تشهد مواقع التواصل الإجتماعي في السعودية حربا ساخنة هذه الأيام بين المنظومة الدينية المسيطرة على مقاليد الحكم هناك وبعض الناشطين الحقوقيين وقادة الرأي بسبب الأطروحات التي تبثها بعض القنوات الدينية، والتي أدت في نظر المنتقدين لها، إلى موت وضياع الكثير من الشباب السعودي في حروب خاسرة بدءا من أفغانستان مرورا بالعراق إلى سوريا ولبنان.. في إشارة إلى التغرير بالشباب تحت مسمى الجهاد في أتون حروب مشبوهة لم تحصد إلا القتل والدمار. وفي حين كان هذا الشباب ضحية للفكر والخطاب المتزمت، الذي تروج له تلك القنوات، يقول منتقدو هذا الفكر
نرى أن من يسمون أنفسهم مشايخ ودعاة يستمرون في الظهور في القنوات الدينية وهم يستحثون الناس للتبرع لقتل المزيد من الشباب، بينما هم ينعمون وعوائلهم بحياة مرفهة في القصور بعيدا عن تلك الحروب.. ولا أحد يعلم حتى كيف ولا أين ذهبت أموال التبرعات التي يجمعها هؤلاء الشيوخ؟
وقد هاجم الإعلامي السعودي المعروف داوود الشريان الداعية السوري عدنان العرعور، واصفاً إياه وأبناءه بالمتاجرين باسم الجهاد في سوريا من الأراضي السعودية، وأنهم يجمعون الأموال، وينامون في بيوت وثيرة، في حين يموت الشباب السعودي في صراع الجماعات.
وقال “الشريان” عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “عدنان العرعور وأولاده يتاجرون ويجمعون التبرعات باسم الجهاد في سوريا، وينامون في بيوت وثيرة، وشبابنا يموت في صراع الجماعات.. لماذا لا يذهب عدنان العرعور وأولاده إلى سوريا، ويمارسون نشاطهم هناك؟ مَن سمح وسهل للعرعور أن يلعب دوره على أرضنا؟”.
وأشار “الشريان” في تغريدات أخرى إلى أن عدنان العرعور أبرز من روج لكذبة الجهاد في سوريا، وعليه أن يعتذر أو يصمت أو يرحل، متسائلاً: إذا كان عدنان العرعور وأمثاله يؤمنون بأن هناك جهاداً حقيقياً في سوريا فلماذا لم يرسلوا أولادهم؟ بينما بعض الشباب السعودي الذي ذهب إلى سوريا وعاد يعيش حال ندم؛ لأن هناك من زين له الأمر، لكنه وجد أحوالاً مؤسفة.
وقال “الشريان”: “العرعور يعلن في حسابه بتويتر أرقام حسابات للتبرع لأهل سوريا، مَن يراقب هذه الحسابات؟ من سمح للعرعور بجمع الأموال؟ “.
وذكر أن “كل من يتابع نشاط العرعور وأولاده في الإعلام سيجد أنهم يحرضون الشباب على الذهاب إلى سوريا، ولكن بشكل غير مباشر”. مضيفاً “القتال في سوريا هو الذي صنع العرعور، وهو سيبقى ينفخ في النار حتى يستمر نجماً تلفزيونياً، وجامع تبرعات. متى نتعلم؟ “.
وتابع في تغريدة أخرى: “في حرب أفغانستان اكتشفنا أن بعض الجمعيات كانت تستغل التبرعات لأغراض أخرى. لماذا يستمر العرعور وأولاده بجمع الأموال باسم سوريا؟”. مشيراً إلى أن بعض الدعاة السعوديين يدركون أن ما يجري في سوريا من فتنة، تحولت إلى حرب عصابات، لكنهم يرفضون التصريح بذلك خوفاً على جماهيريتهم.
وأضاف “الشريان” في تغريدات بالشأن ذاته بأن بعض الشباب السعودي يبيع ما يملك من أجل السفر إلى سوريا، وحين يصل يجد أمامه عصابات يقتل بعضها بعضاً باسم الجهاد، متسائلاً: “متى يصمت دعاة الفتنة؟”.
وفي ردَّ للشيخ سلمان العودة قال غاضباً، بعد هجوم الإعلامي داوود الشريان علىه و عدد من المشايخ، منهم محمد العريفي وعدنان العرعور، واتهامه لهم بأنهم يغررون بالشباب للجهاد في سوريا، عبر برنامجه “الثامنة”، على قناة إم بي سي.
قال “العودة” في صفحته الشخصية بموقع “تويتر”: “أخي داوود، رأيي منع الذهاب لسوريا أو غيرها، وعليك الاعتذار علناً أو الإثبات، أو الاستعداد للمحاكمة”.
ولا يستبعد بعض المراقبين أن يكون هجوم “الشريان” في مغزاه وتوقيته،تحذيرا من الحريق المتوقع إثر ارتدادات الحروب المشتعلة الآن هنا وهناك تحت مسمى “الجهاد” .. كما أنها تعكس حالة من الرعب بدأت ملامحه ترتسم مؤخرا في رأي العديد من المقربين من الحكومة السعودية.