20 أبريل 2024 , 9:38

رياضي عربي يسافر من أمستردام إلى مراكش عبر دارجة هوائية “صورة”

مغامر1مغامربعينيْن مليئتيْن بالأمل والحماس والصدق، يتحدّث المغامر المغربي محمد أمين المستنجدي عن مشروعه الإنساني الخاصّ والذي انطلق منذ 30 يوليوز الماضي وما زال مستمرّا، والمتمثل في قطع المسافة بين أمسترادم ومراكش على متن الدّراجة الهوائية، مروراً بعدد من العواصم الأوروبية.

وصل المهندس محمد أمين، 38 سنة وأبٌ لطفلتين، إلى طنجة صباح الأحد 21 غشت، وسيرتاح يوما واحدا، قبل أن يواصل المسير نحو الرباط التي يرتقب أن يصلها الثلاثاء مساءً، ثم مرّاكش أخيرا يوم الجمعة، حيث مسقط رأسه

يقول محمّد أمين، في تصريحه لهسبريس أثناء وجوده بطنجة، شارحاً الفكرة وأبعادها: “الحقيقة أن الفكرة خطرت لي عندما توفي والدي بسبب مرض القصور الكلوي، وعايشتُ معاناته مع المرض يوما عن يوم، فكان هذا دافعا لي من أجل التفكير في هذه الشريحة من المرضى، خصوصا من يعانون معاناة مزدوجة، جسدية ومادية. وبما أنني أهوى ركوب دراجات هوائية كرياضة وكوسيلة نقل، فلم أجد أفضل من أن أحوّل هوايتي لتكون في خدمة قضيّة أو أكثر”

ويضيف محمد أمين: “للفكرة بُعدان: بعدٌ تضامني وبعدٌ بيئي. أما البعد التضامني، فقد تبنتهُ، مؤسساتيا، منظمة World kidney day غير الحكومية ببروكسيل، والتي تخصّص يوما في السنة لمرضى الكلى، حيث كانت تيمة هذا العام هي مرض القصور الكلوي عند الأطفال. ومنها جاء اسم رحلتي Cycling for KIDney hereos؛ فالطفل له طريقته الخاصة في مقاومة المرض بشكل بطولي، لأنه يواصل الابتسام واللعب بالرغم من المعاناة. كما أن الطفل يمتاز بوجود فرصة لعلاج مرضه من خلال زرع كلية مثلا، على عكس الكبار الذين لا يبقى أمامهم سوى تصفية الكلى بشكل يومي. كما أذكر أن Unicef Maroc دعمت الفكرة، أيضا، من جانب حقّ الأجيال المقبلة في صحة أفضل وبيئة سليمة

أما عن البعد البيئي، فقد قرّر محمد أمين أن يكون وصوله إلى مراكش، التي تحتضن قمة COP22 للمناخ، فيه مغزى أيضا، حيث تكون رحلته بالدراجة دعوة وتشجيعا لأكبر قدر من الناس من أجل تبنيها كوسيلة نقل يومي وليس للرياضة فقط، خصوصا أن واحدا من أسباب الاحتباس الحراري وسائل النقل بما تفرزه من غازات، حيث حصل فعلا على شارة المؤتمر دعما لفكرته في جانبها المتعلق بالمجتمع المدني.

وعن الدعم المادي الذي تلقاه، يقول المغامر المغربي: “بصراحة، قمت بمحاولات في هذا الشأن، وقصدت مؤسسات كبيرة على الصعيد الوطني؛ لكن لم أتلقّ أي تجاوب للأسف. بالمقابل، وجدت دعما لوجيستيّا من مؤسسات أجنبية منحتني إحداها ليال مجانية للمبيت في مجموعة فنادقها أثناء الرحلة، وأخرى مجموعة حقائب خاصة برحلات الدراجات، دعما منها للبعد الإنساني للفكرة. وفي العموم، فإن رحلتي اعتمدت على التمويل الذاتي”.

انطلق محمد أمين، إذن، في رحلته من عاصمة الدراجات الهوائية أمستردام، رفقة 3 درّاجين هولنديين دعموه معنويا لمسافة 100 كيلومتر الأولى، قبل أن يتوقّفوا ويواصل رحلته لوحده، مرورا ببروكسيل (مقرّ المنظمة الداعمة)، فباريس، ثم مدريد، التي بمجرّد اقترابه من دخولها، وبالضبط في منطقة “غوادا لاخارا”، وبعد قطعه لمسافة 2100 كيلومتر كاملة، تعرّض لحادث خطير مفاجئ إثر سقوطه في منحدر صخري بعد أن حجبت سيّارةٌ عنهُ المسار الصحيح، خصوصا أن الطرقات الإسبانية لا تعرف وجود مسارات خاصّة بالدراجات.

ويسرُد محمّد أمين ما حدث بعد ذلك، قائلا: “وقع الحادث في لحظة إنهاك وغياب تركيز منّي، ولم أشعر إلا وأنا أهوي متدحرجا في المنحدر. ولحسن حظي، فقد كانت خلفي سيّارة تضمّ شابّا إسبانيا ووالدته قاما بالتوقف والاطمئنان عليّ وتشجيعي من أجل الصمود، قبل أن يتصلا مشكورين بالإسعاف وينتظراه معي حتى تمّ نقلي إلى المستشفى الجامعي للمنطقة؛ ليتضح أنني أصبت برضوض فقط في الكتف والساق دون كسور بفضل الله. ولقد تلقيت معاملة رائعة هناك وعلاجا مجانيا استغرق يوما كاملا، تلته 4 أيام نقاهة.. كما أريد أن أشير إلى أن الحادثة وقعت في يوم عيد ميلادي، حيث وهبني الله حياة جديدة؛ وهو ما اعتبرته أفضل هدية في ذلك اليوم

بعد الحادث، سيقرّر محمد أمين أن يجري تعديلا بسيطا على رحلته، حيث سيقوم بالسفر عبر الحافلة إلى الجزيرة الخضراء لالتقاط أنفاسه وأخذ قسط من الراحة، بسبب الأثر الذي خلفته الحادثة في جسده؛ ومنها سيواصل رحلته على الدراجة من جديد من طنجة نحو مراكش ليقطع 600 كيلومتر المتبقية، ويكون بذلك مجموع الكيلومترات التي قطعها قد بلغ 2700 كيلومتر.

وقد كان في استقبال محمد أمين بميناء طنجة جمعية نادي الدراجات الهوائية والسياحة الجبلية بالفنيدق، الذين أعجبوا بمبادرته وكانوا يتابعون، مثل مئاتٍ آخرين، الرحلة على صفحة على فيسبوك أنشأها المغامر خصيصا للرحلة، وكان يضع فيها صور رحلته وانطباعاته أوّلا بأوّل.

واجه محمد أمين الكثير من الأحداث؛ لكن أهم ما لاحظه، حسب تصريحه، هو الوجود المكثف المفاجئ للجالية المغربية حتى في قرى صغيرة جدا؛ مثل قرية “موسطي”، التي قال إن “بها 50 مغربيا يشكلون عائلة رحل أوّل أفرادها منذ ستينيات القرن الماضي مع أحد الفرنسيين الذي كانوا يشتغلون معه في المغرب، قبل أن يستقرّوا هناك ويصبحوا جزءا من مجتمع القرية”.

يودّعنا محمد أمين وكلّه أمل في أن تتحوّل الكيلومترات التي قطعها إلى تبرّعات ومساعدات مادية من أجل الأطفال مرضى القصور الكلوي، “أريد أن يتم الاهتمام بالمبادرة بجميع أبعادها، وأن تلهم أناسا آخرين إما للمساهمة فيها أو في خوض مغامرات شبيهة. كما أتمنى أن تحظى برعاة رسميين في مقبل الأيام. لقد حققتُ الجانب الشخصي من الرحلة، وفاء لروح والدي؛ لكنني أريد أن تتحوّل المغامرة إلى أمور ملموسة. وفي هذا الصدد، فقد أبدت جمعية “rein” استعدادها لتلقي التبرعات من أجل توظيفها لعلاج مرضى القصور الكلوي” يقول المغامر المغربي محمد أمين المستنجدي

شاهد أيضاً

ليبيا تهزم موريتانيا في كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم داخل الصالات

فاز المنتخب الليبي على نظيره الموريتاني (5-4)، في المباراة التي جمعتهما، اليوم الأحد، على أرضية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *