26 أبريل 2024 , 4:52

حصري : إجراءات ضبط الأسعار: هل تكبح تصاعد الغلاء في الأسواق؟ قسم التحقيقات

استعرض العدد ال 62 من صحيفة “المرابع” الصادر اليوم الثلاثاء الـ14 سبتمبر الإجراءات الجديدة التي اتخذتها الحكومة بهدف خفض الغلاء وضبط أسعار المواد الأساسية.

وجاء ملف العدد تحت عنوان: الإجراءات الجديدة لضبط الأسعار.. هل تكبح تصاعد الغلاء في الأسواق؟

وفي تفاصيل الملف “مع التصاعد الصاروخي للأسعار في الأسواق، خصوصا منها تلك المواد الأساسية التموينية، تصاعد الجدل بشأن المبررات التي أدت إلى هذا الواقع الجديد، ومدى اهتمام السلطات العمومية بالوقوف في وجه هذا الغلاء التي يستنزف جيوب المواطنين ويحد من القدرة الشرائية للأغلبية منهم خصوصا أصحاب الدخل المحدود.

ومع ما يبدو من أسباب مباشرة لهذا الغلاء والمتمثل في ارتفاع أسعار تلك المواد المستورد من الخارج من مصدرها في الأسواق الدولية نتيجة تداعيات الأزمة الصحية على المصانع العالمية، تركز الجدل حول الخطوات الواجب إتباعها على الصعيد الداخلي لوقف هذا الغلاء وضبط أسعار المواد الأساسية، أو ما سماه البعض الإدارة الفعالة من طرف الحكومة لهذه الأزمة التي تشهدها الأسواق وتؤثر على حياة المواطن.

وإذا كانت الارتفاعات في أسعار المواد المستورد من الخارج هي السبب في الغلاء هي السبب الذي يتفهمه المواطن، فإن ما بدا غير مقبول وغير مبرر هو الارتفاع في أسعار المواد الأساسية التموينية التي مصدرها محلي مثل اللحوم والأسماك والألبان المحلية، والأرز المنتج في مزارع البلد، وهي مواد ارتفعت أيضا بالتوازي مع ارتفاع نظيراتها المستوردة من الخارج، مما يطرح التساؤل حول عوامل غير تجارية ربما تكون احتكارا أو ركوبا لموجه الارتفاع العالمي للأسعار أو تأثر تلك المواد المحلية بارتفاع أسعار بعض مدخلاتها المستوردة من الخارج أو ارتفاع أسعار النقل.

خطوات وتدابير

موجة الارتفاع الملاحظ في الأسعار لم تكن غائبة عن اهتمام السلطات العمومية المسؤولة عن مواجهة كل ما شأنه أن يؤثر على حياة المواطن وحصوله على مقومات العيش الكريم.

وكانت السلطات العمومية ترصد وتراقب عن كثب هذه الارتفاعات وتتدارس بشكل متأتي سبل مواجهتها والعمل على إعداد خطط تكبح جماح هذا الصعود المتنامي في الأسعار، فكانت في كل مرة تتخذ ما يلزم، وكانت من أهم تلك الخطوات شبه إلغاء لجمركة هذه المواد الأساسية، دون أن يساهم ذلك في خفض أسعارها بالطبع لأن منشأ الارتفاع خارجي، وبالتالي سوف لن يكون لإلغاء الجمركة أي تأثير كبير على الأسعار في هذه الحالة.

وفي بداية تحركها لاحتواء الارتفاع القياسي في أسعار المواد الأساسية صادقت الحكومة قبل أشهر على مشروع مرسوم لتحديد أسعار المواد الأساسية التموينية وهو المشروع الذي استهدف توسيع قائمة المنتجات والخدمات الخاصة الخاضعة لتحديد الأسعار طبقا للمرسوم رقم 2016-067 الصادر بتاريخ 11 ابريل 2016. وهو ما يشكل ترسيخا قانونيا للتدابير التي اتخذتها السلطات العمومية بغية إيجاد حلول مناسبة لارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية الواسعة الاستهلاك في السوق الوطنية.

ثم جاءت خطوات أخرى بدعم من الفاعلين الاقتصاديين ورجال الأعمال لمساعدة المواطنين على مواجهة هذا الغلاء وشهدت نواكشوط قبل أسابيع افتتاح 300 حانوت لبيع المواد الأساسية بأسعار مخفضة نسبيا بالمقارنة مع أسعارها في الأسواق، لكن الخطوة لم تحقق هدفها نظرا لعدم كفاية المعروض من تلك المواد المخفضة لحاجيات السكان وكذلك لضآلة عدد هذه الحوانيت وسوء توزيعها على المناطق والمقاطعات بالمقارنة مع حجم الطلب من السكان.

قبل أن تعلن الحكومة بعد ذلك عن خطة تعكف عليها لإعداد مسطرة جديدة للتحكم في أسعار المواد الأساسية وإدارتها بهدف مواجهة الأسعار وجعل القوة الشرائية للمواطنين ذات قيمة على حد تعبير الوزير الدي ولد الزين وزير الصيد والاقتصاد البحري وزير التجارة وكالة.

وبالموازاة مع هذه المساعي كشفت مصادر أن الجهات العليا في البلد أصدرت توجيهات إلى القطاعات المعنية بإنشاء شركة عمومية جديدة ستكون مهمتها ضبط أسعار المواد الأساسية التموينية وخفض الغلاء، على غرار المهمة السابقة للشركة الوطنية للإيراد والتصدير “سونمكس”.

وبحسب هذه المصادر فإن الخطوة تأتي استجابة لمطالب المواطنين بضرورة تحرك الدولة بشكل سريع وفعال لاحتواء موجة الغلاء التي تشهدها أسعار المواد التموينية الأساسية في الأسواق.

ويأمل المواطنون من هذه الخطوة أن تساهم في التصدي للاحتكارات وارتفاع الأسعار المرتبط بعوامل خارجية وأهمها تأثير الأزمة الصحية العالمية وغيرها من العوامل المؤثرة على منحنيات الأسعار.

تخفيضات وإجراءات موازية

وهكذا أثمرت مختلف الجهود والخطط التي بدأتها الحكومة مع موجة الارتفاع الملحوظة في الأسعار عن قرارات جديدة اتخذها مجلس الوزراء الأخير بتحديد أسعار جديدة للمواد الغذائية الأساسية من خلال لائحة شملت الأرز والسكر والزيوت وبعض مشتقات الألبان ثم اللحوم.

وتقضي التسعيرة الجديدة بتخفيض لأسعار هذه المواد بنسبة 10 بالمائة عن أسعارها الحالية فيما تتضمن بنودا أخرى تشمل زيادة تموين دكاكين “تآزر” بنسبة 50 بالمائة وكذلك زيادة تموين محلات بيع السمك عبر شركة توزيع الأسماك.

وترأس الوزير الأول محمد ولد بلال بشكل متزامن مع هذه الإجراءات اجتماعا للجنة الوزارية المكلفة بضبط ومتابعة أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني للحكومة بضرورة المواجهة الفعالة والسريعة للارتفاع الأخير في أسعار هذه المواد، بما يضمن حماية القدرة الشرائية للمواطنين والتخفيف من تأثيرات تقلبات السوق على حياتهم اليومية.

وقد عكفت اللجنة خلال هذا الاجتماع على دراسة أفضل السبل لتطبيق الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في اجتماعها يوم الـ 8 سبتمبر 2021 في هذا النطاق، وعلى وضع آلية ناجعة لمتابعتها والتثبت من الالتزام الصارم بها.

وبناء على ذلك أقرت اللجنة الوزارية ما يلي:

1- تفعيل لجنة متابعة الأسواق ومدها بالوسائل العملية الكفيلة بتمكينها من القيام بالمهمة المسندة إليها على أكمل وجه؛

2- استكمال كل المتطلبات الإجرائية والقانونية الضرورية للبدء في التنفيذ الفوري والصارم للتدابير المتخذة، بما في ذلك تنزيل التخفيضات في الأسعار على المستوى الجهوي حرصا على عدم تجاوز الهوامش المترتبة على نقل المواد من العاصمة؛

3- ضمان التزويد الدائم لحوانيت “تآزر” بالمواد الاستهلاكية الأساسية، وزيادة كميات الحصص الحالية الموجهة لهذه الحوانيت بالنصف؛

4- التنفيذ الفوري للاتفاق المبرم مع الجزارين القاضي بتخفيض أسعار اللحوم الحمراء؛

5- رفع كميات الأسماك الموزعة شهريا بسعر خمس أواق جديدة لتصل 1000 طن، وإضافة 500 طن من النوعيات الأجود المستعملة على نطاق واسع في الوجبات الرئيسية وبيعها بـ 70 أوقية جديدة؛

6- تعبئة السلطات الإدارية على المستوى الجهوي على ضرورة الحرص على تطبيق هذه الإجراءات بالصرامة المطلوبة؛ والتنسيق في ذلك مع الإدارة المركزية للتغلب على كل العوائق الملاحظة؛

7- وضع آلية متابعة على مستوى ديوان الوزير الأول، لمواكبة الجهود التي يتم القيام بها في مجال مراقبة الأسعار والالتزام بالإجراءات المتخذة لهذا الغرض، والمساعدة في معالجة أية اختلالات تتم ملاحظتها؛

وفي الأخير شدد معالي الوزير الأول على ضرورة الالتزام المطلق بتنفيذ كل التدابير التي اتخذتها السلطات العمومية في مجال ضبط الأسعار، مؤكدا على أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال التساهل في هذه المسألة الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على الظروف المعيشية للمواطنين.

الأمل والهواجس

ومع الآمال المعلقة على الخطوات الأخيرة من طرف الحكومة الهادفة إلى الوقوف في وجه الغلاء وكبح جماح التصاعد الصاروخي في أسعار المواد الأساسية، لا تزال هناك الهواجس من إمكانية تطبيق هذه الإجراءات في الميدان والخشية من تلاعب طرف التجار والباعة بهذه اللائحة الجديدة للأسعار، خصوصا مع تجارب سابقة عديدة كانت فيها الحكومة تتخذ بعض الإجراءات دون أن تتحقق على الأرض وفي الأسواق، وهو ما يجعل الصرامة في تطبيق هذه الإجراءات الجديدة مطلبا ملحا من خلال لجان في الميدان تسهر وتراقب الأسواق وتتخذ ما يلزم ضد المخالفين للائحة الأسعار الجديدة حتى لا يفرغ هذا التخفيض من مضمونة وحتى لا يبقى المواطن فريسة للغلاء المتصاعد.

شاهد أيضاً

نواكشوط .. بحضور سفير أمير المؤمنين صاحب الجلالة ومعالي وزير الاقتصاد انطلاق أشغال المنتدى الاقتصادي الموريتاني المغربي “صور حصرية”

بحضور سفير أمير المؤمنين صاحب الجلالة سعادة حميد شبار، ووزير الشؤون الاقتصادية عبد السلاام محمد …