المدرسة الجمهورية خطوة مفصلية في مسار بناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية

لقد شكّل قرار فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني بإطلاق المدرسة الجمهورية في خطاب أمبود 2021 خطوة تاريخية ومفصلية في مسار بناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية. فقد أعاد هذا القرار الاعتبار لدور المدرسة في توحيد أبناء الوطن وتعزيز قيم الانتماء والمساواة بين جميع مكونات الشعب، بعيدًا عن الفوارق والتمييز. 

إن المدرسة الجمهورية ليست مجرد مشروع تربوي، بل هي رؤية وطنية شاملة تهدف إلى ترسيخ اللحمة الاجتماعية، وتوفير تعليم نوعي لجميع الأطفال دون استثناء، بما يضمن تكافؤ الفرص ويؤسس لجيل متصالح مع ذاته ومعتز بهويته. وإن هذا التوجه الاستراتيجي لرئيس الجمهورية يعكس التزامًا صادقًا ببناء موريتانيا عادلة، موحدة ومتقدمة، قوامها المعرفة والمواطنة وقيم الجمهورية.

وفيما يلي ورقة تفصيلة عن ماهية المدرسة الجمهورية مبادئها وأهدافها :

مقدمة

تُعد المدرسة من أهم المؤسسات التي يعتمد عليها المجتمع في تربية الأجيال وإعدادهم للمستقبل. وقد شكّلت المدرسة الجمهورية نموذجًا تربويًا حديثًا يهدف إلى بناء مجتمع متماسك يقوم على قيم العدالة والمساواة والمواطنة. فهي ليست مجرد فضاء للتعلّم، بل هي مشروع حضاري يضع التعليم في خدمة الدولة والمجتمع، ويجعل من كل طفل مشروع مواطن واعٍ وقادر على الإسهام في التنمية.

و سنحاول التعرّف على مفهوم المدرسة الجمهورية، المبادئ التي تقوم عليها، أهدافها، ودورها في غرس قيم الجمهورية وتقليص الفوارق داخل المجتمع.

أولًا: مفهوم المدرسة الجمهورية

المدرسة الجمهورية هي مؤسسة تربوية عمومية مفتوحة أمام جميع أبناء الوطن دون تمييز. تقوم على تعليم موحّد يضمن تكافؤ الفرص، ويهدف إلى نشر قيم الجمهورية وترسيخ روح المواطنة. وتستند المدرسة الجمهورية إلى رؤية مفادها أن التعليم ملك مشترك للجميع وليس امتيازًا لفئة دون أخرى، وأنه السبيل الأساسي لتحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي.

ثانيًا: المبادئ الأساسية للمدرسة الجمهورية

تقوم المدرسة الجمهورية على مجموعة من المبادئ التي تعكس فلسفتها وتوجّهها التربوي، من أهمها:

1. المجانية

التعليم حق طبيعي لكل طفل، ويجب أن يُقدم مجانًا من طرف الدولة حتى تتم إزالة العوائق المالية أمام التعلم.

2. الإلزامية

تفرض الدولة التمدرس لفترة زمنية محددة حتى تضمن أن جميع الأطفال قد حصلوا على قاعدة معرفية مشتركة.

3- المساواة وتكافؤ الفرص

جميع المتعلمين يُعاملون بنفس القدر من العناية والاحترام دون النظر إلى الانتماء الاجتماعي، أو الجغرافي، أو الثقافي.

4 . التربية على القيم الجمهورية

مثل احترام القانون، الحرية، العدالة، التضامن، والتعاون.

ثالثًا: أهداف المدرسة الجمهورية

تسعى المدرسة الجمهورية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التربوية والإنسانية والاجتماعية، من أبرزها:

1. اكتساب المعارف والمهارات الأساسية في اللغات والعلوم والرياضيات والتكنولوجيا.

2. تنمية شخصية المتعلم من خلال تشجيع التفكير النقدي، والإبداع، والاعتماد على النفس.

3. إعداد المتعلم للحياة المهنية عبر تزويده بالمهارات الضرورية للاندماج في سوق العمل.

4. تكوين مواطن مسؤول يحترم القانون، ويشارك في الحياة العامة، ويدرك واجباته وحقوقه.

5. تعزيز الانفتاح على العالم مع التمسك بالقيم الوطنية والثقافية.

رابعًا: دور المدرسة الجمهورية في غرس قيم الجمهورية

تلعب المدرسة الجمهورية دورًا محوريًا في ترسيخ القيم الوطنية والمدنية لدى الناشئة من خلال:

تعليم مبادئ الحرية والعدالة والمساواة واحترام الآخر.

تشجيع التسامح ونبذ العنف والتمييز.

ترسيخ روح التعاون والعمل الجماعي.

تدريب المتعلمين على ممارسة الديمقراطية داخل الفصل من خلال الحوار واحترام الرأي الآخر.

التربية على حب الوطن والانتماء إليه بعيدًا عن التعصب والانغلاق.

خامسًا: دور المدرسة الجمهورية في تقليص الفوارق الاجتماعية

من أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة الفوارق الاجتماعية بين مكونات الشعب. وتلعب المدرسة الجمهورية دورًا فعّالًا في الحد من هذه الفوارق، وذلك من خلال:

1. ضمان تعليم موحّد للجميع دون استثناء أو امتياز لأي فئة اجتماعية.

2. توفير الدعم المدرسي والاجتماعي للمتعلمين الذين يعيشون ظروفًا صعبة.

3. تمكين أبناء المناطق الريفية والحضرية من نفس المناهج والامتحانات والفرص.

4. فتح الطريق أمام الترقي الاجتماعي من خلال التعليم بدل الوراثة الاجتماعية والثروات.

5. بناء مجتمع متماسك يقلّ فيه الإقصاء والتهميش ويكثر فيه الاندماج والمساواة.

إن المدرسة الجمهورية ليست مجرد مبنى تعليمي أو برنامج دراسي، بل هي مشروع مجتمعي يرمي إلى تكوين جيل يحمل قيم الجمهورية ويؤمن بالمساواة والعدالة والعمل المشترك. ومن خلالها يصبح التعليم محرّكًا أساسيًا للتقدم والتنمية وتقليص الفوارق داخل المجتمع.

وعليه، فإن دعم المدرسة الجمهورية والتمسك بمبادئها هو استثمار في مستقبل الوطن، وفي بناء إنسان مستنير، مسؤول، وفاعل في تنمية بلده.

المفتش التربوي: عبدالله محمد فال عبد القادر/ مفتش التعليم أساسي في بوكى.

عبدالله محمد فال عبد القادر: مفتش تعليم أساسي