19 أبريل 2024 , 11:51

د/ تربة بنت عمار تكتب : وفجأة صارت الكرامة دخانا


بنت عماركثيرة هي الأشياء التي تستوقفني بإلحاح من أجل الكتابة عنها، لكن قلمي يتمنع في كبرياء إذا كانت بطابع سياسي، نظرا لكون السياسة عندنا مازالت في طورها الخجول ، الشيء الذي جعلني أبتعد قليلا عن تلويث قلمي بالكتابة عن سياسة بلدي، حيث اخترت أن أخدمه بما أتيت من قوة علمية متواضعة في أصل الإشكالات التي أعتقد أنها سر الضعف والهوان

ورغم هذا فقد كنت اعتقد- في سذاجة- أن للقاعدة شواذا كما هو معروف لكن تبين لي عكس ذلك، مما جعلني أكتب هذه الملاحظات نظرا لنكهتها الصدفية التي كان للقدر فيها موقف لن أنساه ، وقد اخترت لها عنوانا بمسحة أدبية مستوحاة من شعر نزار قباني نظرا لدقة وصفه لمفارقات الأقدار

وبما أن هذه السطور القليلة في حقيقة أمرها ليست مقالا تحليليا، ولا تتضمن عتابا، ولا نقدا لجهة لأنني أحبذ الابتعاد عن الأشياء الخصوصية والصغرى ، والتزامي بالقضايا الكبرى رغم تداخلهما أحيانا كما هو الحال في هذه الملاحظة، التي كتبتها رغبة من بعض الزملاء الذين دونوا شيئا عن هذه الحادثة ، كما استهواني تسجيل بعض الملاحظات حول حادثة طريفة كانت من وحي الأسبوع المنصرم وتجليات سباق المصالح الموسمية

فمن مفارقات الأقدار أنني يوم الأربعاء الماضي كنت في لقاء مع أحد الباحثين المميزين من طلبة دكتوراه هنا في المغرب ، وهو من خيرة الطلبة الباحثين الموريتانيين وله وزن محترم مثقف ومتشبع بالوطنية ، حيث استقدمته من مدينة القنيطرة المغربية قصد دعوته للانضمام لحزب سياسي كنت أنا قد خلتني مقتنعة به ، وعندما جلسنا في المقهى المقابل لمحطة القطار المعروفة ب”محطة الأمير عبد القادر” حيث كنت أنا غارقة في شرح للزميل (الضيف) مبدأ حزبي بأنه حزب نزيه ومحترم، ويختلف عن غيره من الأحزاب بصبغته المزدوجة بين الإسلام والعروبة بشهامة ووفاء ونقاء

وفجأة وبدون سابق إنذار رن هاتفي فتحت الخط فإذا أنا بحزبي المفدى بلحمه وشحمه يقول لي : “مهلا رويدك عزيزتي لا تذهبي بنا بعيدا فلسنا نحن كما تتخيلين”، ما نحن إلا من غزيت إن غوت غوينا” ، لقد استبدلناك بغيرك إن عهد الوفاء والقيم عهد رجعي ومتخلف

هكذا ” أخبروني أن حسناء غيري حلت محلي ” لقد ضحكت في سري من سخرية الأقدار، التي تنبهنا من حين الآخر على سطحيتنا ونزعتنا البشرية العجولة والمتسرعة

لقد تراءت لي صورة بلادي تبتلعها رمال الخيانة والغدر ….، لقد تبددت أحلام الكرامة والوفاء والنقاء لتجعلها عواصف الهلع خيطا من دخان ، في لحظة كنا نبحث لبلادنا عن أشياء مختلفة ، عن أشياء أخرى تعيد لنا بعضا من نور الوفاء، لكي نخلط عملا صالحا وآخر غير ذلك لعل وعسى نخفف من حلكة دخان حريق الآمال …..؟؟؟؟؟

شاهد أيضاً

تساؤلات من مراقب !!!/ التراد ولد سيدي

في ظروف توالد وتكاثر المبادرات التي يتنافس فيها الآخيرون مع الاولين في إظهار ولائهم الحقيقي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *