25 أبريل 2024 , 4:33

خطوات ضرورية للاصلاح / د. سيدي محمد العربي

 

 

خطوات ضرورية للإصلاح:
إلى اللجنة الوطنية لإصلاح التعليم
ثلاثية المطالب المستعجلة
الصحة
التعليم
مكافحة الفقر.
كما تضمنتها  وثيقة- تعهداتي-لرئيس الجمهورية
إن المتتبع لمسيرة التعليم في موريتانيا يلحظ بجلاء محوريته في الذهنية الموريتانية عبر التسميات: المتعاقبة على القطر من المرابطين إلى شنقيط إلى موريتانيا حيث مدارس  عبدالله بن ياسين والمرادي، ومحاظر شنقيط، وتيشيت، وودان ،وتنيكي، وولاتة…  ومجامع الزوايا المنتشرة هنا وهناك  كل ذلك شكل ذاكرة جمعوية تمجد العلم  وتذم الجهل، مما بنى حصنا منيعا ضد  الهجمات  الخارجية  الاستعمارية وقام بترشيد طيش  الحروب القبلية المقيتة، فالنظام الاجتماعي المبجل للعلم وأهله والداعي لإشاعته بين الناس انتظم في شكل الهيئات المعروفة بالمحاظر والزوايا ونظامهما التعليمي القويم محكم البنية والتنظيم المرسوم بمناهج معرفية عالية الجودة البيداغوجية … استقبلت هذه التجربة الدولة الموريتانية الحديثة بأطر وكفاءات كان لهم الدور البارز  في إرساء معالم الجمهورية برؤية محصنة من الاستلاب الفكري والحضاري، مؤسسة على منظومة ناضجة مستقلة، درست أجيالا من الاطر المعرفية، ورغم مطبات الصدام بين المعربين والمفرنسين بقي جوهر العلمية التربوية سليما.  فنفذت مناهج سجلت  أهدافا وغايات، لها عظيم الاثر في فكر النخبة الموريتانية.
تلك المرحلة ننطلق منها لنرسم ونشخص الخطوات اللازمة لإصلاح المنظومة التربوية والمتصورة عندي فيما يلي:!

1-خطوات إلى الوراء قديما قيل إن القوس والسهم لا يبلغان مداهما وإصابتهما اذا لم يعودا إلى الوراء كذلك نحن كما أسلفت ينبغي الرجوع إلى سابق عهدنا ومراجعة منظومتنا التعليمية السابقة ويتمثل ذلك في:
أ- دعم مؤسستنا العتيقة (المحظرة)وإعطائها دورا رئيسيا في الخطط والاستراتيجيات لما لها من نجاح سابق في القيم التربوية وتنمية الملكة الذهنية لدى التلميذ والطالب ينضاف إلى ذلك شحنهما بمعارف الدين ونماذج الناجحين ومصارع الفاشلين كما صورها القرآن الكريم وقصص التاريخ الإسلامي المجيد.
ب- إعطاء حظ وافر من الوقت والرصيد للمناهج الإسلامية من لغة وعلوم إسلامية ..فهي تزكي النفس وتوجهها وتبعث الأمل في نفس التلميذ وتحيي فيه ضمير العقل والدين .
ج- إحياء المنظومات التعليمية ما قبل 99  واستدعاء  رجالاتها  من المدرسين والمشرفين و المربين…. ووضع تصور يفضي إلى نتائج توصل إلى مسلمات منها أن ما قبل تلك المرحلة كان فيه من التوفيق أكثر مما فيه من الفشل.
2- المدرس: من المعلوم أن أي آلة إنتاجية  وأي برنامج تنموي لا بد له من عقل وفكر  يمنطق وينفذ ولا يتصور ذلك إلا رجل التعليم وعليه لا يمكن وضع خطة لا تراعي المدرس ولا تقوم بحل المشاكل المطروحة للمدرس وهي :
ـ مراجعة الراتب والحافز والعلاوة بما يريح تفكير المدرس ويجعله في وضعية يمكن أن يستخدم ذهنه  وجوارحه الإنتاجية ذات الصلة بالتوصيل المعرفي ويجعله يتابع منسوبي فصله من حيث التحصيل والفهم  ويقوم السلوك، – فالجائع مشتت العقل والبال- .
– إحياء مدارس التكوين  وإلزام المدرس بالتكوين فكل نظري لا يصاحبه تطبيق مآله إلى الفشل والضياع والعبثية، ومن هذا المنطلق لا بد من التكوين المستمر ومراقبة ومتابعة الخطط والاستراتيجيات الناجحة في شبه المنطقة .
– مراقبة المناهج ومتابعتها بحيث يتأكد اكتمالها وتوصيلها على الوجه المطلوب.

3-المناهج التعليمية : المنهج هو مربط الفرص في القضية التربوية وبالتالي مراجعة المناهج بشكل دقيق يقوم على الابعاد الثلاث
‘البعد الزمني للتنفيذ
البعد الذهني للتلميذ
البعد اللغوي فشرط التواصل بين المتلقي والمتكلم في فهم الكلام والا كان لغوا غير ‘مفيد’

4-االبنى التحتية   والهيكلية للقطاع: لا نجادل بأن البني التحتية انتشرت بشكل عشوائي في ربوع الوطن غابت حيث ينبغي أن توجد وحضرت في أمكنة لا ينبغي أن توجد ومرد  ذلك إلى  الفوضوية والارتجال، فالناظر إلى جنبات الطريق الرابط بين طريق الحوضين وانواكشوط (الأمل) سيرى مجموعة مباني شاهقة  ومشيدة  لايؤمها الا الحمير والقطط ..وبعضها انتزعته الرمال من أهله حال مدرسة بين مدينة أبي تلميت وبلدية تنقدغ بينما تجد مدنا رئيسية في العمق الديمغرافي والاجتماعي للوطن ناقصة الفصول والمدارس حال مدينة كرو التي لا توجد فيها غير ثانوية ناقصة العدد والعدة يؤمها أكثر من 1400تلميذ .
ـ لا قيمة لتوسيع الهيكلة الادارية فنجاح المشرف الاداري تكمن في الارادة والخبرة والاخلاص لافي تكديس المسميات والالقاب من قسم  ومصلحة وادارة وتعدد الادارات.. ومن الفشل تلو الفشل …تعدد القطاعات وتكرار التسميات وإعادة التسميات فالذي قام بزيارة للمفتشية العامة للتعليم وزارة التعليم العالي حالا سيدرك بجلاء حجم الفوضوية الظاهرة في مقبرة من العناوين المتعاقبة على المبنى الحكومي ، وما الحالة الماثلة أمامنا هذه الايام  الا شكل من أشكالها قطاع واحد برأسين، كنت في المغرب 2003 وأتذكر أن منظومة التعليم بجميع مراحلها لها وزير واحد تمت تسميته ‘بوزير التربية والتعليم العالي وتكوين الاطر والبحث العلمي وتعليم الكبار’ إذ الاصل في المردودية الادارية لا في العنوان الفارغ.

5- بين الانتشار الافقي الذي يكون ناقص الشحنة القيمية
وبين التقلص الذي لا يوصل الرسالة التعليمية إلى مداها الاجتماعي والديمغرافي- المطلوب- تصعب الملاءمة  ، وبالتالي فالتوفيق بين النوع الجيد من التعليم وتوصيله إلى الاعماق الاجتماعية ، وحالتنا تعلم  بذلك فضعف  االمتعلمين مؤشر وكثرة المتهجين للقراءة والكتابة دليل على اتساع رقعة ميوعة التعليم فالحل في هذه المسألة يكمن في
– مكافحة التقري العشوائي القاتل للتنمية وأسبابها
– اعادة تجميع الثانويات وتوحيدها في المدن الكبيرة
وإلغاء التعليم الحر في المراحل الابتدائية والإعدادية .

6- مما هو موثق في علم الادارة الناجحة:  أنها تبدأ بوضع تصور، ثم قرار، ثم تنفيذ  ،ثم متابعة تنفيذ، ثم تقييم قرار، لذلك ينبغي إنشاء لجان رقابة في المقاطعة والولاية …تعنى بمراقبة المنهج وتنفيذه وتقييمه تراقب المدرس والمشرف على حد سواء تتمتع بالكفاءة المعرفية والانضباط ترفع تقاريرها كل شهر وتوصياتها ملزمة لدى الجميع.

7- إلزامية الثوب الموحد من الروضة إلى الجامعة

8- الحزم والانضباط في الامتحانات والتقويم وذلك بطرح دفتر شروط  لا يتجاوز التلميذ الا وفقه وإلا كرر السنة وتعرض للطرد .
9- إلزامية التعليم في المراحل الابتدائية والاعدادية وتعرض من لم يقم بتدريس أطفاله للمساءلة و للعقوبة
10- وضع خطط زمنية يمكن تنفيذ التصور وتقييمه خلالها كخطة خمسية وخطة عشرية …. ويمكن التقييم كل مرحلة بالتي بعدها فمخرج الابتدائي سيلحظه مدرسوا الاعدادي ومخرج الاعدادي سيلحظه مدرسوا الثانوي وهكذا ……
إن هذه الخطوات تعتبر من بين أخرى هي صمام النجاة لمجتمع ولحكومة تعرف قيمة العلم والتعليم في ماضيها وتدق أجراس الخطر على حاضرها تتعهد لشعبها بالقضاء على الثلاثية المقيتة
الفقر ـ المرض ـ الجهل
ولأن الجهل هو السبب في سابقيه والثروة البشرية هي أكسب الثروات وأنفسها وأكثرها رواجا فالشعوب المتحضرة تبيع بنات افكارها  لا تلك التي تبيع معادنها، وتلك التي تعرف استغلال مناجمها وتسيير مرافقها ومعداتها لا تلك التي تستأجر من يشغلهم لها.
– من ضياع أجيالنا هو : ضياع قيمنا فأصبحت المادة هي العنصر المتحكم في عقولنا مع العلم أن العلم والتعلم هم سر المال الذي ينضب    بعد الله   (وءاتيناه من كل شي سببا فاتبع سببا )(وءاتينه ملدنا علما).
– ومن ضياع منظومتنا التعليمية هو السيل غير الجارف من الزبد المسمى في عرف قطاعي التعليم بالعقدويين الذين يعجزون في الغالب عن تعليم أنفسهم على الاقل في امتلاك المهارة التربوية أحرى أن يعطوها لغيرهم -ففاقد الشيء لا يعطيه-
– ومن أفشل الخطط الحالية إحصاء المدرسين فذلك مضيع للمال والوقت والطاقة الذهنية، مظهر لعجز قطاع برأسين فإحصاء موظفين لدى قطاع يتقاضون رواتبهم ومن المفترض أن يؤدوا وظائفهم عبر -مبدأ  الاجر مقابل العمل .
لا مقابل التحايل على العمل، فهذا رابع إحصاء منذ 2007لم يوصل إلى قاعدة بيانات مهمة بل تعاقبت مكاتب دراسات، بالعد وإعادة  العد، وكأننا أسفار العدد والتثنية ، مع لم يقنع من هو موجه لهم من اليهود .

شاهد أيضاً

بين الطوباوية والبرغماتية / الولي ولد سيدي هيبة

اثبتت دراسات قيمة أن أكثر ساكنة المعمورة جنوحا إلى السلم هم ساكنة ضفاف الأنهار، التي …