25 أبريل 2024 , 4:37

الأمية الإقتصادية / بقلم محمد افو

عندما تخبر شخصا عاديا بأن دب الباندا في حديقة صينية بلغ عشر سنوات ، فلن يتمكن هدا الشخص من معرفة ماذا يعني ذلك

لأنه لا يعرف العمر الافتراضي لدب الباندا ، وبالتالي لا يعرف ما إذا كان في عمر الشباب أو أنه يحتضر

كذلك عندما تخبر مواطنا بأن إجمالي الدين الخارجي بلغ 100% من الناتج المحلي

فهو لا يعرف الناتج المحلي ولا رقم المديونية الخارجية ولا الداخلية

وبالتالي لا يمكنه قراءة ما يحدث

يشبه ذلك حين تفصل مستشعر الحرارة في مكينة سيارتك ، فأنت في أبسط الاحتمالات أصبحت تجهل ما يحدث

يمكنك أن تتحدث عن معايير الرقابة والشفافية المالية

لكنك حين لا تجعل المستشعر العام يعمل ، فأنت تساهم في التعتيم

يستحلب السياسي الخزائن ، ويقدم الناقد الاقتصادي أرقاما ومقارنات ودراسات كارثية ، والمواطن لا يفهم شيئا ، فيلتفت السياسي إلى النذير ويقول ” لقد أسمعت لو ناديت حيا “

فيخبو صوته و يتسمر على حاجز الإحباط و الملل ، ويستمر الحال على ماهو عليه

تتسع مساحة الأمية الإقتصادية لتطال الساسة

ورؤساء الأحزاب ، أما المثقف الناقم فيشبه البراميل الفارغة ( يعلو صوتها كلما فرغت )

بعض الشر …

عندما يستنزف الناتج المحلي لأقساط الديون ويتراكم الضغط ، فهناك نهاية حتمية ، وهي طلب الحكومات لجدولة الديون أو جدولة الأقساط

قد يوافق المقرض استجابة لعجز الحكومة ، لكن الطرفين لا يتحكمان في تخفيض التصنيف الإئتماني للدولة

وحين ينخفض هذا التصنيف ، يزيد خوف المستثمر الذي يبدأ في سحب استثماراته أو تقليصها ، أو يلغي مشاريعه المبرمجة

بعد ذلك تزيد نسب البطالة ويسرح العمال وتنخفض الرواتب ويقل الدخل الضريبي والعوائد الاستثمارية ، ويزدادعجز الحكومات عن السداد وينخفض التصنيف الإئتماني من جديد ، وهكذا

لماذا قدمت بذلك الشاهد ؟

الجواب يتعلق بكشف بعض الخدع البسيطة التي يمارسها الساسة والمسيرون لتمرير الكوارث

يمكن لحكومة أن تنجز الكثير من البنى التحتية ، كالمدارس والمشافي والطرقات والكهربة … الخ

وتفعل ذلك وهي حكومات فاشلة جدا

يعني هذا أن معيار تقييم الحكومات ليس ما تشيده من البنى أو تقتتنيه من المعدات

تبسيط …

عندما أشتري سيارة فارهة بقيمة 16 مليون أوقية فهذا يبدو من حيث الشكل إنجازا معتبرا

لكن ماذا لو كنت اشتريت هذه السيارة بالتقسيط وكان قسطها الشهري أكبر من الفائض الذي يمكنني ادخاره ؟

وكانت محسوبة علي بضعف ثمنها الأصلي ( 32 مليون ) ؟

في هذه الحالة سيكون جاري الذي يمتلك سيارة بقيمة مليون أوقية ويحقق فائضا شهريا قدره 50000 أوقية ، أغنى مني وأكثر رشدا وإنتاجا

يمكن لجاري أن يصرف على دراسة إبنه ويستثمر مدخراته

في هذه الحالة سيكون جاري الذي يمتلك سيارة بقيمة مليون أوقية ويحقق فائضا شهريا قدره 50000 أوقية ، أغنى مني وأكثر رشدا وإنتاجا

يمكن لجاري أن يصرف على دراسة إبنه ويستثمر مدخراته

وظاهريا يبدو للمغيب أنني غني وأن جاري فقير ، بينما الحقيقة الواقعية هي عكس ذلك

هذا يشبه أن تقترض الحكومة مليار دولار وتبني ناطحة  سحاب أو ترصف الطرقات أو تبني مطارا ، وبينما تدفع أقساط القرض تكون عاجزة  عن تعليم غالبية الاطفال أوعلاجهم وإطعامهم

الموجب …

أن السياسي الوطني النزيه ، ليس من يقترض مليار دولار ويبني بنصفها بعض المنجزات ، ويصرف من فتات ما بقي على حناجر الإيهام والتضليل

وإنما ذلك الذي يتحمل مسؤولياته وهو يغادر منصبه دون تركة خيبات وكوارث تدفعها الاجيال بينما يمضي بقية حياته في ممارسة الصيد والترفيه

في المشروع الوطني وضعنا استراتيجيات تحمى الشعب أثناء أميته الإقتصاديه

وتقلص صلاحيات الحكومات وتوسع من صلاحيات الدولة

بمعنى أنها تفرق بين استراتيجية الحكومة واستراتيجية الدولة

وضعنا استراتيجية شاملة تتعلق بتأسيس مفهوم إقتصادي جديد

تتم هيكلته بواقعية وتوزيع أفقي وشامل وعادل للثروة ، وتتقلص فيه ثغرات الفساد إلى نسب تمكّن من محاربته

ولمناقشة تلك الاستراتيجية ندعو كافة الإقتصاديين والمهتمين والأميين من الصفاقة والمعارضة والمثقفين

أن يكونوا على استعداد لحضور ” اللقاء الوطني التنموي الأول ” والذي سينظمه المشروع الوطني

وهناك ستستمعون للمرة الأولى في تاريخ البلاد إلى استراتيجية تنموية تديرها وتحميها  الدولة  وليس والحكومات

ستحلمون بعدها بحكومات مقيدة ومحصورة ومكشوفة ، تعمل على رأس آلة إقتصادية مستقلة عن قرارهم وتخطيطهم

هناك ستحلمون برئيس يزور ولاية ولا يجد في استقباله آلاف الحشود

ستحلمون بمشاريع تنموية لا يتم تدشينها ولا التجمهر تحت الخيام للإشادة بها ولا بمن أنجزت دون تدخل منهم

سترون المشاريع التي لن تجدوا من تقدمون له الإمتنان وصنوف التذلل والطاعات والحمد لأجلها  غير خالقكم

ستحلمون بنمو ثابت في مختلف مفاصل التنمية ولن تحتاجوا هذه المرة للإندهاش ولا التعبير عن امتناكم ودعمكم اللامشروط

لقد تم وضع الأسس والإستراتيجيات لتقزيم النفوذ ومحاصرة الأبهة الوظيفية ، وتحييد السلطة وتذويبها أفقيا لصالح المؤسسات

وللموضوع تداعيات وآثار إجتماعية كبيرة ستكون موضع عرض وتباحث

ستحلمون وأنتم على قيد الوعي بأن حلمكم كان دئما أقرب إليكم مما تتخيلون

لكن قيامة الفوضى كانت تخطف أبصاركم إلى حيث يخطف الخوف عقل الجبان

محمد افو

#اللقاء_التنموي_الأول

#المشروع_الوطني_أملنا

شاهد أيضاً

بين الطوباوية والبرغماتية / الولي ولد سيدي هيبة

اثبتت دراسات قيمة أن أكثر ساكنة المعمورة جنوحا إلى السلم هم ساكنة ضفاف الأنهار، التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *