لغة الضاد في أرض المليون شاعر
10 أغسطس, 2021
آراء وتحاليل
طالعت أمس خبرا عن تأسيس حملة شعبية تهدف إلى التمكين للغة العربية وتطوير اللغات الوطنية، وتفعيل المادة السادسة من الدستور التي تنص على أن :” اللغات الوطنية هي العربية والبولارية والسوننكية والولفية واللغة الرسمية هي العربية.”
و قد أثار انتباهي تنوع الانتماءات الشرائحية للمكتب الذي يدير المبادرة و مستوياتهم الأكاديمية و الثقافية .
تسمية المبادرة هي : “الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية”، و شعرها هو : “معا لتفعيل المادة السادسة من الدستور الموريتاني”
و الواقع أن هذه الحملة ينبغي أن ينخرط فيها جميع العلماء و المثقفين و الأدباء و المفكرين و النواب و رؤساء الأحزاب السياسية و قادة الرأي و الصحافة و المجتمع المدني ، و ذلك لأهداف عامة منها: خلق إطار ثقافي موحد لمكونات الشعب ، و تسهيل التعاطي مع الإدارة و خدماتها بلغة مفهومة للجميع .
و الواقع أن رسمنة اللغة العربية لم تتجل في غير الخطابات الرسمية للمسؤولين و السلك القضائي و وزارة الشؤون الإسلامية و وثائق الحالة المدنية ، و بقيت الوثائق و المراسلات و التقارير و الدراسات في جميع القطاعات باللغة الفرنسية ، و ظلت مؤسسات كبيرة كشركات “اسنيم” و الماء و الكهرباء مفرنسية و وثائقها مبهمة بالنسبة للمواطنين..
تمكين اللغة العربية يبدأ من المدرسة بتعليمها و التعليم بها من البداية حتى النهاية ، فقد عاني قطاع التعليم من الارتجالية منذ الاستقلال و غياب الاستشراف في الإصلاحات المتتالية التي طبقت ، و لعل إصلاح 99 كانت الأكثر سلبية على اللغة العربية، حيث انصب اهتمام الآباء إلى اللغة الفرنسية مما أنتج جيلا يجهل اللغتين، و يكره اللغة العربية و لا يتذوق الشعر و لا يستطيع أن ينتج نصا سليما من الأخطاء الإملائية و التركيبة،
و يظل قطاع الصحة في برجه العاجي و كتاباته المسمارية التي لا يفهمها غير الطبيب و الصيدلاني ، و لا يعلم الدواء و دواعي و طريقة استعماله و آثاره الجانبية و حالات المنع غير الأطباء و المتخصصين .
و الأمر نفسه في قطاع الإسكان و الداخلية و الصيد و الزراعية و البيطرة ، و لكم أن تتصور كيف لمزارع أو منمي أن يتفيد من خدمات قطاعه و يتعرف على كيفية تطوير إنتاجه إذا كانت كل الخدمات معروضة بلغة أجنبية و مهندسو قطاعه مفرنسون أو مجبرون على التفرنس ..
و لعل المحاظر ببرامجها اللغوية المكثفة هي وحدها التي حافظت على الوجه المشرق لأرض المنارة و الرباط، و صفتها الشائعة “أرض المليون شاعر” في الوقت الذي انهارت فيه المستويات في التعليم النظامي، و أصبحت وسائط التواصل الاجتماعي الشغل الشاغل لأغلب المتعلمين .
أعتقد أن على هذه الحملة أن تكتسح وسائل الإعلام و المنتديات و النوادي و الجمعيات ، و أن تصل إلى البرلمان و الجهاز التنفيذي، يجب أن تقدم ورقة في الحوار الذي سينظم حول الموضوع .
و أعتقد أن المطالب الشعبية في هذا الإطار تتلخص في :
– تعليم جميع الموريتانيين في التعليم الأساسي و الثانوي باللغة العربية ، دون إهمال اللغات الأجنبية .
– تعليم اللغات الوطنية في جميع مراحل التعليم
– تعريب جميع الوثائق و المراسلات و الدراسات و التقارير ، في جميع القطاعات.
– القيام بحملة لتعليم اللغات الوطنية و اللغة الرسمية لجميع المسؤولين في الدولة.
إسلمو ولد أحمد سالم