتفاقات السابقة التي كانت تأسيسية،وفي سابقة ، كانت ذات طابع قانوني رجعي، وتفضيلية لأصحاب المظالم ، لكن طرحها اليوم على بساط البحث ليس سوى تكرس التنافر وتشحن مشاعر المواطنين ضد بعضهم ، وفرض العودة للوراء بالنسبة للحسم ،وكأنه لم يتحقق أي شيء خلال كل الوقت الماضي ، وأن لامجتمع والدولة يجب أن يخضعا لتكريس واقعا سياسيا ليس بالقانوني ولا بالواقعي وليس موجود سوى في أذهان السياسيين ، وبالتالي سيطرة الذين يريدون فرضه على الواقع المحلي القائم ،كأمر واقع ،ولا يريدونه أن ينفك ولا أن يتحسن أبدا بما هو حصانهم السياسي ، وهذا غير صحيح وغير مقبول في الواقع الموضوعي ولا في الإطار الوطني ،وليس هو حالتنا الحقيقية ، نحن حالتنا وما نحتاجه هو تعميق الدولة الوطنية ، دولة القانون والمواطنة ،أن تكون هناك دولة وطنية وهناك مواطن وهناك قانون ،هذه العناصر الثلاثة هي ما نحتاجه وما يجب أن يكون عليه رهاننا السياسي والوطني وما يجب أن يكون موضوع الحوارات والنقاشات والاصطفافات السياسية ،وهو أيضا ما يجب أن يكون مجالا لترقية عملنا المفاهيمي السياسي والوطني ، وميدان تطور وعي نخبتنا وشعبنا ،أما الدعوات الأخرى القائمة على أساس اللون سواء من طرف الزنوج أو من طرف إحدى مكونات جسم البيظان فهي تسعى دائما لترك أبواب التخلف والتجزئة والتقسيم والعنف مفتوحة بشحن العواطف وتسميم الجو العام للسلم وللثقة والاحترام المتبادلين داخل الجسم الوطني ، لابد من أن يكون هنالك سقف في القانون للسياسية وللخطاب والمفردات ،يفرض الالتزام بالمصطلحات السياسية حسب تعريفها القانوني والسياسي العلمي والدولي وحسب نشأتها وتطورها وليس فقط اجترار المصطلحات واجتراح حقول خاصة لها في مجتمعنا تقوم على التأجيج والشحن والتخوين العرقي ،الذي يخدم مصلحة أصحاب الطموح السياسي المستعدون للوصول إلى أهدافهم على جثث الأبرياء ،ولأجل الحفاظ على شعبية يمكن لهب مشاعرها ونفخ صدورها واستخدامها في الأغراض السياسية الخاصة حتى ولو كانت مدفوعة الثمن والأفكار ، وضد انصهارها في مجتمعها وفي دولتها حسب التطور التدريجي الطبيعي والموضوعي للتاريخ وللوعي الاجتماعي،عبر هذه الفوضى المفتوحة للخطابات التي لاسقف لها في التاريخ ولا في القانون ولا في السياسية .
وهذا النمط لا يمكن قبوله في جو حكم وطني يفتح آفاق السلم الاجتماعى ويجعله أساس ومحور سياساته وانفاقه السخي ،لأنه وبعكس ذلك كان السب في تدمير الدول مازلت تئن تحت وطأته إلى اليوم مثل لبنان ودول إفريقيا التي تعرضت له خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي وجعلهم فريسة للاقتتال وظهور التطرف الاجتماعى إلى اليوم ، خاصة وأن بلدنا يشهد الكشف المتزايد عن خيرات وثروات ليست بالقليلة في ظرف يشهد ثورة أسعار المواد الأولية .
فلابد والحالة هذه من مسؤولية قوية للدولة بأن تضع حدا لفصل المنح السياسية للأفراد من أجل تنمية قدراتهم الخطابية وتجديد الثقة للذين أخفقوا في مسيراتهم العنصرية ضد وحدة البلد من خلال منحهم فرصة جديدة وشرعية لتمثيل الشعب وتطلعاته وفق ذلك الخطاب ذي الشرعية البالية والمضرة بالبلد من جهة ،وحماية المجتمع والدولة ووضع محددات وسقوف للخطابات السياسية الوطنية القائمة على شرعية ومشروعية المفاهيم والمطالب السياسية للشعب والمجتمع حسب القواميس السياسية والقانونية العالمية وحسب حاجة مجتمعنا من جهة ثانية .ولا لترك وحدة البلد والسكينة الاجتماعية تحت رحمة تقلبات تبديل جلد السياسيين الفاشلين .إنه في الحقيقة لم يدر في خلدي أننا سنفتح البلد لمسار جديد من توليد المفاهيم والمطالب غير الشرعية لتفكيك البلد وإعطاء أصحاب النوايا السيئة فرصة جديدة لنفث مطالبهم العنصرية في إطار شرعي .
من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار