19 أبريل 2024 , 1:36

الجزائر تعلق آمالها على محرز في نهائي “الكان” ‬

تريَّثَ رياض محرز قبل أن يسدد الركلة الحرة في الثواني الأخيرة من المباراة ضد نيجيريا في نصف نهائي كأس الأمم الإفريقية في كرة القدم. انتظر قائد “محاربي الصحراء” اللحظة، وأطلق كرة تحولت إلى أحد أجمل أهداف البطولة، ودغدغت أحلام الجزائريين الباحثين عن لقب طال انتظاره منذ 29 عاما.

لم تكن تلك الركلة، التي ألهبت حماسة المشجعين في ملعب القاهرة، مجرد هدف في ثوانٍ قاتلة. مع اهتزاز الشباك، أصاب محرز (28 عاما) أكثر من طموح، أبرزها وضع منتخب بلاده في المباراة النهائية للمرة الأولى منذ لقبه الوحيد على أرضه عام 1990، وتثبيت موقعه كأحد أفضل اللاعبين في صفوف المنتخب الأفضل في نسخة مصر 2019.

الجمعة، يعود محرز المتوج في الموسم المنصرم بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز مع مانشستر سيتي، إلى الملعب ذاته، آملا في قيادة بلاده لرفع الكأس على حساب السنغال ونجمها – غريمه في إنكلترا – ساديو مانيه لاعب ليفربول المتوج بلقب دوري أبطال أوروبا مطلع يونيو.

على الجناح الأيمن، شكل محرز ركنا محوريا مع ثلاثي المقدمة: سفيان فغولي، يوسف بلايلي وبغداد بونجاح. هؤلاء، وغيرهم حققوا للجزائر فعالية هجومية فائقة وصلابة دفاعية نادرة: سجل محاربو الصحراء 11 هدفا في ست مباريات، واهتزت شباك رايس مبولحي مرتين فقط.

في مباراة نصف النهائي، كان محرز خلف الهدف الأول لبلاده الذي أتى بنيران نيجيرية صديقة، وانتظر حتى الثواني الأخيرة ليطلق بقدمه اليسرى ركلة حرة رائعة هزت شباك منتخب “سوبر إيغلز” (“النسور الممتازة”)، محتفلا بمنح بلاده الفوز 2-1. سجل، وركض عبر المستطيل الأخضر نحو دكة البدلاء للاحتفال معهم ومع المدرب جمال بلماضي، وهو يضرب يده على شعار المنتخب على صدره.

اختصر محرز ما قام به بالقول: “حصلنا على ركلة حرة، تحملت مسؤولياتي، ووضعتها (في المرمى)”.

في تلك الأمسية، اعتبر المحلل الجزائري صالح عصاد، عبر قناة “الهداف” المحلية، أن محرز قدم إحدى أفضل مبارياته بقميص المنتخب “رأيناه في الأمام في الهجوم، على الأطراف، رأيناه خلف المهاجمين، رأيناه في الوسط، ورأيناه في الدفاع”، متابعا “رأينا أنه كان مسؤولا عن الفريق”.

بالنسبة إليه، كان محرز “رجل المباراة في الهدفين (…) قائدا حقيقيا”.

تأثير غوارديولا

يظهر على محرز خجله وحديثه بصوت منخفض في المؤتمرات الصحافية، على الرغم من أنه من أكثر اللاعبين شهرة في كرة القدم، لاسيما في إنكلترا حيث توج بلقب الدوري مرتين في ثلاثة أعوام.

اللاعب، الذي نشأ في فرنسا لاسيما مع فريق لوهافر، عَبَر القناة الإنكليزية في مطلع 2014، منضما إلى فريق مغمور حينها اسمه ليستر سيتي.

لم يكن في حساب أشد مشجعي ليستر تفاؤلا أن يتوج الفريق بعد عامين بلقب الدوري الممتاز (2016). حقق الزرق المفاجأة، وشكل محرز أحد أفضل عناصرهم في موسم انتهى بنيله جائزة أفضل لاعب في الدوري الممتاز، وأضاف إليها بعد أشهر جائزة أفضل لاعب إفريقي.

في الموسم التالي، تراجع ليستر، وتراجع محرز. نفحة الحياة المتجددة بثها فيه انتقاله في صيف 2018 إلى مانشستر سيتي، ليعمل في إشراف المدرب الإسباني الفذ جوسيب غوارديولا، المعروف بتأثيره الإيجابي على لاعبيه بقدر إبداعه في الخطط التكتيكية.

أنهى محرز في موسمه الأول مع مانشستر سيتي لقبه الشخصي الثاني في الدوري الممتاز، بعدما شارك في 27 مباراة سجل خلالها سبعة أهداف، آخرها في المرحلة الختامية للموسم ضد برايتون (4-1)، في مباراة كانت نتيجتها حاسمة لضمان اللقب بفارق النقطة الوحيدة عن ليفربول.

بالنسبة إلى المدرب المخضرم على مستوى القارة السمراء، الفرنسي كلود لوروا، ثمة جانب من غوارديولا في أداء محرز والجزائر في أمم إفريقيا.

على هامش البطولة، قال الفرنسي لوسائل إعلام جزائرية، إن منتخب الجزائر “منظم بشكل جيد جدا، مضبوط بشكل جيد جدا، “غوارديولي” (نسبة إلى غوارديولا) في استعادة الكرة من الخصم”.

وتابع: “هذا ربما تأثير محرز مع جمال (بلماضي)”.

كال غوارديولا المديح للاعبه سابقا، واعتذر منه لإبقائه على مقاعد البدلاء لفترات طويلة “أنا السبب في أنه لا يلعب. ليس مسؤولا على الإطلاق. أنا حزين لذلك لأنه يتدرب بشكل جيد جدا. هو لاعب ذو موهبة مذهلة”.

وأضاف: “أنا غير قادر (نظرا للمواهب في فريقه) على منحه دقائق اللعب التي يستحق. لحظته ستحين، وأنا واثق من أنه سيلعب بشكل جيد”.

“نحن قادرون”

حانت اللحظة مع بلماضي. النجم الجزائري السابق، الذي تولى مهامه على رأس الإدارة الفنية للمنتخب في غشت 2018، عهد لمحرز شارة القيادة في الميدان، وجعله اللاعب الذي يعول عليه لصنع الفارق بموهبته متى احتاج إليها منتخب يتفوق في ابتكاره الجماعي.

في مباراة الجمعة، سيعود محاربو الصحراء للقاء “أسود تيرانغا” للمرة الثانية في نسخة 2019، بعدما تمكنوا من الفوز عليهم في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثالثة بهدف نظيف سجله بلايلي.

محرز، الذي بات أول جزائري يسجل ستة أهداف في كأس الأمم (ثلاث مشاركات)، يحمل على كتفيه آمال مواطنيه المتوقع حضور الآلاف منهم في ملعب القاهرة عبر جسر جوي ستقيمه السلطات الجزائرية بين البلدين.

في المباراة الأخيرة له على هذا الملعب، وقف محرز في الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع لتنفيذ ركلته الحرة. عبر شاشة “بي ان سبورتس”، ردد المعلق الجزائري حفيظ دراجي، ولنحو عشر ثوان متواصلة، عبارة “حطها في الغول (ضعها في المرمى) يا رياض”، قبل أن يسدد اللاعب الكرة. لهفة المعلق ونبرة صوته المتأثرة بعد الهدف تختصران مشاعر الجزائريين في تلك اللحظة، ببلوغ النهائي للمرة الأولى منذ لقب 1990.

يدرك محرز جيدا ما يعنيه اللقب للجزائريين، لاسيما في مصر. بعد الفوز على نيجيريا، قال بنبرة الواثق الحالم: “هل كان هذا أفضل هدف لي؟ أعتقد أنه الأهم مع المنتخب. نعم، حلمي هو أن أحرز لقب أمم إفريقيا”.

وأضاف: “ستكون معركة أخرى أمام السنغال (…) لقد كنا جيدين جدا في هذه البطولة. هذه المباراة (ضد نيجيريا في نصف النهائي) منحتنا ثقة إضافية من أجل النهائي. نحن قادرون على الفوز فيه”.

*أ.ف.ب

شاهد أيضاً

ليبيا تهزم موريتانيا في كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم داخل الصالات

فاز المنتخب الليبي على نظيره الموريتاني (5-4)، في المباراة التي جمعتهما، اليوم الأحد، على أرضية …