انواكشوط: مجانين يعيشون بين أرصفة الطرقات وعلى هوامش المدينة الفاضلة

تحقيق- المرابع ميديا: تراهم في الأسواق ينظرون ,وفي الشوارع يهيمون ,وفي الزقق  يتحدثون على طريقتهم وعنها يرضون ،يمشون الهوين في وسط المدينة الفاضلة التي أصبحوا وجها من وجوهها المتعددة ..شريحة تلفت انتباهك أينما تواجدت ..لا ضوضاء العاصمة تثير انتباههم ولا هدوءها يحرك مشاعرهم ..إنهم مجانين  العاصمة  انواكشوط التي أردنا في  وكالة مرابع ميديا ان نسلط  عليهم الضوء من خلال هذ التحقيق الصحفي..

إعداد:الشيخ المهدي ولد النجاشي.

جن جنونه ,مسه من الجن مايكفيه,بلغ ذروة عقله ,أو أصابه سحر ,تجاوز المنطق إلى الخيال,عبارات لها مكانتها في عالم الجن والمجانين ومبررات يجدها البسطاء من الناس لهولاء,قد تتخذ مكانتها في نفوسهم لكنها لا تكفي لعزائهم وما هم فيه ويختلفون في كل شيء,ويتفقون في الجنون حسب ساكنة المدينة التي لا يشعرون بها إلا قليلا عند الحاجة الماسة..

على قارعة الطريق…

يتخذ الجانين من قارعة الطريق مأوى لهم ,يلجئون إليه بين الفينة والأخرى,يختلفون في الأماكن ويتفقون في الطريقة والظروف ,يسكنون بين الأزقة الضيقة والشوارع الرسمية,وعند أبواب المكاتب وحتى بعض زوايا الاداراة..ناس ضاعوا في فضاء المدينة المفتوحة في لحظة من لحظات الضعف الذي ينتاب النفس البشرية ,تراهم يهيمون ويترنحون ,ينامون تحت الأشجار وعلى الأرصفة وعتبات المستشفيات والدكاكين …

ويلبسون الرث من الثياب كل على طرقته الخاصة ,رث عندنا نحن العامة لكنه في اعتقادهم يبدو الأحسن والأجود,حفاة عراة يمشون لا يبالون بحرارة الشمس وارتفاعها ولا في وسخ الأرض ونقائها ,لا يبالون بالأخر في لبسه ومشيه,بكل شيء لايهتمون,تسكنهم القناعة وعدم الاهتمام بما يجري حولهم ,يرضون بالقليل ويكتفون باللاشيء,حالهم يشعرك بضياعهم بين عالم الجن ومدينة الإنس الفاضلة.

بقايا طعام يكفي…

يعيشون على ماتجود به أيادي الخيرين والمحسنين من الناس ,يرضون بما يقدم لهم من بقايا الطعام الذي يتصدق به البعض عليهم ,يمرون أوقات الوجبات اليومية على أبواب المنازل في العاصمة,يبحثون عن فتات طعام رموه أصحابه  لحيوانات المدينة ,يأكلون منه ويشربون من بقايا أشربة كانت يوما صالحة للاستعمال ,لايبالون بخطورة مايقومون به ,ولا الناس احتاطت لهم سببا في ذلك ,كل بأسلوبه ومنهجه ,وكل له وقفات ومحطات يمر بها يوميا ويحسب لها حساب ,مجانين من نوع خاص,لا أهالي يسالون عنهم ولا مآزر لهم في محنتهم ,يعيشون بهذه الطريقة ويشربون بنفس الحال ,قد يرتدون الثياب الرثة وقد تبلى حتى تنشق من الأسفل إلى الأعلى وتصبح بقايا بقايا ملابس.

حديث ذو شجون …

منهم الخطيب ومنهم الأعجمي ومنهم السياسي البارع والغبي الجاهل ,يختلفون في الدرجات والأفكار,أحاديثهم ذو شجون لا تخلو من الطرافة والغرابة يتحدثون في السياسة ويتكلمون في الشرع يهتمون بالشعر وينتقدون الأشخاص ويؤيدون المواقف ولهم في مايجري رأي قد يتسم بالحكمة عندما تكون تخرج من أفواه المجانين ,يتكلمون متى شاؤا,ويصمتون متى أرادوا ذلك ,وقد يكون وراء صمتهم حكاية ,كما  وراء عالمهم الغريب حكاية أخرى,تغيب عنا طلاسمها فهم يعيشون عالمين عالمنا وعالم الجن كما يقول البعض ,أو عالم الخيال والعقد كما يقول البعض الآخر,لكنهم يتحدثون وحديثهم ذو شجون تستمع إليهم وتبقى في حيرة من أمرهم ,دمدمات وهمهمات وصرخات وضحكات بين الفينة والأخرى,وأحاديث عن المرأة والسياسة والمال والأعمال ,وينتابك الخوف والإحساس بالضياع معهم ,تتأمل في حالهم فلا مفر من الفضول عليهم ,علك تواسيهم في وضعهم أو تسال عن حالتهم فلا المجتمع يتقبلهم ولا يهتم بهم ولا الحكومة تبالي بهم وهم أصبحوا من وجوه العاصمة التي لاستغنى إلا إذا باعت حليها وبكت من أمرها علها بذلك تجد طريقة لإنقاذهم من ماهي فيه ..

ضحكة مجنونك …

ورغم ما يتعرض له هولاء من تهميش وتضيق لا زالوا يزرعون البسمة على محيى الناس بحكاياتهم وقصصهم التي لاتخلو من الطرافة والظرافة ويقول المثل :ضحكت مجنون لا أتفوتك.مجسدا بذلك المساهمة التي يجود بها هولاء عن قصد أو غير قصد فكثيرة هي قصصهم وجميلة هي حكاياتهم التي يتداولها الجميع فما كان من السلطات والمجتمع بصفة عامة إلا أن وضعوا ماسات هذه الشريحة من أبناء الوطن على الهامش حيث يسكنون .اليسواشخاصا يتكلمون ويتنفسون أما أنا فعساي من الجنون الكتابة وسعاهم من الجنون المعانات فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء يا أهل موريتانيا الجديدة.