الرؤية الحكيمة لتمكين الشباب و ترسيخ مفهوم دولة المواطنة

يشير مفهوم تمكين الشباب إلي تلك العملية التي يتم من خلالها تشجيع جيل الشباب لأخذ زمام حياتهم و تعزيز دورهم في مختلف المجالات التنموية .
كما تهدف أيضا لتنمية قدرات و مهارات الشباب و إتاحة الفرصة لهم بشكل عادل لتحسين و تمكين وصولهم إلي الموارد التي يحتاجونها و تغير إدراكهم للأمور نحو الأفضل .
بغية توظيف هذه القدرات بما يحقق لهم مزيدا من التقدم و الإرتقاء في كافة المجالات الحياتية و الإقتصادية .
بالإضافة إلي إشراكهم إشراكا فاعلا في صنع القرارات المتعلقة بالإجراءات التنموية
فتمكين الشباب أصبح ضرورة تمليها ظروف المرحلة لأن التنمية المنتظرة و النهضة الموعودة لن تكون سوي بعقول شابة تتحرك و تتقدم بحيوية و نشاط علي كل المستويات و في مختلف الإتجاهات .

صحيح أن إستحداث وزارة بهذا المستوي من الأهمية ضمن التشكيلة الحكومية الحالية تحت مسمي وزارة تمكين الشباب يعد تجسيدا جليا لما تعهد به فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
خلال برنامجه الإنتخابي،
حيث ما فتئ يولي أهمية خاصة و كبيرة للشباب بدليل حرصه علي تسمية المأمورية الحالية مأمورية الشباب .
فالهدف الأساسي من تمكين الشباب ينطوي علي عدة أبعاد مترابطة ترتكز بشكل أساسي علي : –
‐ تعزيز المشاركة المجتمعية و السياسية.
‐ دعم النمو الإقتصادي و الإبتكار .
‐ تطوير القدرات الفردية و المهنية .
من جهة أخري تكمن أهمية المؤتمر الوطني لتمكين الشباب في كونه يهدف إلي إشراك الشباب كفاعلين رئيسيين في التنمية ،
و تعزيز روح المبادرة و الإبتكار لديهم و ربطهم بالسياسات العامة .
كما أنه يساهم في إكتشاف المواهب الشابة و صناعة مستقبلهم عبر التكوين و التأهيل و التشغيل ،
بالإضافة إلي ذلك يمثل المؤتمر منصة حوار مباشر بين الشباب و القيادة السياسية من خلال لقاءات وطنية .
ينفذ المؤتمر علي ثلاث مراحل تتضمن أنشطة ميدانية في مختلف المقاطعات ثم مراحل جهوية و ينتهي بلقاء وطني ضمن فعاليات حفل إختتام المؤتمر .
من جهة أخري يأتي تنظيم فعاليات إختتام المؤتمر الوطني للشباب المنعقد بقصر المؤتمرات ( المرابطون ) كثمرة جهود و عمل دؤوب و ناجح بكل المقاييس قامت به وزارة تمكين الشباب و التشغيل و الرياضة و الخدمة المدنية .
ضمن خطوة إستراتيجية لتعبئة طاقات الشباب علي عموم التراب الوطني،
مكنت من مشاركة أكثر من 1300 شابا يمثلون 63 مقاطعة من مختلف ولايات الوطن .
من بينهم نواب بالجمعية الوطنية من فئة الشباب إلي جانب شباب من التعليم العالي و المحظري و رؤساء هيئات شبابية في الأحزاب السياسية و التكوين الفني و المهني ،
و الشباب من رواد الأعمال و أصحاب الهمم
إضافة إلي الشباب الرياضي و الشباب من النسيج الجمعوي و كذلك الشباب المنخرط في الخدمة المدنية ….
شكل حضورهم علي العموم داخل المؤتمر صورة مصغرة رائعة لموريتانيا بتنوعاتها العرقية و مشاربها الثقافية المتباينة حيث شمل التمثيل جميع ولايات الوطن .
اففي سياق المؤتمر الوطني للشباب أشرف فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني،
بقصر المؤتمرات المرابطون علي حفل إختتامه و سط حضور رسمي كبير و كبير جدا و دبلوماسي معتبر و شعبي واسع و هام

حيث قام بتكريم أصحاب المبادرات الشبابية الأكثر إبتكارا و تميزا في مسابقات تمكين الشباب و المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و الخدمة المدنية.
كما ألقي أيضا علي مستوي المؤتمر خطابا قيما اتسم بوضوح الرؤية و عبر عن تطلعات و طموحات الشباب ،
من خلال التأكيد علي أهمية تمكينهم سياسيا و إقتصاديا و إجتماعيا و تشجيعهم علي الإبتكار و المشاركة الفعالة في بناء الوطن و تحقيق التنمية المستدامة .
حيث أكد في خضم خطابه علي أن الشباب هم صناع المستقبل و أن الدولة تعول عليهم في جعل البلاد نموذجا في التنمية و نموذجا في الأمن و نموذجا في الإزدهار،
و هو ما أثار تفاعل الحضور بشكل كبير و حار مع مضامين الخطاب من داخل قاعة المؤتمر .
لما تضمنه من قرارات صائبة و إجراءات و خطوات عملية هامة في إتجاه تمكين الشباب لامست تطلعات و هموم الشباب من جهة و أستجابت من جهة أخري لتعهدات سبق و أن تعهد بها فخامة رئيس الجمهورية.
مما سبمكنهم من لعب دور حاسم في النمو الإقتصادي و الإستدامة.
في ضوء ما تحدث عنه الخطاب من محفزات تمكين هامة و غير مسبوقة مثل : –
. رفع سقف ميزانية التشغيل دعما للمشاريع الشبابية و ريادة الأعمال .
. إكتتاب 3 آلاف موظف .
. تبني خطة وطنية طموحة ستوفر 30 ألف فرصة عمل خلال السنتين المقبلتين و ذلك عبر تعزيز التسيق بين قطاع التشغيل و القطاعات ذات الإمكانيات التشغيلية العالية .
. إطلاق جائزة رئاسية لأفضل مبادرة تطوعية لترسيخ قيم المواطنة و العمل التطوعي.
. إنشاء إطار تشاوري لتمثيل الشباب محليا .
. تشكيل هيئة جديدة تتولي صلاحيات المجلس الأعلي للشباب مما يعزز و يمكن حضورهم المؤسسي في الشأن العام
. بناء 100 منشأة رياضية صغيرة داخل الوطن .
. تشييد و بناء ملعب رياضي من المستوي الكبير بمواصفات عالية يتسع لأكثر من 25 ألف متفرج .
بالتأكيد هذه القرارات و الخطوات الهامة تعكس جدية العمل المقام به من أجل تمكين الشباب ،
ستعمل علي إستثمار طاقات الشباب في مختلف القطاعات و تشجع مشاركتهم في صنع القرار ،
كما ستساهم أيضا في بناء جيل من الشباب قادر علي مواجهة التحديات المستقبلية .
و تعزز الإنتماء الوطني لديهم و توفر لهم بيئة مناسبة للإبداع و الإنتاج و المساهمة الفعالة في النهوض بالبلاد و العباد .
تأسيسا لما سبق و نظرا لحجم التحديات ،
فإننا نتطلع اليوم أكثر من أي وقت مضي إلي أن يستهدف هذا التمكين المرجو و المنتظر و الذي أصبح علي الأبواب فئات الشباب الموريتاني المتعلم و الملتزم أخلاقيا و دينيا و وطنيا .
و تمكينه من الإستفادة من مختلف البرامج و المشاريع الوطنية و دعمه لتحقيق التطلعات الوطنية عبر تنمية الفرص و الخيارات الشبابية بما يتلاءم مع اهتماماته.
عبر التعليم و التكوين و فتح مجال الإكتتاب و التوظيف و الولوج إلي العمل و التدرج إلي المناصب العليا و المسؤوليات السامية وصولا إلي مصادر القرار.
بما يدعم إستقرار الشباب داخل البلد و يخدم مصلحة الوطن و المواطن .
وفق مقاصد و أهداف البرنامج الإنتخابي لفخامة رئيس الجمهورية طموحي للوطن .
و في سياق أوسع تزامن هذا الحدث البارز مع إصدار معالي الوزير الأول السيد المختار ولد اجاي،
تعميم انتشر علي نطاق واسع .
يمنع حضور موظفي و وكلاء الدولة للإجتماعات و اللقاءات ذات الطابع القبلي أو الجهوي .
كما يعاقب أيضا الأقوال و الممارسات المنافية لقيم الجمهورية و مبادئ المواطنة .
و هي خطوة هامة لا تقل أهمية عن سابقتها جسدت علي أرض الواقع مضامين خطابات فخامة رئيس الجمهورية خلال جولته الأخيرة بولاية الحوض الشرقي و ما حملته من توجه جديد و أفكار بناءة و رؤي مستنيرة بشأن تعزيز مفهوم دولة المواطنة .
و علي نحو سيساهم في ترسيخ أسس مجتمع متماسك يقوم علي الوحدة الوطنية و الإحترام المتبادل و سيادة القانون و الولاء للدولة .
من خلال توحيد المرجعية الأخلاقية و القانونية ،
و تعزيز الشعور بالانتماء للوطن و ضمان المساواة و عدم التمييز .
مما يقود إلي بناء دولة قوية و مستقرة .
و سيمنع من تضارب المصالح و يحمي موظفي الدولة من الضغوط التي قد تؤثر علي أداء واجباتهم الوظيفية بشكل موضوعي و نزيه مما يحسن من مهنية الجهاز الإداري .
و يقلل من فرص المحسوبية و المحاباة التي قد تنشأ من العلاقات القبلية و الجهوية و يساعد علي تكافؤ الفرص .
و يعمل علي تحسين الأداء الحكومي من خلال تضارب الولاءات بحيث يصبح موظفي الدولة أكثر قدرة علي التركيز علي مسؤولياتهم الرسمية مما ينعكس إيجابا علي كفاءة الأداء الحكومي و خدمة الوطن.

عيد إستقلال مبارك
اباي ولد اداعة .