تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية دول العالم من حيث عدد الإصابات بفيروس كورونا (578 ألف إصابة)، متقدمة بسبعة أضعاف على جمهورية الصين الشعبية (83213 إصابة) التي بدأ المرض فيها لأول مرة.
وأثار هذا الوضع علامات استفهام كثيرة حول فشل الدول العظمى في السيطرة على انتشار الفيروس، خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد الأقوى عالميا.
وحسب دراسة تحليلية نشرها “مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المستقبلية”، فإنه بالرغم من كافة الإجراءات التي تم اتخاذها داخل الولايات المتحدة الأمريكية “فإن عدد الإصابات تزايد بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة. والتوقعات، وفقًا للنماذج الإحصائية التي يتم الإشارة إليها في المؤتمر الصحفي اليومي للرئيس “ترامب”، تشير إلى احتمالات تزايد الحالات خلال الفترة المقبلة”.
وما يفسر الفشل الأمريكي في إدارة أزمة فيروس كورونا، حسب الدراسة نفسها، مجموعة من المحددات؛ من بينها طبيعة وهيكل النظام السياسي الأمريكي القائم على الفيدرالية، والذي يقسم مسؤوليات ومهام الحكم داخل الدولة بين حكومة مركزية وبين حكومات الولايات.
وحسب المصدر نفسه، ففي أوقات الأزمات، جرت العادة في النظام الأمريكي تولي حكومات الولايات مسؤولية إدارة الأزمة التي تقع داخل نطاق الولايات، مثل الأعاصير التي تجتاح الولايات الأمريكية من وقت إلى آخر، أو التنسيق والتعاون بين الولايات المتجاورة، مع إسناد ودعم من الحكومة المركزية. وقد كشفت أزمة كورونا عن كيف قوض هذا النظام من قدرات الولايات المتحدة الأمريكية في إدارة الأزمة”.
وينضاف إلى هذا، حسب الدراسة نفسها، أنه لا وجود لمؤسسة صحية مركزية واحدة تدير الموقف في الأزمة؛ ذلك أن الحكومة الأمريكية ممثلة في وزارة الصحة وأجهزتها خاصة “مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها المعروف اختصارًا بـCDC تلعب دورًا في التوجيه ووضع الإرشادات العامة، لكن إدارة الأزمة والاستجابة لها على المستوى الصحي تقع بشكل رئيسي على حكومات الولايات وأجهزتها الصحية، حيث يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية 2.684 وزارة وقسمًا للصحة العامة على مستوى الولايات، والمستويات المحلية، والمناطق الأخرى.
وأمام هذا الوضع، وبينما تسجل الولايات المتحدة أعلى عدد من حالات الإصابة بالفيروس، دفعت خطورة الموقف داخليا، حسب الدراسة نفسها، المسؤولين على المستوى الفيدرالي (حكومة “ترامب”) وعلى مستوى الولايات (حكام الولايات) إلى اتخاذ العديد من الخطوات لمواجهة الموقف، والتي بالرغم من أن قدرتها كانت بطيئة أو لا تتناسب مع عامل الوقت، لكنها تمثل طبيعة الاستجابة الأمريكية حتى اللحظة الراهنة في التعامل مع الموقف.
ويرى محللون أن ما فاقم الأزمة في الولايات المتحدة الأمريكية وجعلها تسجل ارتفاعا مهولا في عدد الإصابات هو النظام السياسي الفيدرالي المتبع فيها، الذي يعتمد على تقسيم مسؤوليات الحكم والإدارة بين حكومة فيدرالية وحكومات الولايات.
وينضاف إلى ذلك عجز حكومات الولايات ومحدودية قدراتها، وانتشار الفيروس في الـ50 ولاية الأمريكية، مع ارتباك إدارة “ترامب” في إدارة الأزمة في بدايتها، وتباطئها في التعامل مع عامل الوقت كلها عوامل أدت إلى زيادة انتشار الفيروس بمعدلات كبيرة، أسفرت عن فشل أمريكي في السيطرة على هذا الانتشار، على الأقل حتى الآن.