

تأكد جليا إقصاء و خروج منتخبنا الوطني الأول المرابطون من المنافسة المؤهلة لمونديال 2026 ، بعد الخسارة القاتلة بأربع أمام الترينجا السينغالي .
ضمن منافسات الجولة الأخيرة من التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم.
و فشله قبل ذلك في تحقيق التأهل الرابع تواليا لنهائيات بطولة أمم إفريقيا CAN 2025 التي ستستضيفها المملكة المغربية هذا العام .
مما أحدث خيبة أمل كبيرة لدي الجمهور الرياضي الموريتاتي و إستياءا واسعا داخل الأوساط الرياضية.
و أثار جدلا عبر وسائل التواصل الإجتماعي و انتقادا غير مبرر لرئيس الإتحادية الموريتانية لكرة القدم السيد أحمد ولد يحيي
تجاوز في بعض الحالات حدود اللباقة و الروح الرياضية .
لدرجة مطالبة البعض دون وجه حق بتنحيه و إستقالته من رئاسة الإتحادية و هو في مستهل مأموريته و تحميله وزر فشل و تعثر المنتخب الوطني .

و هو ما يعد خروجا غير مألوف علي الضوابط القانونية و الإنتخابية للعبة و تجاهل و نكران لما حققه من إنجاز عظيم و تطور غير مسبوق لكرة القدم الموريتانية في وقت وجيز و بشهادة الجميع .
فهو من صنع لبلده مجدا كرويا ذاع صيته ،
و منحه مكانة خاصة بين الكبار داخل القارة السمراء و في كواليس الفيفا يحسب لها ألف حساب .
كما أنه تتدرج في مناصب رياضية عليا و تولي مسؤوليات قيادية كبيرة و هامة علي مستوي صنع القرار بالفيفا و الكاف
و هو مكسب و فخر لموريتانيا .
صحيح التناوب علي المناصب القيادية و رئاسة الإتحاديات وغيرها سنة حميدة و شيئ جميل ،
لكن وفق أصول و ثوابت هي التي يمكن من خلالها تحقيق هذا التناوب ليس إلا .
بالمقابل يبقي الإعتذار للجمهور الرياضي من مشجعين و مهتمين بشأن المنتخب الوطني عن حالات الإقصاء من البطولات القارية و الدولية و سلسلة الخسائر و الهزائم المتكررة و الدفع بكل التبريرات من شيم الرجال و ثقافة يحتذي بها في عالم كرة القدم ،
لا يقلل من قيمة المسؤول بل يرفعه لأن الرجوع عن الخطأ فضيلة ،
كما يساهم في بناء الثقة بين الأسرة الرياضية ممثلة في القائمين علي الشأن الرياضي و الأطقم و اللاعبين و المشجعين
و علي نحو تسود فيه الروح الرياضية و تعم فيه الأخلاق الحميدة .
ليس سهلا علي الإطلاق أن تشق طريقك لوحدك نحو النجاح و التألق في عالم كرة القدم.

فالخسارة أو عدم التأهل لا تعني بالضرورة نهاية المطاف ،
خاصة في عالم كرة القدم ،
فلطالما خسرت منتخبات و أندية كبيرة و عريقة ،
التصفيات و النهائيات و الألقاب و البطولات و الدوريات و في الأوقات الحرجة و بالدموع .
رغم تاريخها الحافل بالتتويجات و الألقاب
مثل : الآرجنتين ، البرازيل ، الأوروغواي، المكسيك ، المانيا ، فرنسا ، إيطاليا. اسبانيا ، انجلترا ، مصر ، كاميرون، نيجيريا ، غانا ، الجزائر ، المغرب ، السينغال ….الخ
القائمة تطول و مع ذلك لم تسقط السماء علي الأرض .
من المسلمات في عالم كرة القدم ،
أن هناك فوزا و تعادلا و خسارة هي أطراف المعادلة التي تحدد التأهل أو الإخفاق ضمن عملية حسابية دقيقة و معقدة .
طالما فرحنا بالفوز ينبغي أن نرضي بالهزيمة ،
فالخسارة ليست نهاية المطاف،
و من لا يقبل الخسارة في عالم كرة القدم عليه أن يتوقف عن التشجيع .
لأن الخسارة مثلها مثل الفوز أو التعادل جزء من لعبة كرة القدم .
لعل هذا هو سر الإثارة و المتعة .
في حين يجمع كل المراقبين الرياضيين علي أن كرة القدم لعبة أخطاء ،
بحيث الخطأ جزء من اللعبة و هو ما قد يحصل من حين لآخر علي مستوي اللاعبين و حراس المرمي و الحكام ،
و إن كان هذا الأخير قد تقلصت أخطاءه بإعتماد تقنية الفأر .
تفاصيل شكلت في عمومها جزئيات اللعبة ،
بينما ينظر إلي الحارس بأنه نصف الفريق ،
إذا أرتكب خطأ واحدا فقط قد يكون كفيلا بإسقاط فريق بأكمله و تكليفه خسارة غير مبررة .
لذا هواللاعب الأكثر تأثر بأي شيئ علي أرض الملعب .
و الأكثر حساسية في كل الظروف .
فهو بالتالي يتحمل مسؤولية كبيرة وهي حماية مرمي من 7 أمتار .
من جهة أخري لا يخفي علي أحد أن المدرب يلعب هو الآخر دورا بارزا ،
في نجاح الفريق أو فشله .
لذا فهو يتحمل إلي جانب اللاعبين كل النتائج السلبية و مآلات الفشل .
حيث أنه المسؤول الأول عن تحسين مهارات الفريق أو المنتخب فنيا و بدنيا ونفسيا .
خاصة أن طبيعة المشاركة في تصفيات أمم إفريقيا أو المونديال من داخل القارة السمراء تتطلب قوة بدنية هائلة و روح قتالية و هذا هو أهم شيئ .
كما تقع علي كاهله أيضا مسؤولية بالغة الأهمية في تحديد التشكيلات و الإستراتجيات المناسبة للقاءات ،
بالإضافة إلي رفع الروح المعنوية و القتالية للفريق .
و قراءة الخصم قبل إختيار اللاعبين المناسبين للمباريات و تحديد التبديلات.
و بالتالي إدارة كل الضغوط و التوترات خلال المباريات .
بينما يلعب رئيس الإتحادية دورا هاما في تطوير كرة القدم و النهوض باللعبة داخل البلاد و تمثيلها داخل المحافل الدولية و التعامل مع الفيفا و الإتحادات القارية.
و من خلال تبني الخطط و الإستراتجيات المناسبة و دعم و توجيه المنتخبات الوطنية و توفير الموارد اللازمة و في كل مراحل التحضيرات و التربصات و المواجهات و اللقاءات الودية و غيرها داخل وخارج البلاد .
بالإضافة إلي تنظيم و إدارة البطولات و الدوريات المحلية و الدولية .
و توفير الدعم و المساندة للأندية المحلية .
و بالتنسيق مع الأندية و العصب الجهوية و الجمعيات الرياضية .
مع ضمان تطبيق القوانين و اللوائح الكروية في البلاد .
إن لعبة كرة القدم الموريتانية قد مرت بمراحل تعثر علي مدار نصف قرن منذ قيام الدولة المركزية
لم يتمكن من خلالها المرابطون بقيادة أوائل المدربين و رؤساء الإتحادية من المشاركة في نهائيات بطولة أمم إفريقيا و لو لمرة واحدة .
حيث أقتصرت مشاركة المنتخب الوطني أنذاك علي بطولة آميكال كبرال و هي بالمناسبة بطولة إقليمية كانت تقام في منطقة غرب إفريقيا،
قبل أن تختفي تماما من حسابات الكاف .
إلا أن أداء المنتخبات الوطنية قد شهد خلال السنوات الأخيرة تطورا كبيرا و قفزة نوعية ،
عززت من مستوي حضورها داخل مختلف البطولات الإفريقية و كأس أمم إفريقيا.
و الأهم من هذا كله هو الحفاظ علي إنجازات التأهل للكان و للمرة الرابعة قبل التعثر الأخير ،
بالإضافة إلي الندية المستمرة و فك عقدة التأهل إلي الأدوار المتقدمة من بطولة أمم إفريقيا.
من خلال التأهل المستحق إلي الدور الثمن النهائي لأول مرة علي حساب نظيره الجزائري،
وصف حينها بالإنجاز التاريخي غير مسبوق .
الفضل في ذلك كله يعود إلي الإتحادية الموريتانية لكرة القدم برئاسة السيد أحمد ولد يحي و معاونيه .
التي لعبت دورا بارزا للنهوض و الإرتقاء بهذه اللعبة .
بجهودها الخاصة و علاقتها المتينة و المتطورة مع الأم بالتبني الفيفا FIFA و دعم الدولة المتواصل عبر الوزارة الوصية من خلال حضور الإدارة المعنية بالقطاع داخل المشهد الرياضي ،
الشئ الذي مكن منتخباتنا من الوصول إلي هذا المستوي من المشاركات القارية و الدولية .
أسس لإرساء دوري وطني ممتاز و دوريات محلية أخري بدرجات متفاوتة و لمختلف الفئات العمرية دعما للرياضة القاعدية ،
كانت لبعضها مشاركات في بطولة الكوتيف بإسبانيا التي أتاحت للعديد من اللاعبين الوطنيين فرصة الإحتراف خارج الديار في الدوريات و البطولات الأوروبية.
إلا أنه بغض النظر عن الأسباب المتباينة فإن معظم هذه العوامل المؤدية لهذا الفشل تنحصر أساسا حول عدم القدرة علي قراءة الخصم بشكل جيد ( نقاط القوة و الضعف ) ،
و ضعف أداء المنتخب الوطني منذ بداية التصفيات المؤهلة لنهائيات المونديال و كأس أمم إفريقيا حيث جاءت النتائج مخيبة للآمال في بعض الحالات نتيجة تراجع مستوي لاعبي خطي الدفاع و الهجوم في ظل غياب رأس حربة قناص و هداف .
ففي حالة العودة من بعيد يصعب عليهم تدارك الموقف و صناعة الفارق .
في حين ظل حارس مرمي المنتخب الوطني انياس قبل استبداله باللاعب عبد الرحمن صار كحارس أول دون أن تنمحه تلك الأفضلية قوة التصدي اللازمة لأهداف السينغال الأربعة المباغتة ،
يقف سدا منيعا مدافعا بكل تركيز و بسالة عن عرينه طيلة مسار التصفيات و المشاركات السابقة في نهائيات الكان الثلاثة الأخير من خلال تدخلاته الحاسمة و التصدي المثالي للكرة .
بينما يري آخرون أن هذا الفشل مرده تراجع مستوي البطولات و الدوريات المحلية و غياب تكوين الفئات الصغيرة .
بالإضافة إلي تفضيل اللاعب المحترف علي اللاعب المحلي بالرغم من تدني مستواه و غياب القتالية لديه .
علاوة علي تدخل بعض الأشخاص البعيدين عن كرة القدم في التسيير و الإشراف علي هذه الرياضة أو اللعبة .
بالمقابل ينبغي تدراك هذه السلبيات في المستقبل .
و التعامل بحكمة مع هذا الإقصاء كي لاينهار بناء مشروع المنتخب الوطني الواعد الذي تم التحضير له منذ سنوات في ظل التطور الذي شهدته كرة القدم الموريتانية مؤخرا .
تأسيسا لما سبق فإن ما تحتاجه كرة القدم الموريتانية اليوم هو لفتة وطنية و دعم و تشجيع و رعاية و مؤازرة مستمرة بغية الوصول إلي المقاصد و الأهداف الرامية إلي تعزيز المكاسب الرياضية و خلق بيئة مناسبة للإستثمار في رياضة كرة القدم المحلية الناشئة في ظل ماتم إنجازه من منشآت رياضية هامة داخل ربوع الوطن بأوامر من فخامة رئيس الجمهورية ضمن سياسة تمكين الشباب و مقاصد و أهداف برنامجه الإنتخابي طموحي للوطن .
بالتوفيق و التألق والنجاح في قادم المناسبات و البطولات .
اباي ولد اداعة .