بعد يومين على "الدوشة" الخائبة التي قام بها حوالي 12 نفرا من الإخوان المسلمين في قصر المؤتمرات، يطل علينا الصحفي محمدعبد الله ولد احبيب في مقال منشور تحت عنوان "رابعة والضيافة والأدلجة"
ليذكرنا بوجاهة ما فعل إخوانه بحق ضيوف موريتانيا وأشقائنا الوفد المصري الذي يحضر هذه الأيام، احتفالية بمناسبة اليوبيل الذهبي لإنشاء المركز الثقافي المصري بنواكشوط.
وبتنظير لا يخلو من التناقض وخلط الأوراق، يحاول كما هي عادة الإخوان المسلمين دائما، تبرير ما حدث بأنه ينسجم مع القيم الفاضلة لشعبنا المعروف بإكرام الضيف.
و ما استوقفني في مقاله بعض النقاط التي ألخصها في مايلي:
- أولا إكرام الضيف: يقول ولد احبيب "إكرام الضيف لا يعني الترحيب به دائما.. كان الأوس والخزرج يقاتلون تُبَّعًا بالنهار ويقرونه بالليل".
والسؤال المطروح هو لماذا انتقى هذا الموقف دون غيره، لماذا لم يستدل بالأحاديث النبوية الشريفة الكثيرة في هذا الشأن .. أو على الأقل بمآثر العرب في الكرم المشهورة "حاتم الطائي"...الخ...؟
ثم لماذا تجنب تفسير ما أورده، وتجاهل الإضاءة على سياقه التاريخي، حتى نفهم مدى صلابة حجته، من مغالطاته للقارئ عبر تبريره خطأ بخطأ؟
الواقع أن محمدعبد الله ولد احبيب بغض النظر عن خلافي الفكري معه، يدس السم في العسل، فلو أخذنا هذا المبرر سنأخذ ب"يد تسبح وأخرى تذبح" كما يقول المثل الحساني ونعطيها نفس الوجاهة المنطقية والأخلاقية التي تبرر هذا الفعل.
ما أود قوله هو أن العرب في الفترة التي ذكرها ولد احبيب كانت تصطنع التباهي ببعض القيم في إطار التفاخر والمنافسة فيما بينها ولئلا تذكر بما لا يتناسب مع قدرها.
إذا المبرر الذي استدل به ولد احبيب فاقد لدلالته، وبالتالي كنت أتمنى أن يقول عن الإخوان المسلمين إن لديهم نمطا من الضيوف الذين يستحقون القرى كالقطريين والأتراك ومن لف لفهم، حتى لا يغرق في استنطاق التاريخ في غفلة من الناس ويجيره لصالح جماعته السياسية.
النقطة الثانية "شارة رابعة" وخطاب المظلومية الذي بدأ الإخوان يستحضرونه كما لو أنه القضية العادلة التي يناضلون من أجلها، و كأن قضية فلسطين وهي التي حالها يغني عن الكلام عنها، وبما تعنيه في ديننا الحنيف لا تتطلب مثل هذه المظلومية.. وكما نشاهد يوميا تحولت قضية اللحظة التي هي في النهاية "ثورة ضد حكم الإخوان " في مصر إلى القضية الأولى، وأنتهى المشروع السياسي الذي طالما تحدث أصحابه عن الإعتدال، وتبدلت الخنادق، أصبح الخليج عدوا للإخوان، والولايات المتحدة التي كانت تظهر عداءها للتيار الإسلامي أضحت الصديق والمتضامن الأول مع جماعة الإخوان.!!
النقطة الثالثة: المقاربات التي يعتمدها الإخوان في موريتانيا، هذه المقاربات التبسيطية والمتناقضة والإنتقائية لدعم حججهم، مثلا عندما يسوق دعم المنتخب الوطني الذي جاء في إطار رياضي سياسي معين و موقف الإخوان من زيارة وفد ثقافي مصري، ويسأل لماذا لم يلق نفس التفاعل؟!
الجواب بكل بساطة لأن الشعب الموريتاني يريد ذلك..
النقطة الأخيرة الدروس التي يعطيها الإخوان في الوطنية والنضال.. الشعب والتاريخ من يحكم عليكم.
وطنيتكم ونضالكم في المحك والشعب هو من يحكم عليكم، لا تظنوا أن صناعة المال تصنع الشعوب، ولا تجعلوا من تجارب فاشلة قدوة ونموذجا يمكن تطبيقها في أي مكان، ولا تنخدعوا بالتماهي مع الغرب الإستعماري وتتوقعوا منه خيرا بكم وبهذا الأمة.. أنتم من حكم على نفسه بالموت السياسي.