عندما قرأت مقال الزميل أحمدو الوديعة “التكفيريون الجدد” لم أجد جديدا في موقف ونظرة الزميل للذين يخالفونه الرأي، بل بالعكس لا حظت أنه تعمد اجترار وصف “الإخوان المسلمين” بأنهم ضحية مواقف متطرفة من “التيار العلماني” الذي رأى أنه الوجه الآخر للتطرف الإسلامي.
والواقع أن مشكلة “الإخوان” عموما هو استحلالهم للكذب حينما يتعلق الأمر بسردهم لمناقبهم و أخطاء الآخرين ممن لا يتبنون فكرهم.
هنا المشكلة الكبرى، هؤلاء يتحدثون عن دين عظيم وفضائل لا خلاف حولها، لكنهم بحكم الممارسة يناقضون ما يقولون.
لا أريد أن أطيل في هذا الجانب، فالتاريخ لا يكذب، وليس هذا دفاعا عن موقف ضد طرف، بقدرما هو تصويب لأخطاء ماثلة “للإخوان”، أرى أنه من الأجدر بهم أن يعترفوا بها قبل انتقاد الآخرين.
وإذا شاء الوديعة أن نفصل في “الأخطاء” والمزايدات التي يحاول الإخوان دائما أن يجعلوا منها حقائق على الأرض فبإمكاني فعل ذلك في مقال آخر.
اليوم فقط سأرد على اتهامه للقوميين عموما والتيارات العلمانية، هذه الإصطلاحات التي دخلت بشهية زائدة قاموسه السياسي في الفترة الأخيرة بعد انكشاف الخيانات والتمالؤ الواضح لجماعة الإخوان المسلمين في البلدان التي كانت مسرحا لما يسمى “الربيع العربي”، لأذكره بأن القوميين إبان حكمهم لم يتجرأ الغرب الإستعماري أن يطأ بلاد العرب إلا على رقاب قادتهم العظام.. في حين كان الإخوان المسلمون في مصر وتركيا يجددون علاقات الود والتعاون مع “اسرائيل” ويتواطؤون مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لغزو العراق، ومن بعد ذلك لضرب سوريا والمقاومة في لبنان، بعد احتلال ليبيا وتحويلها إلى إمارات ضائعة متقاتلة.!
الأمر الثاني والذي حاول الوديعه تمريره على القارئ، حين قال إن أغلب الأنظمة العربية قومية، وهو بذلك إنما يوضح ميله كما هم أقرانه إلى الكذب وتزوير الحقائق، في حين أن الأنظمة السياسية العربية وهذا يعرفه القاصي والداني، لم يكن فيها بعد نظام البعث في العراق، إلا نظامين قوميين من مجموع 22 دولة.. بل الأدهى أن معظم هذه الدول كانت على العكس الداعم المباشر أو غير المباشر للإخوان المسلمين من ناحية التمويل والإحتضان قبل أن تتغير المصالح بعد الأحداث في مصر.
أما في ما يتعلق بالتهم التي تكال للإخوان من التيار العلماني، فأرجو أن يتكرم ليسمع من التيار الإسلامي ذاته ماذا يقول العلماء في الإخوان المسلمين من “فتاوي العلماء في الجماعات و أثرها على بلاد الحرمين :تسجيلات منهاج السنة السمعية الرياض”
– فتوى فضيلة الشيخ العلامة صالح الحيدان التي قال فيها “الإخوان و جماعة التبليغ ليسوا من أهل المناهج الصحيحة….فإن جميع الجماعات و التسميات ليس لها أصل في سلف الأمة”.
– كذلك قال فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز أل شيخ ” و أما جماعة الإخوان المسلمين فإن من أبرز مظاهر الدعوة عندهم التكتم، والخفا، والتلون، والتقرب إلى مَن يظنون أنه سينفعهم، وعدم إظهار حقيقة أمرهم، يعني أنهم باطنية بنوعٍ من أنواعها، وحقيقة الأمر يخفى, مِنهم من خالط بعض العلماء والمشايخ زمانًا طويلاً, وهو لا يعرف حقيقة أمرهم, يُظهر كلامًا ويُبطن غيره، لا يقول كلَّ ما عنده، ومن مظاهر الجماعة وأصولها أنهم يُغلقون عقول أتباعهم عن سماع القول الذي يخالف منهجهم، ولهم في هذا الإغلاق طرقٌ شتى متنوعة: منها إشغال وقت الشباب جميعه من صُبحه إلى ليله حتى لا يسمع قولاً آخر، ومنها أنهم يحذِّرون ممن ينقدهم، فإذا رأوا واحدًا من الناس يعرف منهجهم وطريقتهم وبدأ في نقدهم وفي تحذير الشباب من الانخراط في الحزبية البغيضة أخذوا يحذِّرون منه بطرق شتى: تارةً باتهامه، وتارةً بالكذب عليه، وتارةً بقذفه في أمور هو منها براء ويَعلمون أن ذلك كذب، وتارةً يقفون منه على غلط فيُشنعون به عليه، ويضخِّمون ذلك حتى يصدُّوا الناس عن اتباع الحق والهُدى، وهم في ذلك شبيهون بالمشركين – يعني في خصلةٍ من خِصالهم – حيث كانوا ينادون على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المجامع بأن هذا صابئ، وأن هذا فيه كذا وفيه كذا، حتى يصدُّوا الناس عن اتباعه.
أيضًا مما يميِّز الإخوان عن غيرهم أنهم لا يحترمون السُنة، ولا يحبون أهلها، وإن كانوا في الجملة لا يُظهرون ذلك، لكنهم في حقيقة الأمر ما يحبون السُنة، ولا يَدعُون لأهلها، وقد جربنا ذلك في بعض من كان منتميًا لهم أو يخالط بعضهم، فتجد أنه لَمَّا بدأ يقرأ كتب السُنة مثل صحيح البخاري، أو الحضور عند بعض المشايخ لقراءة بعض الكتب, حذَّروه، وقالوا: هذا لا ينفعك, وش ينفعك صحيح البخاري ؟ ماذا تنفعك هذه الأحاديث ؟ انظر إلى العلماء هؤلاء ما حالهم ؟ هل نفعوا المسلمين ؟ المسلمون في كذا وكذا، يعني أنهم لا يقرِّون فيما بينهم تدريس السُنة، ولا محبة أهلها، فضلاً عن أصل الأصول ألا وهو الاعتقاد بعامة.
من مظاهرهم أيضًا أنهم يرومون الوصول إلى السُلطة، وذلك بأنهم يتخذون من رؤوسهم أدوات يجعلونها تصل, وتارةً تكون تلك الرؤوس ثقافية، وتارةً تكون تلك الرؤوس تنظيمية، يعني أنهم يَبذلون أنفسهم، ويُعينون بعضهم، حتى يصل بطريقة أو بأخرى إلى السُلطة، وقد يكون مغفولاً عن ذلك، يعني إلى سُلطة جزئية، حتى ينفُذُون من خلالها إلى التأثير، وهذا يتبع أن يكون هناك تحزب، يعني يقرِّبون مِنهم من في الجماعة, ويُبعِدون من لم يكن في الجماعة، فيُقال: فلان ينبغي إبعاده، لا يمكّن من هذا, لا يمكّن من التدريس، لا يمكّن من أن يكون في هذا، لماذا ؟ والله هذا عليه ملاحظات ! ما هي هذه الملاحظات ؟ قال: ليس من الشباب ! ليس من الإخوان، ونحو ذلك، يعني: صار عندهم حب وبغض في الحزب أو في الجماعة، وهذا كما جاء في حديث الحارث الأشعري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من دعا بدعوى الجاهلية، فإنه من جثاء جهنم)) قال: وإن صلى وصام ؟ قال: ((وإن صلى وصام، فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها ربكم، المسلمين والمؤمنين عباد الله)) وهو حديث صحيح، كذلك ما جاء في الحديث المعروف، أنه عليه الصلاة والسلام قال لمن انتخى بالمهاجرين وللآخر الذي انتخى بالأنصار قال: ((أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم !)) مع أنهما اسمان شرعيان, المهاجر والأنصاري, لكن لَمَّا كان هناك موالاة ومعاداة عليهما ونصرة في هذين الاسمين، وخرجت النصرة عن اسم الإسلام بعامة، صارت دعوى الجاهلية، ففيهم من خِلال الجاهليةِ شيءٌ كثير, و لهذا ينبغى للشباب أن ينبهوا على هذا الأمر بالطريقة الحسنى المثلى حتى يكون هناك اهتداء الى طريق أهل السنة و الجماعة والى منهج السلف الصالح كما أمر الله جل و علا بقوله ” ادع الى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتى هى أحسن” أيضا من مظاهرهم بل مما يميزهم عن غيرهم أن الغاية عندهم من الدعوة هو الوصول الى الدولة هذا أمر ظاهر بين فى منهج الاخوان بل فى دعوتهم , الغاية من دعوتهم هو الوصول الى الدولة أما أن ينجى الناس من عذاب الله جل و علا و أن تبعث لهم الرحمة بهدايتهم الى ما ينجيهم من عذاب القبر و عذاب النار و ما يدخلهم الجنة فليس ذلك عندهم كثير أمر و لا كبير شأن و لا يهتمون بذلك لأن الغاية عندهم اقامة الدولة و لهذا يقولون : الكلام فى الحاكم يجمع الناس و الكلام فى أخطاء الناس و معاصيهم يفرق الناس فابذلوا ما به تجتمع عليكم القلوب , و هذا لا شك أنه خطأ تأصيلى و نية فاسدة فان النبى صلى الله عليه و سلم بين أن مسائل القبر ثلاث : يسأل عن ربه و عن دينه و عن نبيه صلى الله عليه و سلم فمن صحب أولئك زمنا طويلا و هو لم يعلم ما ينجيه اذا أدخل فى القبر فهل نصح له ؟ و هل حب له الخير ؟ انما جعل أولئك ليستفاد منهم للغاية , و لو أحبوا المسلمين حق المحبة لبذلوا النصيحة فيما ينجيهم من عذاب الله علموهم التوحيد و هو أول مسؤول عنه)./ انتهى الإقتباس