12 مايو 2024 , 19:07

قراءة للحرب الروسية الاوكرانية / اباي ولد اداعة


قد يشكل الغزو الروسي الأخير لدولة أوكرانيا تحديا كبيرا للعالم ومنعطفا جديدا في التعامل مع القضايا والأحداث الدولية .
الأمر الذي سيضع النظام الدولي علي المحك أمام هكذا وضع والحد من تدخل وهيمنة القطب الواحد.
إن كانت هذه الحرب غير متكافئة بين البلدين فإنها بدأت بملامح حرب عالمية ثالثة وأخذت بعدا آخر كما يري البعض من خلال
دخول حلفاء الغرب برئاسة أمريكا علي خط المواجهة تحت مظلة حلف شمال الأطلسي.
فكانت مواقف مجموعة دول الإتحاد الأوروبي أكثر حماس واندفاع ودعم للقضية الأوكرانية ،في حين كانت مواقف الولايات المتحدة الأمريكية أقل حدة وتصعيد الأمرالذي سيستبعد اي تصادم حالي بين عملاقي سلاح الدمار الشامل أمريكا و روسيا.
ما يطفو علي السطح من تصريحات و تهديدات يبقي من قبيل الحرب النفسية ليس إلا.
إن دعم حلف الأطلسي والإتحاد الأوروبي العسكري غير ميداني المباشر و المستمر لحكومة أوكرانيا من خلال سياسات الردع وحزمة العقوبات الواسعة التي ليست بأقل شرارة من دوي المدافع و قصف الصواريخ والتي شملت مختلف مناحي الحياة الإقتصادية و التجارية و المالية والإعلامية والرياضة .
اختلطت فيها السياسة بالاقتصاد والرياضة التي كان إدراجها ضمن قائمة العقوبات مسألة خارج الإطار القانوني طبقا للنظم الرياضية.
سبيلا في شل و إعاقة اقتصاد روسيا وخلق قطيعة وعزلة تامة مع العالم.
التصريحات العدائية لروسيا من بعض دول حلف الأطلسي بالتزامن مع شعور موسكو بمرارة العقوبات الإقتصادية والعزلة الدولية أثارت حفيظة النظام الروسي من خلال تأكيده وضع قوات الردع النووي في حالة تأهب قصوي استعدادا لاتساع رقعة الحرب إن اقتضت الضرورة، رسائل تحذير بمعني آخر.
ردع نووي روسي بوجه عقوبات مدمرة ماذا بعد ؟
ثم ما هي أسباب إقدام روسيا علي هذه المخاطرة من خلال الحشد العسكري الكبير لقواتها ؟
دون الغوص في الأسباب و الدوافع التاريخية ثمة أمور طارئة شكلت هاجسا لدي النظام الروسي لتجاوز هذه الأزمة وإعادة رسم خارطة أوروبية جديدة و إرساء نظام عالمي جديد مبني علي أسس وعلاقة متوازنة.
1 – وقف توسيع حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) .
2 – خلق ميدان جديد للهيمنة الروسية.
3 – محاولة التحكم في الطريقة التي تتم بها مناقشة الأزمة الأوكرانية برمتها.
4 – قطع الطريق امام انضمام أوكرانيا للإتحاد الأوروبي.
5 – هجوم الدب الروسي جاء بدافع حماية مصالحة الأمنية والقومية.
6 – الرغبة الروسية المتكررة في إثبات نفسها لاعبا جيو سياسيا بالتزامن مع تراجع الردع الأمريكي.
ففي ظل الموقف الأمريكي الحالي.
لماذا رسم بايدن خط أحمر بإرسال قوات أمريكية الي أوكرانيا للتدخل ميدانيا في أكثر الأزمات السياسية الخارجية أهمية خلال فترة رئاسته ؟
لأنه لم يتبني سياسة التدخل العسكري و لاتوجد مصالح تتعلق بالأمن القومي الأمريكي.
فاوكرانيا اولا ليست جارة للولايات المتحدة وليست بها قاعدة عسكرية أمريكية و لاتوجد بها احتياطات استراتيجية من البترول كما أنها ليست شريكا تجاريا رئيسيا ولا عضوا في حلف الناتو.
وفي إطار تداعيات الحرب وانعكاساتها علي اقتصاد العالم قد يشكل احتمالات وقف إمدادات النفط والغاز الروسي الي الدول الأوروبية مصدر قلقي أوروبي وعالمي إزاء وضع أسعار الأسواق النفطية وما سيسبب من اضطرابات و تأزم في الأوضاع الاقتصادية والصناعية.
كما يمكن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن تتأثر بتداعيات الحرب في مجال تجارة المواد الزراعية وإنتاج الحبوب في دول منطقة البحر الأسود. حيث أن هذه الدول في عمومها تعاني من أزمات معيشية قد تزيد من معاناة شعوبها جراء ارتفاعات محتملة في أسعار القمح نتيجة قلة حجم المعروض في الأسواق العالمية وعدم استقرار منطقةالانتاج.
بالإضافة إلي اعتماد وارتكاز السلة الغذائية لشعوب المنطقة العربية و الإفريقية علي مادة القمح الروسي والاوكراني بدرجة أولي.
بينما تبقي للحرب تأثيرات اخري كتدفق اللاجئين من منطقة الحرب الي دول الإتحاد الأوروبي وما يمكن أن تشكله من ضغوط على برنامج المساعدات العالمي لللاجئين.
بالمقابل سيظل من الضروري للنظام الروسي في ظل صراع النفوذ الأوروبي الروسي في المنطقة واتساع رقعة الحرب ان يحسم الوضع سريعا وهو علي عتبة أبواب مداخل مدينة اكييف ليضع الإتحاد الأوروبي أمام أمر الواقع أو ينصاع لخيار المفاوضات و اكراهات الحرب والعقوبات الاقتصادية و لو بأقل المكاسب تفاديا لإطالة الحرب والمزيد من الخسائر البشرية والاقتصادية.
الي متي ستظل شعوب العالم رهن صراعات القوي الاقتصادية والعسكرية العالمية في ظل غياب تام لنظام دولي عادل يؤسس لتعايش سلمي وتسامح وعدالة ومساواة اسعادا للبشرية ؟
جنبنا الله وإياكم الفتن والحروب.
اباي ولد اداعة.

شاهد أيضاً

الهيئة الزطنية للأرصاد الجوية تتوقع ارتفاعا ملحوظا لدرجات الحرارة.

قالت الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية إن الأربع والعشرين ساعة القادمة ستشهد ارتفاعا ملحوظا لدرجات الحرارة، …