26 أبريل 2024 , 4:26

حصري : الصحافة الإلكترونية في موريتانيا : جهود الضبط والتنظيم وتحديات “قسم التحقيقات” 

تناول العدد 66 من صحيفة المرابع الصادر اليوم الثلاثاء في ملف الرئيسي موضوع الصحافة الإلكترونية في موريتانيا على ضوء مصادقة مجلس الوزراء على قانون الخدمة الإلكترونية.

وجاء في الملف:

تكمل الصحافة الالكترونية في موريتانيا عقدين من عمرها، وهي التي رأت النور مع بداية الألفية، بعدد من المواقع سرعان ما تزايدت لتشكل واجهة الإعلام في البلد وتستحوذ على اهتمام الرأي العام، والمصدر الأول للخبر والمعلومة، مستفيدة من عامل السرعة والقدرة على الانتشار، مقابل تراجع الصحافة الورقية التي وجدت نفسها تصارع من أجل البقاء، أمام المنافسة الشرسة وغير المتكافئة مع الإعلام الالكتروني.

هذا الدور الكبير الذي اصبحت تلعبه الصحافة الإلكترونية في المشهد الإعلامي لموريتانيا، وتلك المكانة التي اصبحت تحتلها في الاهتمام سلط الضوء على مكامن الخلل التي رافقت نشوء هذا النمط الإعلامي الجديد وتلك الإكراهات التي عجزت بسببها الصحافة الالكترونية عن الالتزام بالكثير من المعايير المهنية وأخلاقيات وشرف المهنة الصحفية المتعارف عليها، بفعل العوامل الذاتية المتعلقة بالإعلام الالكتروني ذاته، وسهولة الولوج إلى هذا النوع من الصحافة التي جعلته مفتوحا أمام الجميع مما أضعف من قدرته على الالتزام بتلك المعايير والمنافسة بين المواقع في السبق والتفرد بالأخبار التي كانت على حساب الأخلاقيات المهنية حتى أصبح الخبر الصحفي الالكتروني في بعض الأحيان، فاقدا للمصداقية، بسبب العوامل السالفة الذكر.

مشكلة تتعمق

وإلى جانب تلك العوامل الذاتية التي أثرت مهنية الصحافة الالكترونية، جاءت الطامة الكبرى كما يقال مع دخول مواقع التواصل الاجتماعي على المشهد، ليختلط  الحابل بالنابل في الإعلام الجديدة ويزيد الطين بلة، مع ما رافق ذلك من اتساع لشرخ غياب المهنية.

التداخل بين مكونات الإعلام الجديد وتحول الصفحات إلى تقديم الخدمة الإخبارية الصحفية زاد من عمق أزمة المهنية في الإعلام الالكتروني خصوصا مع قدرة الصفحات الاجتماعية على جمع كل وسائط الإعلام من صوت وصورة وفيديو ونص في آن واحد وبسرعة وانتشار أكبر، وغياب أي قدرة على الرقابة والضبط على هذه الصفحات وهو أمر جعل الأعلام الالكتروني أمام منافسة جديدة فرضت عليها أيضا مجاراة هذا الإعلام الجديد مما جعله أمام سهام المنتقدين الذين لا يفرقون بين ما يصدر عن المواقع والصفحات، وأيضا اعتماد بعض المواقع الالكترونية أيضا على الصفحات كمصدر مما زاد من عمق أزمة المصداقية وغياب المهنية.

تحديات المهنية والمصداقية التي رافقت الصحافة الالكترونية منذ نشأتها تقريبا وازداد عمقا مع تطور ثورة الاتصال رغم ما اتاحت من فرصة للتحديث والعصرنة، هذه التحديات كانت دائما الدافع القوي أمام محاولات التمهين عبر إيجاد الأطر القانونية والتشريعية الناظمة لهذه النمط من الصحافة، وكلما كانت الجهود اقرب إلى تشكيل ذلك الاطار كانت التطور في نظم الاتصال يفرض إكراهات جديدة تجعل تلك القوانين غير فعالة في تنظيم وضبط القطاع، قبل أن تحين فرصة إصدار قانون جديد للصحافة الالكترونية في موريتانيا وهو القانون الذي صادق عليه مجلس الوزراء في اجتماعه وتم التمهيد له بورشات جمعت المعنيين وأجيال المهنة الصحفية في البلاد في محاولة للإحاطة بالإجراءات القانونية الكفيلة بتنظيم القطاع..

وجاء القانون

وصادق مجلس الوزراء على مشروع مرسوم يحدد الخدمة الصحفية الالكترونية.

يهدف المرسوم الحالي إلى تحديد الخدمة الصحفية الالكترونية وذلك تطبيقا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة السادسة جديدة من القانون رقم 2011-025 الصادر بتاريخ 8 مارس 2011 المعدل لبعض أحكام الأمر القانوني رقم 017 – 2006 الصادر بتاريخ 12 يوليو 2006 المتعلق بحرية الصحافة.

ويسد مشروع المرسوم فراغا قانونيا ظل قائما منذ 2011، حيث يعرف الخدمة الصحفية الالكترونية إيجابا وسلبا ويؤكد وجوب التصريح بها لدى وكيل الجمهورية وتسجيلها لدى القطاع المكلف بالاتصال، إضافة إلى اشتراط وجود صحفيين مهنيين ضمن طاقم الخدمة الالكترونية.

وبخصوص مشروع مرسوم القانون الخاص بالخدمة الصحفية، بين وزير الثقافة الناطق باسم الحكومة المختار ولد داهي أن هذا المرسوم، يعرف الخدمة الصحفية ويرسخ العمل بالتصريح فقط لدى وكيل الجمهورية، غير أنه يضيف إليها التسجيل عند الإدارة المختصة بالإعلام الإلكتروني في الوزارة، إلى جانب اشتراط أن يكون العاملون في الخدمة، صحفيين مهنيين على الأقل.

كما يستثني من الخدمة الصحفية ما ينشر في شبكات التواصل الاجتماعي، وما يتم عرضه لأغراض إشهارية، مشيرا إلى أن هذا المرسوم كان قد ألزم قانون 2011 بسنه، وقد تمت مناقشة هذا المرسوم مع الفاعلين في المشهد الصحفي، وتم التوافق عليه قبل عرضه على مجلس الوزراء.

آمال الإصلاح

وعبر بعض الفاعلين عن الأمل في أن تكون مصادقة مجلس الوزراء على مشروع القانون المتعلق بالصحافة الالكترونية بداية لضبط وتنظيم هذا المجال وبداية للمصادقة على مجمل النصوص التي يعكف عليها القطاع الوصي.

ورأى هؤلاء أن هذه المصادقة تؤشر إلى أن ثمة ديناميكية تعكسها الورشات التي تناقش هذه القضايا وسرعة وصولها الى مجلس الوزراء للمصادقة عليها .

كما يرى آخرون أن الوزارة تتقدم بخطوات واثقة في تنفيذ خطة إصلاح قطاع الإعلام التي أقرتها الحكومة.

وبدأت الوزارة بضبط وتنظيم الخدمة الصحفية الالكترونية حيث نظمت قبل صدور هذا القانون ملتقى للفاعلين في الحقل الإعلامي لوضع وخطوط عريضة لهذا لإصلاح وتنظيم هذه الخدمة الهامة بمشاركة خبراء المهنة وعمدائها.

وقد أجمع  الحاضرون بين عدة قضايا تنظيمية وضبطية، على اشتراط ما يلي لمن يريد تقديم هذه الخدمة :تثبيت التصريح لدى وكالة الجمهورية؛ وتسجيل التصريح لدى المصالح المختصة بالوزارة و التوقيع على تعهد مكتوب سيتم إعداد نموذجه بمقرر من الوزير المكلف بالاتصال؛ واشتراط  أهلية الدعم بتوفر الخدمة الصحفية على جهاز تحرير يضم  ثلاثة صحفيين مهنيين.

والصحفي المهني هو من تخرج من مدرسة عليا للصحافة و مارس المهنة عامين على الأقل بهيئة إعلامية؛ أو من حصل على باكلوريا+4 و مارس 4 سنوات بهيئة إعلامية وفق عقد عمل كامل الشروط مع اشتراط ألا يكون منتميا لسلك مهني وظيفي آخر.

مسودة القانون

وناقش عدد من الإعلاميين الموريتانيين مسودة مرسوم مقدم من وزارة الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان لتنظيم الإعلام الإلكتروني في البلاد.

وجاءت مسودة المرسوم في 16 مادة، تم إعدادها من طرف خبير مستقل لصالح الوزارة، وأبدى الإعلاميون الذي حضروا الاجتماع الذي خصص لنقاشها اليوم في فندق موري سانتر ملاحظاتهم عليها.

وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، المختار ولد داهي، أكد التزام قطاعه بتنفيذ كل ما تتفق عليه الأسرة الإعلامية من إصلاحات للحقل الصحفي، وذلك بناء على تعليمات من الرئيس محمد ولد الغزواني.

وأضاف ولد داهي أن توصيات لجنة إصلاح قطاع الصحافة تمت ترجمتها إلى قوانين ومراسيم، سترى النور قريبا بحول الله، مما سينعكس إيجابا على المشهد عموما عبر زيادة الدعم العمومي له وتمهينه.

 وأوضح الوزير أن مسودة المرسوم ستحدد الخدمة الصحفية الإلكترونية، وترسم الحدود بينها مع الخدمات الإلكترونية الأخرى، التي لا علاقة لها بالمجال الصحفي، كما أنها سترسخ شرط التصريح فقط لدى النيابة العامة عند إنشاء خدمة صحفية إلكترونية، تبسيطا للإجراءات وتشجيعا للحرية الإعلامية، مع اعتماد معايير من شأنها أن تساهم في تمهين المشهد والتقليل من تمييعه.

 وعبر ولد داهي عن أمله في أن يخرج المشاركون في الورشة بمقترح يطور الحقل الإعلامي، من خلال نص ينحاز للتمهين والمعيارية ويستوعب كل انفتاح وتسامح، ويضع بكل صرامة الحواجز أمام التمييع واللا معيارية ويمنع كل ما من شأنه النيل من شرف المهنة الصحفية.

شاهد أيضاً

نواكشوط .. بحضور سفير أمير المؤمنين صاحب الجلالة ومعالي وزير الاقتصاد انطلاق أشغال المنتدى الاقتصادي الموريتاني المغربي “صور حصرية”

بحضور سفير أمير المؤمنين صاحب الجلالة سعادة حميد شبار، ووزير الشؤون الاقتصادية عبد السلاام محمد …