28 مارس 2024 , 18:36

حصري : هل بات قطار الحوار جاهزا للانطلاقة؟ “قسم التحقيقات”

تناول العدد الـ63 من صحيفة “المرابع” الصادر اليوم الثلاثاء في الملف التحليلي موضوع الحوار السياسي المرتقب وذلك تحت عنوان:

بعد هدوء عاصفة بيان المعارضة

هل بات قطار الحوار جاهزا للانطلاقة؟

وجاء فيه :

في وقت خفت فيه عاصفة الجدل حول بيان لثمانية أحزاب معارضة، حول الحوار المرتقب الذي تعتزم السلطات إطلاقه قريبا، باتت اهتمام الرأي العام والشارع السياسي منصبا حول أمكانية أن يكون هذا الهدوء مؤشرا على حسم العديد من الإشكالات التي تثير الخلاف بين الأغلبية الداعمة للرئيس الغزواني والأحزاب المعارضة التي كانت قد أثارت الجدل بانتقادها الأخير حول الحوار والأوضاع السياسية في البلد.

ومع أن الخلاف بين الجانبين برز أساسا في أمور شكلية متعلقة بماهية هذا الحوار، وما إذا كان يسمى تشاورا كما يطلق عليه في أوساط الأغلبية، مما يثير مخاوف المعارضة من كون ذلك قد يجعله لا يرقى إلى حجم الملفات والرهانات السياسية والاجتماعية التي تنتظره- مع هذا الخلاف الشكلي الذي طغى على المشهد- إلا أن ما يبدو من تطمينات من قبل السلطات بخصوص شمولية هذا الحوار وكونه سيكون ميدانا لتناول كل القضايا، وهي تطمينات أزالت على ما يبدو اللبس حول إشكالية التسمية، وأعادت للساحة السياسية نوعا من الهدوء والتفاؤل.

ويبدو أن ذلك الجدل الذي تصاعد شهر أغسطس الماضي حول الحوار بعد بيان الثمانية أحزاب معارضة، ساهم أيضا في بعث نوع من الحركية إلى أروقة النشاط السياسي المرتبط بالحوار، ليس من خلال رد ضمني عليه من طرف تنسيقية الأحزاب الممثلة في البرلمان التي اجتمعت في اليوم الموالي لبيان المعارضة، لإعادة تنشيط وإحياء خارطة الطريق الممهدة للحوار التي كانت قد أطلقتها تلك الأحزاب شهر مارس الماضي.

بل تلا ذلك حراكا متجددا في الساحة السياسية سواء على مستوى الأغلبية والحزب الحاكم من خلال سلسلة الأنشطة المرتبطة بالحوار، أو نشاطات أحزاب وشخصيات المعارضة حول نفس الموضوع، وهي كلها أنشطة تؤكد ما يبدو أنه قرب تحديد موعد للحوار المرتقب.

بل تحدثت بعض المصادر عن رغبة السلطات العمومية في إطلاق هذا الحوار أو التشاور منتصف أكتوبر المقبل، وهو أيضا ما يدل عليه توالي أحداث ومؤشرات أخرى على قرب انطلاق قطار الحوار تنظره ملفات عديدة وتعلق عليه آمال.

اختبار المشاركة

أول من وجهت له دعوة المشاركة كان مكتب مجلس الشيوخ السابق، من خلال دعوة الرئيس ولد الغزواني الجمعة قبل الماضي لأولئك الشيوخ خلال استقباله لهم  للمشاركة في التشاور السياسي المرتقب.

ومع الاستعداد المبدئي من طرف كافة أطياف المشهد السياسي للمشاركة بل والإلحاح من طرف الجميع بضرورة الإسراع في هذا الحوار، فإن شيطان تلك المشاركة الفعلية يكمن في التفاصيل كما يقال.

خصوصا أن تاريخ مشاركات الأطراف السياسية في الحوارات بهذا البلد عرفت الكثير من الحالات التي تتخذ فيها بعض الأطراف مشاركتها سلاحا لفرض شروطها، وذريعة لأي فشل محتمل، وسلاحا للحصول على تنازل من خصومها حتى قبل الجلوس على طاولة الحوار أو التشاور.

فكثير ما كان الحوار ينطلق مسبوقا بالكثير من الجدل والترقب لينجلي غبار المعركة عن تخلف الأطراف الوازنة أو بعضها على الأقل، مما يفقد الحوار الوصول إلى النتائج المنتظرة منه،  وتحويله إلى حوار لطرف واحد مع نفسه، أو جزء يسير من الأطراف  السياسية لتكون النتائج مجتزئة مما يكون مدعاة لحوارات أخرى وهكذا دواليك.

ومع أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مثّل استثناء في التعاطي مع الطيف السياسي ودشن مرحلة جديدة من الانفتاح غداة تسلمه السلطة، وكان ذلك مبعث إشادة من طرف الجميع في إطار ما اصطلح على تسميته ب”تخليق” الممارسة السياسية وفتح القصر الرئاسي أمام جميع القوى السياسي بدون استثناء، وخرجت جميع شخصيات الطيف السياسي والحزبي من لقاءاته الثنائية بالكثير من الرضا حول أسلوبه في التعاطي مع القضايا والملفات التي يتناولها مع ضيوفه.

لذلك تبقى هذه المؤشرات المرتبطة بأسلوب الرئيس الغزواني في جمع شمل الطبقة السياسية تحت مظلة المصلحة الوطنية الجامعة، بارقة أمل في انطلاق حوار أو تشاور مختلف عن سابقيه من الحوارات التي عرفها البلد على مدى تاريخه، وميلاد عهد جديد من الثقة بين مكونات المشهد السياسي بكافة أطيافه حول ما يمكن أن يكون مصلحة وطنية هي الهدف الذي يسعى إليه الجميع.

الملفات إشكالية أخرى

لا يعني حسم مشكل حجم المشاركة والاستجابة للحضور دعوة الحوار، وجود طريق سالك لتحقيق حوار يلبي جميع الشروط ويستجيب لكل الرهانات وتعلق عليه آمال الإصلاح وتعزيز المسار الديمقراطي، وتقوية الوئام الاجتماعي.

نعم هي أهداف منتظرة من أي مشاركة واسعة الحجم في الحوار، لكنها تصطدم بإشكالية أخرى مرتبطة بنوعية جدول الأعمال وأجندة الحوار وشكل الملفات التي ستوضع على الطاولة، والتفاوت الصارخ في رؤية الأطراف السياسية لكل تلك الملفات بحسب زاوية نظر كل منها، وهي عقبة أيضا كانت دائما تؤدي إلى حوار منقوص النتائج مهما كان حجم المشاركة، بل كانت أسلوب التعاطي مع هذه الملفات وترتيبها على الطاولة سببا في تحديد مستوى وحجم المشاركة.

صحيح أنه من حيث المبدأ تصر جميع الأطراف المعنية بمسألة إطلاق الحوار، أن لا تابوهات أو فيتو ضد أي ملف أو إشكالية يراد إثارتها في الحوار، وأن كل نقاش حول هذه الملفات وترتيبها وأولويتها يجب أن يكون على طاولة النقاش، وهو ما يعطي أملا في إزاحة هذه العقبة التي قد تعرض تحقيق نتائج للحوار.. لكن الشيطان دائما يكمن في التفاصيل، وحساسية بعض الملفات التقليدية أيضا دائما كانت تقوض الاستفاضة في طرحها على النقاش.

كما أن ترتيب الأولويات المتعلقة بهذه الملفات وأحقية كل منها بالحصول على ما يكفي من الوقت والجهد كلها أمور تؤثر على الانتظارات والتطلعات نحو حوار يختلف عن جولات سابقة شهدتها موريتانيا على مدى تاريخها السياسي الحديث.

أجواء التحضير..

كشف تسارع وتيرة الأنشطة واللقاءات السياسية خلال الأسابيع الأخيرة عن تدشين الأطراف السياسية مرحلة العد التنازلي لتاريخ الحوار، بل ذهب بعض التسريبات إلى منتصف الشهر المقبل(أكتوبر) كتاريخ مرتقب أو أواخر نفس الشهر.

حراك أعقب على ما يبدو بيان الثمانية أحزاب معارضة الذي وصف بالعاصف عندما أكدت في بيان لها في الـ17 أغسطس المنصرم “أنه أمام خطورة الأوضاع التي تشهدها موريتانيا فإننا نحن الأحزاب والتحالفات الحزبية للمعارضة الديمقراطية المجتمعين بدافع من الغيرة الوطنية، تدق ناقوس الخطر ونوجه نداء إلى حكومة الرئيس محمد ولد محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني من أجل إدراك حجم المخاطر التي تتهدد البلد”.

وأكدت الأحزاب في بيانها “أنه إيماناً منها بدولة القانون وتعلقاً بتجذير الديمقراطية ندعو إلى استحضار وازع الوطنية والمسؤولية من طرف الجميع من أجل تنظيم حوار وطني جامع جدي وبناء يمكن من تجاوز هذه الأوضاع المنذرة بكثير من الأخطار وذلك من أجل إعادة تأسيس العقد الاجتماعي على قاعدة من الإنصاف والعدالة الاجتماعية.

وتزامن الجدل المرتبط بالبيان مع اجتماع دعت له الرئاسة الموريتانية في اليوم الموالي خاص بالأحزاب المنخرطة في منسقية الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان وهي أحزاب أغلبية الرئيس وأحزاب المعارضة المهادنة.

وشارك في ذلك الاجتماع حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم ولأحزاب اتحاد القوى الشعبية، واتحاد قوى التقدم، والاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم، والتحالف الشعبي التقدمي، والتحالف الوطني للديمقراطية، وتكتل القوى الديمقراطية، والإصلاح، والحراك الشبابي، والحوار، والصواب، والكرامة، وطلائع قوى التغيير الديمقراطي.

ويبدو أن ما خرج بذلك الاجتماع يعزز الانطباع بأن التحضير لإطلاق الحوار دخل مرحلة جديدة.

وثائق الحوار

وأعلنت “منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان” (تضم 12 أحزابا من المعارضة والموالاة) في 24 فبراير الماضي في وثيقة لها طرح خارطة طريق لتنظيم حوار سياسي مع الحكومة.

ويعتبر هذا الحوار (أو التشاور كما ترغب الحكومة في تسميته) هو الأول من نوعه منذ انتخاب الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني منتصف 2019 الذي عمد إلى التهدئة مع القوى السياسية وحرص على عقد لقاءات مع معظم قادة أحزاب المعارضة في خطوة دفعتها للإعلان عن منح النظام الجديد “فرصة للإصلاح”.

ووفق وثيقة منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان، فإن مواضيع الحوار ستركز على “المسار الديمقراطي، والإصلاحات الدستورية والتشريعية، وتعزيز دولة القانون، وتطبيع الحياة السياسية، ومعالجة إشكالية الرق ومخلفاته، ومكافحة الفساد، وإصلاح القضاء، والإصلاح الإداري والعقاري، وحماية المصالح العليا للبلد”.

وأشارت إلى أن الحوار سيكون على مرحلتين الأولى ستبدأ بإعلان رئيس الجمهورية أو من يُفوّضه، عن الدعوة للتشاور الوطني، ثم تشكيل لجنة تحضيرية للحوار تتفق عليها القوى السياسية المشاركة.

وأكدت الوثيقة، على ضرورة الانتهاء من المرحلة الأولى خلال 3 أو 4 أسابيع، فيما تستمر المرحلة الثانية 5 أو 6 أسابيع، والتي تقوم على جلسات للتشاور.

ومن الأحزاب السياسية الموقعة على الوثيقة: حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” الحاكم (89 نائبا من أصل 157 مجموع أعضاء البرلمان)، وأحزاب “التحالف الوطني الديمقراطي” (4 نواب)، و”تكتل القوى الديمقراطية” (3 نواب)، و”اتحاد قوى التقدم” (3 نواب)، وحزب “الصواب” (3 نواب).

وقبل وثيقة فبراير 2021 الخاصة بالحوار صدرت في يوليو 2020 وثيقة مشابهة رأت أنها تسعى لتهيئة أرضية ملائمة لنقاش القضايا السياسية في البلد.

وهكذا أقرت أحزاب موالية وأخرى معارضة ممثلة في البرلمان في الـ06 من يوليو 2020 وثيقة  “تسعى إلى التهيئة لأرضية مواتية لنقاش القضايا السياسية الجوهرية للبلد”.

وصادقت الأحزاب التي حضرت الاجتماع على مواصلة المشاركة في ما وصفته بـ”المجهود الوطني لمحاربة كوفيد 19، ومواكبة السلطات العمومية في هذا الصدد عبر تحيين خطة عمل منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان لمواجهة المرحلة الثانية من انتشار الوباء ومواكبة الخطة المعلن عنها من طرف الرئيس محمد ولد الغزواني بمناسبة خطاب عيد الفطر المبارك”.

كما ناقش رؤساء الأحزاب الموالية والمعارضة – وفقا لإيجاز من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية –  الآليات الأنجع للمشاركة في التصدي للوباء، وتدارسوا أدوات متابعة تنفيذ القرارات واستشراف ما بعد كوفيد 19، وتعزيز أجواء التشاور والثقة بين أحزاب المنسقية.

ومن بين رؤساء الأحزاب الذين حضروا الاجتماع رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم سيد محمد الطالب أعمر، ورئيس حزب التحالف الوطني الديمقراطي يعقوب ولد امين، ورئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير، ورئيس حزب الصواب عبد السلام ولد حرمه.

شاهد أيضاً

معالي الوزيرة صفية انتهاه تطلق توزيعات نقدية لصالح أسر متقاعدي وقدامي قوات الأمن “صور”

أشرفت وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة و الأسرة، السيدة صفية بنت انتهاه، صباح اليوم الخميس في …