لم يكن للمؤسسين الأُول الوقت الكافى لتقدير الظروف المناخية والبيئية للعاصمة الناشئة، فاجتهدوا فى المكان المناسب لاحتضان العاصمة الوليدة، واستقر الرأى عندهم على هذه الربوع المطلة على المحيط الاطلسي، وما يمكن أن تتيحه من إمكانات وموارد، كانت البلاد فى أمس الحاجة إليها، لكن الغريب فى الامر أن أى أحد من حكام البلاد اللاحقين لم يكلف نفسه عناء البحث عن بدائل لعاصمة أجمع الخبراء على وصفها بالعاصمة المهددة بالغرق.
اليوم لم تعد حلول الامس المتاحة بأيسر السبل ممكنة اليوم فى ضوء التطور العمرانى الاخطبوطى أفقيا وعموديا للعاصمة، فضلا عن غياب الصرف الصحى الذى لم يكن له مكان من الاعراب فى عهود حكوماتنا الموقرة، التى تجد خلاصها دوما من كل مسؤولية فيما تسميه “فقه التراكمات”؛ اللاحق يحمل السابق كل شيئ وهكذا دواليك، ليظل المواطن المغلوب على أمره داخل حظيرة لا يستبان وسط غبارها حق ولا باطل، ولأن الأمطار لا تستأذن ولا تأخذ استشارة من حكامنا الأشاوس، بل هى من تصريف الخالق الجبار، هاهى انهمرت بكثرة، فأهلكت الحرث والنسل، وهجرت الناس، وحاصرت البيوت، وملأت الشوارع والمباني، والأزقة، وجرت السيول مجرى الأنهار، وانتشرت البرك والمستنقعات فماذا عسانا فاعلون؟!