28 مارس 2024 , 20:23

العافية أولا / القصطلاني سيدي محمد ابراهيم

الإنسان بطبيعته يعيش بالأمل ؛ فما يزال ينظر أمامه إلى بريق الأمل و  يخطو إلى هدف حتى يلوح  له  هدف آخر

و كأن الأمل ضوء مصباح يحمله في يده و هو يسير!

و رغم أن الأمل طبيعي و الطموح مشروع إلا أن المصباح الذي يضيئ لنا الطريق لنبصر الأمل هو صمام أمان تلك المسيرة الحالمة بأسرها

و لعل ذلك المصباح هو *العافية* ؛ و لعنا نمسك بها و ننظر إليها جيدا قبل أن ننظر إلى شعلة الأمل التي تضيئ عليها العافية ببريقها الوهاج.

فقد نتعثر حين نتجاوز شكر العافية التي حظينا بها و نحن نريد الأمل.

فإن الإنسان الذي ينظر  للذي هو أحسن منه حالا  بنظرة الغيرة دون أن ينظر إلى ما هو فيه من أمن و صحة و تيسير ؛ يجد قلبه يحترق حسدا و حاله يزداد سوءا

و كان حسبه أن يقرأ ما أخرج الترمذي في سننه عن سلمة بن عبيد الله بن محصن الخطمي، عن أبيه، وكانت له صحبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا.*

و المريض الذي يشكوا مرضه بقوة و هو ينظر إلى الأصحاء و يأمل ان يكون مثلهم يزداد ألما إذا لم يتادرك أن الله عافاه مما هو أسوء حالا .

ففي كل نظرة إستطلاعية إلى الأمل ينبغي أن ننظر إلى ذواتنا التي ننظر من خلالها و نحمد الله على تلك الحال التي نحن فيها حتى ننطلق إنطلاقة سليمة و حتى لا نتعثر في الطريق فالحفاظ على ماهو موجود أولى من طلب ما هو مفقود كما يقال

و في صحيح الترمذي

قامَ أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ على المنبرِ ثمَّ بَكى فقالَ قامَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلم عامَ الأوَّلِ على المنبرِ ثمَّ بَكى فقالَ سلوا اللَّهَ العفوَ والعافيةَ فإنَّ أحدًا لم يُعطَ بعدَ اليقينِ خيرًا منَ العافيةِ*

و روى أيضا  الترمذي في سننه

عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: قلت: “يا رسول الله علمني شيئًا أسأله الله”، قال: «سل الله العافية» فمكثت أيامًا ثم جئت فقلت: “يا رسول الله، علمني شيئاً أسأله الله”، فقال لي: «يا عباس، يا عم رسول الله، سل الله العافية في الدنيا والآخرة*

فجيدر بنا أن نختار ما أختاره محمد صلى الله عليه وسلم لعمه العباس

و جدير بنا أن نذكر حال من هو أسوء منا في الدنيا و نحن نتطلع أن نكون أحسن حالا

و جدير بنا أن نحمد الله على ما نحن فيه و على حال أهلنا و وطننا و لا نخطو خطوة إلى الأمام إلا و نحن نحافظ و نحرص على صيانة ما حبانا الله من نعمة الأمن و السلم بالمقارنة مع من هم دوننا… و ما اكثرهم !!!

شاهد أيضاً

ما أصعب أن تُقاوم على جبهتين! / محمد الأمين الفاضل

منذ فترة ليست بالقصيرة، وأنا تترسخ لدي يوما بعد يوم قناعة مفادها أن هناك ضرورة …