غير بعيد عن منطقة تندوف، يصور الفيلم الوثائقي “حياة مجاورة للموت” تجربة الاختطافات الفردية والجماعية على يد الانفصاليين، وجوانب من سيرة المقاومة بالمناطق الجنوبية للمملكة وسياقات المخطط الاستعماري لخلق دويلة في الصحراء المغربية
ويستعيد الشريط لمخرجه لحسن مجيد على امتداد تسعين دقيقة، على لسان مجموعة من الحالات وفق بناء درامي، قصص الاختطاف والاعتقالات على يد الانفصاليين وما تبعها من تعذيب وأعمال شاقة أفضت إلى وفاة العديد من أبناء الأقاليم الجنوبية، ودفعت البعض إلى تدبير عملية الهروب من مخيمات تندوف، في صحراء يصعب عبورها بسبب العطش والجوع والألغام، وأحداث أخرى أدت إلى انفجار انتفاضة 1988 التي أشعلت شرارتها النساء، خاصة حين صار السجانون يرفضون تعذيب وقتل إخوتهم وأبناء عمومتهم بالسجون
ويستحضر الشريط، الذي عُرض لأول مرة بالعاصمة الرباط، بعد نيله عدد من الجوائز، خطاب الملك الراحل محمد الخامس بمحاميد الغزلان، حين حذر من خلاله الاستعمار الفرنسي من مغبة تشكيل دويلة للبدو الصحراويين تكون عاصمتها تندوف، مع الكشف من خلال وثائق نادرة أن هذا المخطط هو الذي تبنته إسبانيا في ستينيات القرن الماضي، وسعت الجزائر في ما بعد إلى محاولة تفعيله على أرض الواقع
مجيد لحسن، مخرج الفيلم الوثائقي، أبرز أن الفيلم تطلب أزيد من ثلاث سنوات بين البحث والاستقصاء، واستجواب الحالات، ثم التصوير بين أكادير والعيون، تلتها عملية إعادة كتابة السيناريو للبناء الدرامي المتعلق بالمشاهد التصويرية والمادة الأرشيفية، لتسليط الضوء على الآثار الاجتماعية والنفسية التي خلفتها عمليات الاختطاف والاحتجاز والعنف التي وقع ضحيتها الصحراويون الذين قرروا الفرار من مخيمات تندوف
ويتوقف الفيلم، حسب مخرجه، عند السياق العام لاحتلال الصحراء المغربية من لدن الإسبان مرورا بتقسيم أطرفها بين فرنسا وإسبانيا، مبرزا أن “حياة مجاورة للموت” “يضع المشاهد وفق المعلومة الدقيقة والوثائق الحية بأن صلب النزاع كان ولا يزال مع النظام الجزائري، الذي هيأ لبناء المخيمات، بتجميع رعاة الصحراء في تندوف، لينتقل اعتمادا على الدعم اللوجستيكي لجبهة البوليساريو في سن سياسة التهجير القصري والاختطافات منذ قيام المسيرة الخضراء وإلى نهاية الثمانينيات، التي عمت مختلف الأقاليم الجنوبية لأجل تشكيل دويلة، مع إجبار النساء اللواتي تركن وراءهن بالمغرب عيالهن وأزواجهن، فضلا عن الفتيات، على الزواج القسري ومطالبتهم بالولادة المستمرة في إطار سياسة التكاثر لتكوين شعب ودولة، كما كانت تروج له الجبهة”
هسبريس من الرباط