يقول الكاتبان فريديريك لوينو وجويندولين دوس سانتوس في تقرير نشرته صحيفة “لوبوان” (Le Point) الفرنسية إن الثائر الأممي إرنستو تشي جيفارا وعددا قليلا من رفاقه من جيش التحرير الوطني كانوا يحاولون إشعال ثورة في بوليفيا، وقبل عدة أشهر من مقتله في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 1967.
ويشير التقرير إلى أن جيفارا ورفاقه وبعد أن جوّعوا وأصيبوا بالأمراض وتعقبهم الجيش ورفضهم الحزب الشيوعي البوليفي وتخلى عنهم كاسترو، لم ينجحوا في إيقاظ الوعي الثوري لدى الفلاحين البوليفيين، ويورد الكاتبان التفاصيل التي قادت إلى مقتل جيفارا.
عند الفجر، أحاط ألفا جندي بوليفي بالمعسكر الكوبي في الوادي الذي كان يقيم فيه جيفارا ورفاقه، حينها قال تشي لرفاقه: “لا أعرف لماذا، لكنني أعتقد أننا وصلنا إلى المعركة الأخيرة”. وبعد 3 ساعات من القتال، مزقت رصاصة أولى ساق تشي، ثم حطمت ثانية بندقيته.
نهاية المطاف
واندفع الجنود البوليفيون نحوه مسلحين بالبنادق، وأمسك رفيق كاسترو مسدسا آخر، كان به عطل لسوء حظه، فهم جيفارا أنه وصل إلى نهاية الطريق، وهو في عمر 39 عاما، لم يكن خائفا، فقد غادر طوعا هافانا للقتال بالكونغو ثم بوليفيا.
أشار الكاتبان إلى أن الموت كان رفيقه لفترة طويلة؛ ففي أكثر من مناسبة كادت حياته تنتهي. وعندما صوّب الجنود البوليفيون أسلحتهم نحوه، قيل إنه صرخ: “لا تطلقوا النار، أنا تشي جيفارا، وحياتي مفيدة لكم أكثر من موتي”، واعتُقل في مدرسة مهجورة مع بعض رفاقه في قرية لاهيغويرا، حيث تتراكم جثث المقاتلين.
كيف سيتم التعامل مع تشي؟ هل سيُقتل أم سيُحاكم؟ كان الجنود البوليفيون ينتظرون الأوامر، خاصة وصول العقيد خواكين زينتينو أنايا وعميل وكالة المخابرات المركزية المعروف باسم فيليكس رودريغيز.
أمر التنفيذ
في صباح اليوم التالي، كان جميع القرويين يريدون رؤية الطبيب الأرجنتيني المناضل تشي جيفارا، وسُمح لهم بدخول المدرسة. وأحضرت له معلمة القرية الطعام، وتبادلا بعض الأحاديث، إذ سألته عن سبب قدومه للقتال في بوليفيا رغم ذكائه وعائلته، خاصة المكانة الرفيعة التي كان يتمتع بها في كوبا، فأجاب “من أجل قيمي المثلى”.
تلقى عميل وكالة المخابرات المركزية رودريغيز شفرة أمر تنفيذ الإعدام الصادرة عن رئيس بوليفيا رينيه بارينتوس، وتطوع الرقيب ماريو تيران لتنفيذ الحكم، وأمره رودريغيز بعدم إطلاق النار على وجهه، بل على صدره، حتى لا يبدو موته بمثابة إعدام.
وقبل السماح للرامي تيران بالقيام بمهمته، حذر رودريغيز تشي ورفيقيه من المصير الذي ينتظرهم. لم يتفاجأ إرنستو، وسرعان ما كتب بضع كلمات على ورقة، أعطاها لرودريغيز، طالبا منه إرسالها إلى زوجته. ووفقا لشهادة أخرى، كان الحوار بين رودريغيز وتشي أكثر تشنجا، حيث اتهم تشي رودريغيز بأنه خائن قبل أن يبصق في وجهه.
لم يجرؤ على إطلاق النار