
في عالم السياسة والإدارة، قلما يجتمع عنصر الكفاءة العالية مع النزاهة الحقيقية التي تتجلى في المواقف أكثر من الأقوال، إلا أن الوزير الأول السابق المهندس يحيى ولد حدمين جمع هذه الصفات، التي تميز بها طيلة مسيرته المهنية.
خلال مقابلته في بوداكاست لموقع “مراسلون” يدرك كل متأمل فيها أن الرجل لم يكن يوماً رجل شعارات، بل كان رجل دولة وأفعال، خاض غمار المسؤولية بروح وطنية خالصة، واضعًا نصب عينيه خدمة الوطن بعيداً عن الحسابات الشخصية أو المصالح الضيقة.
لقد عرف الموريتانيون ولد حدمين بأدائه الهادئ، المتزن، والبعيد عن الضجيج، لكنه في الوقت ذاته، أداءٌ فعّال ومؤثر بل غير مسبوق، غيّر الكثير وترك بصمته إيجابية في أكثر من موقع.
خلال توليه المناسب السامية، تميز بخطاب واضح، ومواقف شفافة، وتسيير رشيد لمختلف الملفات الحساسة، فلم يعرف التردد ولا الخوف في القرارات، ولم يكن من أولئك الذين يلقون باللائمة على غيرهم، بل تحمّل المسؤولية بكل أمانة، وواجه التحديات بإرادة صلبة وشجاعة نادرة.
ومن أبرز ما يُعرف فيه، التزامه بالوعود التي يقطعها، إذ لم يكن من أولئك الذين يتراجعون عند أول اختبار، بل ظل ثابتًا على مواقفه، محترمًا كلمته، ومكرّسًا لثقافة الوفاء في العمل العمومي، وهو أمر جعل منه قدوة للعديد من الأطر والشباب الطامحين للعمل في الشأن العام.
وما يزيد من احترام الرأي العام له، هو نقاؤه من شبهات الفساد التي لطالما أفسدت الثقة بين المواطن والدولة، فلم يكن يومًا ضمن لوبيات المصالح، ولا خضع لضغوط جهات، بل حافظ على استقلاله ونزاهته، وهو ما يعزز من صورته كرجل دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
لم تعرف الجهة التي ينمي إليها الوزير الأول ولد حدمين كفاءة وطنية مثله في تاريخنا الحديث، وهي حقيقة ليست مجرد إطراء، بل هو توثيق لمسيرة رجل دولة قدم الكثير، رجل قدم نموذجًا حيًّا لما يمكن أن تكون عليه الإدارة حين تدار بعقل مسؤول، وقلب نقي، وإرادة لا تعرف الخضوع إلا لمصلحة الوطن.