19 أبريل 2024 , 9:38

المرابع ميديا تنشر كلمة سفارة المملكة المغربية بمناسبة احتفال الشعب المغربي بعيد العرش المجيد”نص الكلمة”

سفارة المغربالحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه؛

 يحتفل الشعب المغربي يوم السبت 30 يوليوز 2016، بالذكرى السابعة عشرة لتربع حضرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه الميامين، وهي ذكرى ذات خصوصية متميزة في أبعادها الوطنية والاجتماعية والسياسية ، مستمدة من القيادة الرشيدة لأمير المؤمنين المعتصمة بحبل الله المتين، لأن السيادة المغربية لا تكتمل إلا بالعرش وبجلالة الملك موحد الأمة وناظم عقدها وحافظ وحدتها الترابية.

لقد ظلت المؤسسة الملكية على الدوام في قلب المسار التنموي للأمة، وقد تميز عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس بإطلاق الأوراش التنموية الكبرى في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها، تحدوه الرغبة الأكيدة والعزم الراسخ للرقي بمستوى بلده إلى أعلى المراتب وفق نموذج تنموي متفرد، يروم التوفيق الأمثل بين الحفاظ على ثوابت البلد المقدسة وأصالته الروحية والثقافية العريقة وبين المعاصرة التي انخرطت فيها المملكة المغربية بقوة لتصنع لنفسها مكانا متميزا بين الشعوب والأمم.

وعلى هذا الأساس أطلق صاحب الجلالة الملك محمد السادس، طيلة عهده الميمون، جملة من الأوراش التنموية والإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الشجاعة، لعل من أبرزها دستور 2011 الذي جاء بمجموعة من الإصلاحات تخطت أبعد انتظارات الطبقة السياسية في البلد، وكذا ورش الجهوية المتقدمة التي مكنت من إفراز تنظيم جهوي جديد بالمغرب ومدونة الأسرة التي حققت تطلعات المرأة المغربية وجعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، وكلها  إصلاحات تروم الاستجابة لانتظارات المواطن المغربي الذي يعتبــر الحلقـــة الأساسيــة في أية عمليــة إصلاحيــة أو تنموية.

وقد شكلت هذه الإصلاحات السياسية والاجتماعية قاعدة صلبة وموحدة، مكنت المملكة المغربية من تهييئ الإطار المناسب لدينامية داخلية من خلال الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية وهيئات المجتمع المدني الناشطة في مجال حقوق الإنسان والجمعيات الثقافية ومختلف الهيئات الأخرى العاملة في شتى الميادين.

إن هذه الإصلاحات الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي انخرطت فيها المملكة المغربية جاءت في سياق إقليمي ودولي غير مستقر بسبب استمرار تداعيات الربيع العربي وكثرة بؤر التوتر وتنامي الإرهاب في منطقتنا المغاربية ومنطقة الساحل والصحراء الكبرى وفي وطننا العربي عموما، مما شكل تحديا كبيرا كان من اللازم مواجهته على صعيد السياسة الخارجية بالتشبث، أكثر من أي وقت مضى، بمواقف المملكة المغربية الثابتة القائمة على حسن الجوار والتضامن مع الدول الشقيقة والصديقة وإبرام الشراكات الاقتصادية ذات الفائدة المشتركة، وعلى المستوى الداخلي بمجابهة كل التحديات المطروحة بفضل سلسلة من القرارات والتدابير الرامية إلى توطيد مصداقية الحياة السياسية وانخراط أوسع للشباب في الحياة العامة وتقوية تنافسية وفعالية النشاط الاقتصادي وتصحيح الاختلالات الاجتماعية والاهتمام بالشأن الديني لترسيخ الفكر المعتدل ومحاربة تيارات التطرف والعنف والإقصاء.

وهكــذا شرعت المملكة المغربيـة خلال العقد الأخيــــر في إطـــلاق جملة من المشاريع والأوراش التنموية والإصلاحية الضخمة لترقية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطن المغربي نذكر من أبرزها :

 ـ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية: وهي مشروع تنموي يهدف لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الفقيرة، وقد انطلق المشروع  رسمياً سنة 2005، ويرتكز على ثلاثة محاور أساسية تتمثل في : التصدي للعجز الاجتماعي بالأحياء الحضرية الفقيرة والجماعات القروية الأشد خصاصا، وتشجيع الأنشطة المدرة للدخل القار والمتيحة لفرص الشغل التي تستجيب  للحاجيات الضرورية للأشخاص في وضعية صعبة.

ـ مخطط المغرب الأخضر: الذي يترجم حرص المملكة المغربية على تأمين أمنها الغذائي، باعتباره هدفا استراتيجيا، وهذا ما حدا بالمملكة المغربية لإعادة النظر في إستراتيجيتها الفلاحية، التي انطلقت منذ سنة 1967، حيث أطلق صاحب الجلالة الملك محمد السادس مشروع ” مخطط المغرب الأخضر” ، الذي  يسعى لجعل القطاع الفلاحي المحرك الرئيسي لنمو الاقتصاد الوطني خلال العقد القادم،  وذلك بالرفع من الناتج الداخلي الخام و خلق فرص الشغل و محاربة الفقر و تطوير الصادرات.

ـ مخطط أليوتيس: وهي استراتيجيه جديدة للصيد البحري أطلقتها المملكة المغربية منذ حوالي 7 سنوات، هدفها تحقيق التنمية والتنافسية في قطاع الصيد البحري وتثمين الموارد البحرية بكيفية مستدامة وزيادة الناتج الداخلي لهذا القطاع بثلاثة أضعاف في أفق 2020. ومن أجل إخراج هذا المخطط إلى حيز الوجود تم خلق 3 أقطاب تنافسية كبرى في كل من مدن طنجة وأكادير والعيون.

ـ المخطط الأزرق 2020: وهو برنامج لترقية القطاع السياحي يرتكز على مفهوم المحطات الساحلية المندمجة “الذكية” الهادفة إلى خلق عرض مغربي تنافسي على الصعيد الدولي،  ويهدف في مرحلته الأولى إلى إعادة تموقع واستكمال المحطات التي تم إطلاقها كالسعيدية ولكسوس وتاغازوت، وإكمال العرض السياحي بمحطات جديدة، كما يسعى لإعطاء موقع تفضيلي مميز ومستدام لهذه المحطات بالاعتماد على منطق السوق، حيث تتم مواكبة كل ذلك بتدابير في مجالات متعددة كالنقل الجوي والتكوين والتسويق وغيرها حتى تصبح أكتر جاذبية و تنافسيه.

ـ المخطط المغربي للطاقة الشمسية: المتمثل في إطلاق المشروع المغربي للطاقة الشمسية بورزازات وهو بداية جيل جديد من المشاريع التنموية التي تسعى من خلالها المملكة إلى الارتقاء إلى مصاف الدول المتقدمة بتوفير طاقات متجددة وصديقة للبيئة وتوفير الظروف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تؤمن العيش الكريم للمواطنين.

ومن جملة الأسباب التي أكسبت هذه المبادرة المغربية مزيدا من الدعم والتأييد على الصعيد العالمي، كون المملكة المغربية من بين الدول القلائل التي فعلت إرادتها باستخدام الطاقات النظيفة والصديقة للبيئة كبديل للطاقات ذات الأصل الأحفوري، وذلك من أجل التقليل من انبعاث الغازات المتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري الذي بات يشكل تهديدا كبيرا لكوكبنا الأرض.

ـ الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي أفق 2015: وهو برنامج تعاقدي تم توقيعه سنة 2009  بين الدولة والقطاع الخاص من أجل تفعيل الإستراتيجية التنموية بالمغرب، التي ترمي لتحقيق العديد من الأهداف من بينها : تعزيز القدرات التنافسية للمقاولة الصغرى والمتوسطة وتحسين مناخ الأعمال وتكوين الموارد البشرية وتطوير قطاعات تنافسية مثل صناعة السيارات والطائرات والإلكترونيك وقطاع النسيج والصناعات الغذائية وغيرها، ويتمثل هدفها في إحداث 000 220 منصب شغل وتحقيق 120 مليار درهم من الاستثمارات الخاصة.

ـ مخطط رواج: الذي يروم النهوض بقطاع التجارة الداخلية وتأهيل مختلف مكوناتها والرفع من أدائها في أفق سنة 2020، فضلا عن خلق صندوق لتنمية التجارة يرمي بالأساس إلى ترقية وتأهيل نشاط صغار التجار. كما تقوم التوجهات الاستراتيجية لمخطط “رواج” على تعزيز التكامل بين مختلف فروع الأنشطة التجارية .

ـ الحكومة الالكترونية: التي ترمي إلى تقريب الإدارة  من حاجيات المرتفقين  من خلال الكفاءة والجودة والشفافية، بالإضافة إلى تحديث الإدارة من أجل خدمة المواطنين والمقاولات، وذلك بالاستغلال الأمثل لتكنولوجيات الإعلام والتواصل حتى تصبح  أكثر فعالية وكفاءة.

وقد ساهمت كل هذه الإصلاحات والمشاريع التنموية والأوراش الكبرى التي انخرطت فيها المملكة المغربية في السنوات الأخيرة، في تنويع مصادر النمو وتحسين الأداء العام للاقتصاد الوطني، وهو ما يقتضي مواصلة هذه الجهود الضخمة والحرص على استكشاف أسواق جديدة واعدة، خاصة في إطار الشراكة جنوب/جنوب التي توليها المملكة المغربية عناية خاصة.

حضرات السيدات والسادة؛

فعلى المستوى دعم التنمية المحلية الشاملة، سخرت المملكة المغربية إمكانيات كبيرة للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين المغاربة، إذ تضمن قانون المالية لسنة 2016 عدة تدابير تتوخى تحقيق نمو اقتصادي في حدود 3 في المائة ومواصلة تقليص عجز الميزانية إلى 5 ,3 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وكذا التحكم في التضخم في حدود 1,7 في المائة، وذلك وفق توقعات تحدد 61 دولار كمتوسط لسعر برميل البترول، و5,9 دراهم كمتوسط لسعر صرف الدولار مقابل الدرهم .

كما وضعت المملكة المغربية أهدافا عدة منها العمل من أجل توطيد أسس نمو اقتصادي متوازن يواصل دعم الطلب ويشجع العرض، خاصة عبر تحفيز التصنيع، وتشجيع الاستثمار الخاص، ودعم المقاولة، وتسريع المخططات القطاعية، هذا بالإضافة إلى تقوية دعائم نمو اقتصاد مندمج يقلص الفوارق الاجتماعية والمجالية، ويوفر فرصا للشغل، فضلا عن تسريع تفعيل الجهوية والرفع من وتيرة الإصلاحات الهيكلية الكبرى، ومواصلة مجهود الاستعادة التدريجية للتوازنات الماكرو اقتصادية

 كما أعطيت الأولوية لتفعيل القوانين التنظيمية للجهة وباقي الجماعات الترابية، لأن تفعيل الجهوية يشكل مرتكزا أساسيا لتحقيق التوازن المأمول بين دينامية النمو، ودينامية الإدماج الاجتماعي والحد من الفوارق المجالية، بالإضافة إلى التركيز على التفعيل السريع للاتمركز الإداري، وتقوية آليات التعاقد مع الجهة وباقي الجماعات الترابية، بما يضمن تعزيز المقاربة المجالية والجهوية في تنزيل السياسات العمومية.

حضرات السيدات والسادة؛

فيما يخص السياسة الخارجية للمملكة المغربية، فهي تقوم على الالتزام بالمبادئ الثابتة المبنية على الصرامة والتضامن والمصداقية، ويأتي هذا التوجه استجابة للتطور والنضج الذي بلغه النموذج المغربي، ولمواكبة التغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، والاستفادة مما تخوله من فرص والاستجابة لما تطرحه من تحديات. وإن المملكة المغربية كشريك مسؤول ووفي بالتزاماته الدولية، لن تألو أي جهد في الدفاع عن مصالحها العليا، كما لن تسمح  بالتطاول على سيادتها ووحدتها الترابية ونموذجها المجتمعي

 فقضية الوحدة الترابية المغربية، كانت وستظل محور اهتمام كل مكونات الشعب المغربي ملكا وحكومة وشعبا، وستواصل المملكة المغربية بعزيمة قوية وعزم ثابت جهودها الحثيثة وعملها الدؤوب من أجل التوصل إلى حل سياسي مبني على روح التوافق والواقعية وفي إطار المنظمة الأممية وبالتعاون معها، من خلال مبادرته المقدامة المتمثلة في مشروع الحكم الذاتي التي حظيت باهتمام دولي كبير تقديرا لجديتها ومصداقيتها ولانسجامها مع الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي، علما بأن المملكة المغربية إذ تؤكد رفضها لأي تجاوزات بشأن قضيتها الوطنية الأولى، فإنها تحرص على التعاطي مع تطورات هذه القضية على قاعدة مبدئين أساسيين هما الرزانة واليقظة.

حضرات السيدات والسادة؛

إن المملكة المغربية تعتمد توجها دبلوماسيا استراتيجيا يهدف إلى ترسيخ تعاون جنوب – جنوب فعال، خاصة مع الدول الإفريقية الشقيقة والصديقة، وقد مكنت الزيارات التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى العديد من الدول الإفريقية، من تطوير نموذج للتعاون الاقتصادي ينبني على تحقيق النفع المتبادل والنهوض بأوضاع المواطن الإفريقي. وقد فعلت المملكة المغربية هذا التوجه بانخراطها في سلسلة من المبادرات الإفريقية التي تقدم نموذجا جديدا لإفريقيا المستقبل المبنية على أسس الاستقرار والإصلاح والتنمية.

أما على مستوى روابطها الإقليمية، فإن المملكة المغربية تظل متشبثة ببناء الاتحاد المغاربي، كخيار استراتيجي ومشروع اندماجي لا محيد عنه، وستواصل بتصميم ومثابرة جهودها من أجل تذليل العقبات التي تعرقل تفعيله.

ووفاء منها لانتمائها العربي والإسلامي، انخرطت المملكة المغربية في دعم أشقائها وشركائها الاستراتيجيين. وفي السياق ذاته، تؤكد المملكة المغربية أهمية إيجاد حلول للأوضاع بكل من اليمن وسوريا والعراق وليبيا، على أساس الحوار وإشراك كل مكونات شعوب هذه البلدان الشقيقة في إطار احترام سيادتها ووحدتها الترابية، وهو ما سعت المملكة المغربية إلى تحقيقه من خلال احتضان مفاوضات الصخيرات لحل الأزمة الليبية.

ورغم كل الصعاب التي تعصف بوطننا العربي المكلوم بما فيها التوترات السياسية والاقتتال بين الإخوة وتنامي خطر التطرف والإرهاب، فإن القضية الفلسطينية تظل حجر الزاوية في إرساء السلام في منطقة الشرق الأوسط، وإن المملكة المغربية التي تترأس في شخص صاحب الجلالة الملك محمد السادس لجنة القدس، ستواصل دعمها للأشقاء في فلسطين من أجل استرجاع حقوقهم المشروعة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

حضرات السيدات والسادة؛

 

فكما أن المملكة المغربية وفية لالتزاماتها نحو أشقائها وأصدقائها في محيطها الإقليمي والقاري باتجاه الشرق والجنوب، فإنها حريصة أيضا على انخراطها بقوة وثبات في فضائها الأورو- متوسطي، من أجل العمل على تطوير الشراكات التي تجمعها بدول الاتحاد الأوروبي، مع حرص المملكة المغربية أيضا على أن تقوم علاقات التعاون على أساس شراكة متوازنة ومنصفة تتجاوز المصالح الظرفية الضيقة.

وإذا كانت المملكة المغربية تحظى بعلاقات متميزة مع شركائها التقليديين في محيطيها العربي والإفريقي و الأورومتوسطي، فإنها تحرص أيضا على تنويع وتعميق وإغناء علاقاتها مع شركاء آخرين يمثلون قوى سياسية واقتصادية لها وزنها في الساحة الدولية مثل روسيا والصين والهند، حيث تكللت الزيارات التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذه الدول سنة 2016 بإبرام العديد من الاتفاقيات والشراكات التي تفتح آفاقا واعدة للتعاون مع هذه القوى الاقتصادية الكبرى.

ولا غرو أن التظاهرات الدولية الكبرى التي تحتضنها المملكة المغربية في مختلف المجالات، لدليل على  الثقة والمصداقية التي تحظى بهما عالميا، كما أن جهود المملكة المغربية في معالجة جملة من القضايا ذات البعد الكوني تعتبر مساهمة نوعية لإيجاد الحلول الموضوعية لهذه القضايا التي تهم البشرية جمعاء.

حضرات السيدات والسادة،

 

لا يخفى على أحد ما تتميز به علاقات المملكة المغربية بالجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة من خصوصية، إذ أنها علاقات عريقة ومتجذرة ضاربة في القدم، تغذيها روافد كثيرة أساسها التاريخ والجغرافيا ووحدة الدين والمذهب واللغة واللهجة. ومن ثمة تكونت لدى البلدين الشقيقين قناعة راسخة بأن ما يتقاسمانه من روابط فريدة وما يتوفران عليه من طاقات وإمكانيات مادية وبشرية وما أنجزاه من ترسانة قانونية غنية ومتنوعة، تمثل أرضية صلبة ومتينة للتعاون على مختلف الأصعدة وفي كافة المجالات.

 وقد توجت الرغبة المشتركة للبلدين بحركية ونشاط هامين في اتجاه تعزيز التعاون والتنسيق والتشاور السياسي وكذا البحث عن فرص جديدة لتطوير التعاون لاسيما في مجالات الاستثمار وتشجيع المقاولة المغربية على ولوج السوق الموريتانية الواعدة والمساهمة في الأوراش التنموية  الكبرى.

 وقد توالت مظاهر التواصل البناءة والمستمرة بين البلدين توجت باتصالات وزيارات عديدة بين كبار المسؤولين في البلدين منذ النصف الثاني من السنة المنصرمة إلى الآن، ونخص من بينها بالذكر تلك المتعلقة بالتعاون بين إدارتي الدفاع الوطني بالبلدين، متمثلة في مشاركة فرقة من مشاة القوات المسلحة الملكية المغربية في العرض العسكري المنظم بمناسبة الذكرى ال 55 لعيد الاستقلال الوطني للجمهورية الإسلامية الموريتانية وذلك بمدينة نواذيبو، وفي ذات السياق زيارة وفد مغربي عسكري وأمني رفيع المستوى يترأسه وزير الشؤون الخارجية والتعاون.

ومن بين أهم الزيارات التي يمكن تسجيلها في شق التعاون الحزبي نذكر زيارة الأمين العام لحزب الاستقلال السيد حميد شباط لنواكشوط في شهر نوفمبر 2015 وذلك استجابة لدعوة موجهة إليه من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.

كما أدت السيدة نزهة الصقلي، الوزيرة السابقة والنائبة البرلمانية، وعضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية زيارة لموريتانيا خلال الفترة الممتدة من 14 إلى 17  دجنبر 2015 ، شاركت خلالها في ورشة نظمتها شبكة  النساء البرلمانيات الموريتانية قدمت فيها عدة عروض أبرزت فيها التجربة المغربية في مجال النهوض بحقوق النساء والمساواة بين الجنسين وولوجهن المسؤوليات السياسية، من خلال الإصلاحات العميقة التي اعتمدها المغرب في السنوات الأخيرة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وبتاريخ 31 دجنبر 2015  حل السيد سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة و التنمية  ضيفا على الملتقى السنوي الذي تنظمه المنظمة الشبابية لحزب  التجمع الوطني للإصلاح و التنمية الموريتاني”تواصل”.

أما بالنسبة للزيارات التي قام بها المسؤولون الموريتانيون للمملكة المغربية، ففي شقها الثنائي نذكر الزيارة التي قامت بها الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، المكلفة بالشؤون المغاربية والإفريقية وبالموريتانيين في الخارج، السيدة خديجة بنت أمبارك فال والتي خصص لها برنامج لقاءات حافل ومتميز مع العديد من كبار المسؤولين المغاربة. كما مثلت السيدة لمينة بنت القطب ولد امم، وزيرة الزراعة، الجمهورية الإسلامية الموريتانية في فعاليات الدورة الحادية عشرة للملتقى الدولي للفلاحة التي تم تنظيمها  في مدينة مكناس في الفترة الممتدة من 25 أبريل إلى فاتح ماي 2016. وكانت هذه الزيارة مناسبة  تم التوقيع فيها على اتفاق إطار لرفع مستوى التعاون في المجال الفلاحي وتنمية مناطق الواحات.

أما الزيارات التي تمت في الإطار المتعدد الأطراف فقد تميزت بمشاركة العديد من الوزراء الموريتانيين المعنيين بقطاعات العلاقات مع البرلمان والإعلام والمنطقة الحرة بنواذيبو والزراعة والداخلية واللامركزية والوظيفة العمومية والشؤون الاجتماعية والبيئة والحوار في إطار مجموعة 5+5 .

حضرات السيدات والسادة؛

 

فيما يتعلق بالتعاون في المجال الاقتصادي، بلغ رقم المعاملات التجارية بين البلدين سنة 2015، حسب إحصائيات مكتب الصرف المغربي إلى ما يربو قليلا عن 1.9 مليار درهم،  موزعا على الشكل التالي: منها نحو 1,3 مليار درهم كصادرات مغربية ونحو 6,1 مليون درهم كواردات موريتانية، مما يعني بأن حجم المبادلات التجارية ما زال متواضعا ولا يرقى إلى إمكانيات وطموحات البلدين.

وتتمثل أهم المواد التي يصدرها المغرب إلى موريتانيا في الأنابيب والإكسسوارات المعدنية المخصصة للبناء والأجهزة والموصلات الكهربائية المختلفة ومتعددة الاستعمالات والمنتوجات الحديدية والاسمنت والجير والجبص والمواد البلاستكية  والورق والكارطون والأدوية والأحذية والمياه المعدنية والمشروبات الغازية غير الكحولية والحليب ومشتقاته والزيوت والخضر والفواكه ومستحضرات الحبوب والأسماك المعلبة ومستحضرات الأعلاف الحيوانية والنشويات والقمح ومشتقاته.

أما أهم المواد التي تصدرها موريتانيا إلى المغرب فتتمثل في النحاس والحديد ومعادن أخرى والأسماك بأشكالها المختلفة الطازجة والمملحة والمجففة والمدخنة والملابس.

حضرات السيدات والسادة؛

 

فيما يخص التعاون في مجال التعليم العالي، فإن التعاون بين البلدين يستمر في تسجيل تألقه وفعاليته ومردوديته الجد ايجابية كأحد الأعمدة الرئيسية القارة والثابتة في العلاقات المغربية الموريتانية، فبالنسبة للسنة الأكاديمية 2015-2016، تشير إحصائيات الوكالة المغربية للتعاون الدولي إلى أن المملكة المغربية قدمت للحكومة الموريتانية 300 مقعدا بيداغوجيا بمنحة، منها 203 من الطلبة الجدد و97 من الطلبة القدامى، فيما استفاد 141 طالبا من منحة خارج الحصة الرسمية.

وقد وصل العدد الإجمالي للطلبة الموريتانيين الذين يتابعون دراستهم بالمملكة المغربية إلى حدود متم سنة 2015 إلى 1047 طالبا، منهم 753 بمنحة، هذا بالإضافة إلى عدد كبير من الطلبة الموريتانيين الذين يتابعون دراستهم في المعاهد والمدارس المغربية الخاصة. كما تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن العدد الإجمالي من خريجي الطلبة الموريتانيين من المغرب منذ سنة 1990 إلى سنة 2015 بلغ 2089 خريجا، منهم 229 برسم السنة الجامعية 2014-2015.

كما يعد التعاون بين البلدين في مجال التكوين المهني وتكوين الأطر أو التكوين المستمر أحد المحاور الهامة في التعاون الثنائي، ويشمل كافة المجالات ومختلف القطاعات الوزارية، كالصحة والفلاحة والتجهيز والنقل والتعليم والتسيير الإداري وتطوير الخبرات في المجال الدبلوماسي وغيرها، وذلك تماشيا مع ما توليه السلطات الموريتانية من أهمية بالغة لتزويد سوق الشغل المحلية بكفاءات مهنية موريتانية عالية المستوى من حيث التكوين.

وفي مجال التعاون الثقافي والعلمي والفني، تحتضن العاصمة الموريتانية نواكشوط المركز الثقافي المغربي، هذا الصرح المعماري الفريد والفضاء الثقافي الرحب للتعاون في مجال الفكر والمعرفة والفن، الذي أصبح عنوانا ناصعا للتعاون المغربي الموريتاني، بفضل انفتاحه على جميع الفعاليات الثقافية بمختلف مشاربها وأعمارها حتى بات جسرا للتثاقف والتلاقح والأخذ والعطاء بين الفاعلين المغاربة والموريتانيين في مجال العلم والمعرفة والفنون.

وهنا نسجل بكامل الارتياح ما أصبح يحظى به هذا المركز من احترام وتقدير من طرف جميع  الفاعلين في الحقل الثقافي، والجهات الرسمية ذات الاختصاص ومعاهد وجمعيات ثقافية وفنية خاصة لما يساهم به من خلال الأنشطة الثقافية والعلمية والفنية ومختلف الخدمات التي يقدمها من أجل المساهمة في تنشيط الساحة الثقافية بالعاصمة نواكشوط.و بقي لنا أن نشير إلى  أن  الجانبان المغربي والموريتاني يتقاسمان القناعة بأن الوضعية الراهنة للتعاون الثنائي، رغم ما وصلت إليه من تألق، ما زالت  لا ترقى إلى مستوى طموحاتهما، ولا تعكس الإمكانيات والقدرات المتاحة، لذلك ينصب  العمل في اتجاه  أن تشكل الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة  المرتقب التئامها  في الرباط خارطة طريق لتفعيل وتطوير العلاقات بين البلدين الشقيقين ومنعطفا في مسار تعاونهما المشترك.

حضرات السيدات والسادة؛

 

لا يسعني في ختام هذه الكلمة، إلا أن أجدد الدعاء والابتهال إلى الله العلي القدير أن ينعم على الشعبين المغربي والموريتاني بالأمن والتقدم والازدهار تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، لتحقيق ما يصبو إليه شعبا البلدان الشقيقان من آمال وطموحات في ظل مغرب عربي موحد وأمة إسلامية متضامنة.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

شاهد أيضاً

ولد اشروقة يدعو المواطنين على الحدود مع مالي إلى توخي الحذر

“مورينيوز” ـ نواكشوط ـ أكد وزير الطاقة والبترول الناطق الرسمي باسم الحكومة  الناني ولد أشروقة إن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *