تسوية ملف ديون الكويت على بلادنا : فوائد اقتصادية وتنموية وتعزيز لمؤشرات القدرة على الاستدانة

شكل التوصل لاتفاق نهائي بين موريتانيا ودولة الكويت لتسوية ملف ديون الأخيرة المتراكمة على بلادنا خطوة مهمة لإنهاء مسألة عالقة استعصت على مختلف الأنظمة المتعاقبة على بلادنا أن تجد لها حلا، رغم وجود فرص متعددة كان يمكن استخدامها لحلحلة هذه المسألة التي كانت تأثيراتها جلية على حجم مديونيتنا من جهة وعلى قدرة البلاد على استمالة المستثمرين والحصول على القروض.

ووفرت هذه الاتفاقية لموريتانيا جملة من المزايا في مقدمتها تخفيف لمديونيتها وتوفير فرص لتمويل مشاريع تنموية، وتعزيز الثقة في قدرة البلاد على الوفاء بالتزاماتها وتقوية مؤشراتها المتعلقة بالقدرة على الاستدانة.

وجاءت هذه الاتفاقية كنتاج لسياسة رصينة انتهجها فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، داخليا بالانفتاح على مختلف أنواع الطيف السياسي، وخارجيا بتعزيز دور بلادنا في محيطها الإقليمي والعربي والإفريقي مما دفعها لطرح مختلف القضايا التي تؤثر على التنمية والتي يأتي في مقدمتها المديونية، ليس بالنسبة لبلادنا فقط بل لمجموعة دول الخمس ولجل دول القارة الإفريقية.

وكان هذا الاتفاق محل إشادة و تثمين من طرف مختلف أنواع الطيف الوطني سياسي وجمعوي، لما ترتب عليه ‏من مزايا ‏ليست اقتصادية وتنموية فقط بل شكلت دعما وترسيخا لعلاقات الصداقة المتميزة التي جمعت بين البلدين وشعبيهما الشقيقين، حيث كانت دولة الكويت إلى جانب موريتانيا منذ استقلالها و حتى يومنا هذا دعما و ‏مؤازرة في مختلف خططها وبرامجها التنموية وهو ما كانت هذه الديون بمختلف أنواعها شاهدة عليه وكان الاتفاق على جدولتها اليوم برهانا على قوة علاقة البلدين، وإرادة قائديهما على تعزيزها وتطويرها والدفع بها نحو آفاق أرحب.

فقد أشاد مختلف من التقاهم موفد الوكالة الموريتانية للأنباء في إطار إعداد هذا التقرير بهذا الاتفاق وما سيترتب عليه من مزايا اقتصادية ومشاريع تنموية ستساهم في تحقيق الأهداف الموضوعة، إضافة لتعزيز المؤشرات الاقتصادية، مما يشكل دعما لجهود تحسين مناخ الأعمال وخلق الظروف المواتية للاستثمار الأجنبي، والحصول على قروض ميسرة لتمويل المشاريع التنموية.

فقد عبر النائب البرلماني السيد المختار ولد أخليف، رئيس اتحاد مكاتب الجاليات الموريتانية في العالم، عن غبطة الاتحاد واعتزازه بالتسوية النهائية لديون دولة الكويت الشقيقة على بلادنا، مشيرا إلى أن هذه الديون أرقت الدولة وأثقلت كاهلها وحالت دون التقدم الاقتصادي والرفاه المنشود لمواطنينا.

وأضاف أن الاتحاد يثمن عاليا هذا الإنجاز الهام الذي كان محل ترحيب من كل المؤسسات الاقتصادية ومجتمع رجال الأعمال وحتى من المواطنين العاديين، مذكرا بأن ملف ديون الكويت على بلادنا عجزت كل الحكومات السابقة عن تسويتها أو التخلص منها.

وقال إن اتحاد مكاتب الجاليات الموريتانية في العالم، يشكر فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، على هذا الإنجاز الهام الذي يضاف إلى إنجازاته المتتالية في فترة وجيزة، مشيرا إلى أن هذا الإنجاز يأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي انحسارا مشهودا بسبب جائحة كورونا.

وأوضح أن هذا الاتفاق يظهر قدرة الدبلوماسية الموريتانية على إدارة الأزمات وحل المشكلات المستعصية الموروثة عن الحكومات التي سبقتها.

وأوضح الإطار المالي السيد محمد الأمين ولد محمد آب، المدير المالي للشركة الوطنية للمحروقات، أن إعادة تنظيم وهيكلة الدين الكويتي تشكل عاملا أساسيا يساهم في تخفيف عبئ المديونية سواء كان ذلك من حيث التخفيض المباشر لخدمة هذا الدين (إلغاء95% من الفوائد) أومن حيث تأجيل السداد (تسديد أصل الدّين على مدى 20 عاما، مع فترة سماح مدتها سنتين).

وأضاف أن هذا الاتفاق سيساهم كذلك في معالجة مشاكل السيولة الناتجة عن المدفوعات الحالية والمستقبلية مما سيكون له الأثر الإيجابي على انخفاض مؤشرات المديونية وبالتالي تعزيز ثقة الدولة لدى الممولين.

وقال إن هذا الاتفاق الذي مكن من إعادة هيكلة هذا الدين وتسويته تسوية نهائية يعتبر انتصارا تاريخيا ينضاف إلى النجاحات التي تحققت في عهد رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وحكومته على المستوى الاقتصادي والدبلوماسي مما سينعكس إيجابا على حياة المواطن.

وذكر بأن هذا الدين بدأ منتصف سبعينيات القرن الماضي، وهو عبارة عن قرض أولي قيمته 46 مليون دولار، كانت لتعويض المساهمين الأجانب في شركة “ميفيرما” بغية تأميمها لتصبح شركة وطنية موريتانية ثم قرض ثاني قيمته 4.5 مليون دولار خصصت لتغطية حصة شركة سنيم من رأس مال شركة ساميا وكذلك وديعة لدى البنك المركزي الموريتاني بقيمة 36 مليون دولار ليصل بذلك إجمالي أصل الدين إلى ما يقارب 85 مليون دولار ، مشيرا إلى أن الفوائد المترتبة على هذا الدين وصلت بفعل تراكمها على مدى 47 سنة، إلى ما يناهز 1,5 مليار دولار، الشيء الذي أدى إلى ارتفاع مؤشرات مديونية الدولة وزعزع ثقتها لدى الممولين الدوليين.

أما النائب البرلماني عن دائرة مقاطعة سيلبابي، السيد آمدو يرو باري، فقد ثمن هذا الاتفاق الذي قامت بموجبه دولة الكويت الشقيقة بإعفاء الفوائد المتراكمة على ديونها على بلادنا والتي تعود لسبعينات القرن الماضي.

وشكر دولة الكويت التي وصفها بالدولة الشقيقة والصديقة لموريتانيا على الدعم والمساعدة التي قدمتها لبلادنا منذ استقلالها، مشيرا إلى أنه وبالإضافة إلى الدعم المادي كانت هناك مراكز صحية معروفة لدى جميع الموريتانيين بنتها دولة الكويت كالمستشفى المعروف محليا ب ” طب صباح”، والمركز الطبي الذي كان يوجد في تجكجه والمعروف محليا كذلك ب ” طب الكويت”.

وهنأ فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، على هذا الاتفاق الذي يعود له الفضل شخصيا في تحقيقه على أرض الواقع، مشيرا إلى أن مختلف الحكومات المتعاقبة على إدارة البلد لم توفق في إيجاد حل لهذا الملف الذي يعود لعشرات السنين.

وأعتبر عمدة بلدية توجنين، السيد محمد الأمين ولد شعيب، أن الاتفاق المتعلق بتسوية ملف الديون الكويتية على موريتانيا يشكل مكسبا وطنيا مهما بحكم الطبيعة الخاصة لهذه الديون التي تعود أصولها لقروض دعم ساهمت في إنجاز مشاريع سيادية للدولة الموريتانية مثل مشروع تأميم شركة “ميفرما” وتغطية إصدار الأوقية والمساهمة في شركة “ساميا” لتصدير الجبس إلى غير ذلك من المشاريع التي وجهت إليها هذه القروض.

وأضاف أنه على الرغم من قدم هذه القروض التي تعود للفترة مابين 1973 و 1978، والذي نجم عنه تراكم فوائد هائلة عجزت الحكومات السابقة عن تسديدها، إلا أن محاولات التسوية السابقة فشلت في التوصل إلى إيجاد حلول لهذا الملف.

وقال إن كل الظروف الصعبة التي مر بها هذا الملف وصعوبة إيجاد حلول له جعلت من إعلان خبر اتفاق التسوية الأخير خبرا مفرحا وخطوة مهمة لدعم الاقتصاد الوطني، و لتعزيز علاقاتنا بأشقائنا الذين وقفوا إلى جانبنا في أصعب الظروف.

تقرير: هواري ولد محمد محمود

شاهد أيضاً

موريتانيا تشارك في معرض باريس للصناعة التقليدية في نسخته 120.

شاركت موريتانيا أمس السبت في معرض باريس للصناعة التقليدية في نسخته 120 المنظم بمشاركة عدد …