29 مارس 2024 , 11:00

تقرير غوتيريس حول الصحراء … استنتاجات متسرّعة وانتكاسة جزائريّة

أفرج الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، عن التقرير السنوي بخصوص الحالة في الصحراء. وككل سنة، كان هناك ترقب في المغرب بخصوص محتوى التقرير، وما إذا كان سيحمل معطيات تتماشى مع مصالحه

وعلى غرار كل سنة، يدفع هذا الترقب العديد من المغاربة، سواء ذوو الاختصاص في الموضوع أو المهتمون به، إلى الخروج باستنتاجات متسرعة تكون في بعض الأحيان غير مبنية على قراءة متأنية للتقرير ومقارنته مع التقارير السابقة. ويتسبب هذا التسرع في ظهور العديد من المغالطات التي تلقي نوعا من الضبابية وتصعب مأمورية فهم محتوى التقرير وتحليل مضامينه والخروج باستنتاجات

يمكن القول إن التقرير جاء إلى حد ما لصالح المغرب ومخالفاً لتطلعات البوليساريو؛ فهناك ثلاث نقاط مهمة في الجزء المخصص للتوصيات، أولها أن الأمين العام لم يوص بتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، وهو ما يمكن اعتباره انتكاسة أخرى للبوليساريو والجزائر؛ كما أنه طالب مجلس الأمن بالضغط على البوليساريو من أجل الانسحاب من الكركرات؛ وبالتالي سيكون هذا الكيان الانفصالي مجبراً على الامتثال لمجلس الأمن في حال تضمن قراره القادم مطالبته بالانسحاب

وفي مقابل ذلك، أشاد التقرير بقرار المغرب الانسحاب فورياً من الكركرات، مباشرة بعض صدور بيان الأمين العام الأممي أواخر شهر فبراير الماضي

والنقطة الثالثة، وهي الأهم، أن التوصية التي تدعو إلى إيجاد حل سياسي متوافق عليه لا تتضمن عبارة “بما يضمن تقرير مصير الصحراويين”، بل تشير إلى ضرورة تفاهم الطرفين بخصوص طبيعة ومفهوم تقرير المصير، وهو ما يوحي بأن الأمم المتحدة لم تعد متشبثة بالمفهوم التقليدي الضيق لتقرير المصير؛ على أساس أنه يفتح الباب لاستقلال الصحراء عن المغرب

من جهة أخرى، أعطى الأمين العام سرداً في الجزء الأول من التقرير (من الفقرة 2 إلى الفقرة 21) للأحداث منذ شهر أبريل الماضي، بما في ذلك التوتر القائم في الكركرات؛ ولعل النقطة الإيجابية في هذا السرد هو أنه اعتبر في الفقرة الثانية من التقرير أن المغرب لم يرسل أفرادا من قواته المسلحة إلى الكركرات حينما قرر يوم 14 غشت الماضي الشروع في تعبيد الطريق الرابطة بين الأقاليم الجنوبية للمملكة وموريتانيا. وهنا أكد التقرير أن هذه العملية تمت دون مشاركة القوات المسلحة الملكية؛ وهو ما يمكن اعتباره ضمنيا اقتناعا من الأمين العام بأن المغرب لم يخرق اتفاق وقف إطلاق النار

في المقابل، أوضح الأمين العام الأممي أن البوليساريو ردت على تحرك المغرب في المنطقة عن طريق إرسال عناصر مسلحة لمنع تعبيد الطريق، وأضاف أنها ادعت أن العناصر المسلحة التي وضعتها بمقربة من عناصر الدرك الملكي المغربي تعتبر تابعة لـ”الدرك الوطني”. ولعل وضع الأمين العام لمعقوفتين عند الحديث عن “الدرك الوطني” التابع للبوليساريو يوحي بقناعته بأن هذه الجماعة الانفصالية هي التي قامت بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، وهي المسؤولة عن التوتر الذي شهدته المنطقة منذ شهر غشت الماضي

ولكن في المقابل، على عكس ما يتم الترويج له في بعض المنابر الإعلامية وفي قنوات التواصل الاجتماعي، ليست هناك أي إشارة في التقرير إلى خرق البوليساريو لوقف إطلاق النار ثماني مرات، ولا لعلاقة البوليساريو بالدولة الإسلامية؛ وإنما قال إن خلية تابعة للدولة الإسلامية هددت بالهجوم على المغرب وعلى قوات المينورسو. بالإضافة إلى ذلك، تم ذكر وقف إطلاق النار 19 مرة في التقرير، ولم يورد في أي منها أن المغرب أو البوليساريو خرقا وقف إطلاق النار؛ بل أعطى سرداً للأحداث التي جرت خلال الشهور الماضية، وقال إن التوتر السائد هناك يهدد اتفاق وقف إطلاق النار

ومن ثم، دعا التقرير مجلس الأمن إلى حمل البوليساريو على الانسحاب من الكركرات؛ ومن جهة أخرى، وعلى عكس السنوات الماضية، لم يشر في الفقرات المخصصة للتوصيات إلى مسألة إحصاء المخيمات، وإنما أشار إلى ذلك بطريقة عرضية في مكان آخر منه

كما أن الإشارة إلى الجزائر في الجزء الخاص بالتوصيات ليست جديدة، بل وردت كذلك في تقرير العام الماضي. وهنا ينبغي التنبيه إلى أن التقرير لم يؤكد أن الجزائر طرف مباشر في النزاع، ولم يدعوها إلى الانخراط في التوصل إلى حل سياسي، بل أشار إلى أنه ينبغي لها ولموريتانيا المساهمة في العملية السياسية

*مستشار دبلوماسي ورئيس تحرير Morocco World News

شاهد أيضاً

معالي الوزيرة صفية انتهاه تطلق توزيعات نقدية لصالح أسر متقاعدي وقدامي قوات الأمن “صور”

أشرفت وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة و الأسرة، السيدة صفية بنت انتهاه، صباح اليوم الخميس في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *