23 أبريل 2024 , 10:02

حي السعادة…واقع معقد يثبت عكس السعادة “تحقيق ميداني خاص”

12647746_876063089177863_1415318094_n

تتداخل الأكواخ وتتشابك أسقفها وأساساتها لتجعل من الصعوبة بمكان الوصول إلي داخل الحي إلا بمشورة امرأة تسكن الحي منذ زمن بعيد وتحفظ عن ظاهر قلب زقاقه الضيقة ومداخل اكواخه ..وإذا كتب لك ذالك من باب الصدفة فان الحديث الي شيخ الحي كما يلقبونه يتطلب اذن دخول موقع علي الأقل لفظيا من شيخ الحي وعميده “سالم” أول من
عمر هذا الربع الخالي قبل أزيد من عقدين ونصف حين قرر أن يحوله من مزارع متواضعة الي حي أسماع بعد رحلة الأسماء المتغيرة “السعادة” تفائلا …السعادة التي يقف الواقع بكل تفاصيله وتعقيداته ليثبت عكسها تماما علي أرض الواقع
حي السعادة واحد من بين عشرات الأحياء الفقيرة التي تنام في أحضان عاصمة مترامية الأطراف إليها يفد بشكل متواصل سكان البلد بحثا عن حياة أفضل لتصطدم أحلام بعضهم بقسوة الحياة وصعوبة العيش في المدينة بدء بالحصول علي قطعة أرضية بطريقة شرعية مرورا ببناء مسكن بها لائق وصولا الي توفير متطلبات حياة المدينة ليقتصر حلهم حينها علي توفير لقمة عيش كريمة تبقيهم علي قيد الحياة
الحي من الداخل
كانت الساعة تشير إلي التاسعة صباحا حين وصل فريق وكالة المرابع ميديا حي السعادة بمقاطعة الرياض في العاصمة الموريتانية نواكشوط لنقل مشاهد من واقع حياة سكان هذا الحي ويومياتهم وبحفاوة وحماس استفبلنا بعض سكان الحي خاصة النساء والأطفال …الكل يحاول بنظرات غريبة سبر اغورانا بعد أن فهموا أننا صحافة ولسنا عمال “وكالة العقارات” لم يستمر مشهد التفافهم حولنا طويلا منهم من غادر بحجة ان له انشغالات اكثر قيمة ومردودية ومنهم من ضحك كثيرا مستغربا قدومنا ومايدفعنا الي نقل صورة عن واقعهم فيما اقترح بعضهم علينا الانشغال بأمور أكثر أهمية بل وصف عملنا بالسخيفة ” مانكم واحلين فشي يواجعه”
هي ردة فعل منطقية الي ابعد الحدود من مواطنيين ينتظرون منذ وقت طويل انفراج ازمتهم وتوفير ابسط متطلبات الحياة لحيهم فاصبح كل من يطرق باب حيهم من غير سكانه يعتقدون انه قدم من عند “الحكومة” اما جاء بخبر سار رغم انهم باتو يعتبرون كلام الحكومة مجرد وعود او جاء لأرغامهم علي ترك هذه المنطقة كما حاولت سلطات المقاطعة في وقت سابق
الحياة من الداخل :
الحي يبدوا هادئا من بعيد سوى من حركة بعض الصبية المجتمعيين قرب قمامات الاوساخ التي تشكل حزاما اخضر للحي تفائلا أيضا كتسميته أما من الداخل فحياة أخرى أكثر نشاطا وحيوية وتفائلا بمستقبل أكثر اشراقا
الأكواخ والأعرشة نابضة نشاطا حيث تعكف السيدات والفتيات اللاتي لاتمارسن عملا كما هو حال أغلبية سكان الحي منشغلات بتنظيف مساكنهن وغسل الاوان وتحضير وجبة الغذاء لباقي أفراد الأسرة قبل الشروع في تحضير العشاء اما الرجال فمنهم من خرج بحثا عن قطرة عرق شريفة تمنحه لقمة عيش كريمة ومنهم من لاعمل له سوى سرد حكايات من الزمن الجميل كما يقول أو تحليل أوضاع البلد وتجاذباته السياسية علي وقع كؤوس الشاي ضحى عند احد ى الأسر علي نيران هادئة وهكذا تسير الخياة في هذا الحي الذي يفتقد إلي ابسط مقومات الحياة رغم إصرار اهله إلي الصمود والتمسك ببصيص امل بدأ يلوح منذ اعلان الدولة قبل سنوات عن سياسة جديدة لتخطيط كل احياء العاصمة وتزويدها بالمياه الصالحة للشرب والكهرباء وتمكين سكانها من الولوج الي الخدمات الصحية والتعليمية
ولان الحي بعيد من الفضاءات التعليمة ومعظم سكانه لايقدرون علي توفير تكاليف نقل ابنائهم الي المدارس حرم معظم الاطفال من فرصة التعليم وبات الشارع قبلتهم المفضلة اما الفتيات فاحسن حال اذ يساهمن في العمل المنزلي ومنهن من قررت العمل خارج الحي لمساعدة اهلها واقع يطمح سكان الحي تغييره لتمكين ابنائهم من التعلم من خلال المطالبة المستمرة في كل المناسبات ببناء مدرسة تشكل ملاذا لأطفالهم بدل الشوارع
مشاكل لاتحصى :
عشرات المطالب طرحها كل سكان الحي وكأنهم اتفقوا علي ذالك فكلما تحدثت الي أحدهم شرع في سرد تلك المشاكل مطالبا بوضع حد لنسيانهم وتوفير أبسط متطلبات العيش الكريم
ويقول “م ع” حينا من أفقر أحياء العاصمة وأكثرها حرمانا ونسيانا وكأننا نعيش في وطن غريب لاتعليم لأطفالنا وليس بمقدورنا ارسالهم الي مدارس خاصة اما المدارس العمومية فأقربها يقع في الرياض او عرفات ..الصحة حدث ولاحرج هنا بأختصار لا حياة
وتقول “خ س” قبل التعليم هناك ماهو أهم فالمياه عصب كل حياة ونحن نعاني الأمرين في جلبها اما شرائها فليس بوسعنا اطلاقا اضف الي ذالك مشكل الكهرباء فنحن نعيش منذ ميلاد حينا في ظلام دامس ومشاكل الصحة والامن .
ارتباط بالأرض :
ورغم افتقار الحي الي كل وسائل العيش فانه سكانه لايبغون عنه بديلا ويحدوهم الامل في تغير واقعهم رغم احساسهم بالملل من كثرة الوعود
تاريخ …..وجغرافية :
يقع حي السعادة بين مقاطعتي الرياض وعرفات بالقرب من مقبرة الرياض وتشكل الأكواخ والأعرشة أبرز مساكنه التي تفتقر للتخطيط والتنظيم فالسلطات في المقاطعتين لم تعترف بالحي وقد حاولت مرارا إقناع سكانه بالرحيل إلي مناطق اخرى لكنهم رفضوا كل ذالك واختاروا العيش في هذه المنطقة في انتظار انفراج أزمتهم وتخطيط أراضيهم ومن ثم توفير متطلبات الحياة العصرية بها
يعود تأسيس الحي الي نحو 26سنة حين قرر “سالم” وبعض أصدقائه تحويل مزارعهم إلي أراض سكنية في ظل ازمة السكن والاكتظاظ الذي شهدته العاصمة نواكشوط منذ العقدين الماضين فأطلقوا علي الحي تسميات كثيرة استقرت في النهاية عند “السعادة” تفائلا وظل الحي يتوسع شيئا فشئا ويكبر حتي أصبح بحجم احياء انواكشوط الشعبية الكبيرة.
يتذكر جيدا عميد الحي لحظات الميلاد بكثير من الحنين الي اصدقائه الذين دفنهم واحدا تلو الاخر في المقبرة التي لايفصلها الا الحائط عن حيهم لكن ذكراهم ماتزال حية في ذاكرته يتذكر كل اللحظات الجميبة التي تقاسمها معهم يعتبرهم أحياء فأبنائهم وزوجاتهم يعيشون بجانبه يمسي ويصبح عليهم
نهار طويل وممل وليل مظلم وسكان وجوههم ضاحكة مستبشرة رغم المعاناة وصعوبة الحياة وغياب كل مقوماتها صورة ترتسم ستبقي في مخيلتك بعد يوم في حي السعادة ..تغادر وأنت تتمنى لو كان بمقدورك حل كل مشاكل مواطنيين في منتهى السعادة وهم في مساكن لاتقيهم حر الشمس ولا البرد انها قسوة الحياة والاهمال والنسيان

تحقيق :محمد الربيع

يوم لقريق المرابع ميديا في حي السعادة

شاهد أيضاً

حضور موريتاني في مؤتمر الأطراف للوكالة الإفريقية لاستيعاب المخاطر

شاركت موريتانيا اليوم الإثنين بمقر الاتحاد الإفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في أعمال الدورة الرابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *