المرابع ميديا – al-maraabimedias موقع "المرابع ميديا" التابع لوكالة المرابع ميديا للإعلام والإتصال
ستة عقود ونيف ظلت خلالهما محظرة أهل بيه قلعة علمية ومعلما حضاريا وفكريا بارزا فيها يدرس أي الذكرى الحكيم ونوازل الفقه والحديث وغريب اللغة العربية .. منها تخرج جهابذة في العلوم ذاع صيتهم في المنطقة والعالم العربي والإسلامي وما تزال قوافل الفقهاء والقضاة تنطلق منها محملة بالمعرفة والأخلاق الفاضلة.
هي واحدة من أهم وابرز الجامعات الشرعية العريقة إليها يشد طلبة العلم الرحال من كل فجاج الدنيا لحفظ كلام الله والإبحار في عوالم الشريعة وفق نمط تعليمي يعتمد عدة أساليب لتحقيق التوازن ما بين صيانة المحضرة باعتباره مقوم الهوية ومنبع المعرفة.
ورغم تعدد المدارس العلمية في منطقة الشرق الموريتاني فإن محظرة أهل بيه ظلت مصدر إشعاع علمي وحاضنة للثقافة والعلم والأدب في بلاد شنقيط, تنشر العلوم الفقهية واللغوية في تخوم الغابة الإفريقية، وأوروبا عبر الأندلس مجسدة بذالك أبيات الشاعر مختار ولد بونه .
نحن ركبُ من الأشراف منتظمُ اجل ذا العصر قدرا دونَ أدنانا
ننمي لحمير والأقوامُ شــــاهدةُ أسلافُنا الغر من آل قحطانا
قد اتخذنا من ظهور العيس مدرسة ً بــــها نبينُ دينَ الله تبيانا
وخلال زيارة الرئيس الأخيرة لولاية الحوض الشرقي وفي طريق عودته من جكنى أجرى توقفا عند هذه المحظرة للاطلاع على تاريخها ودورها المحوري في تكوين الأجيال في مجال علوم الشريعة واللغة مطلعا على مكتبتها التي تزخر بنفائس الكتب التي تعكس منهجا علميا فريدا
وقد أهدي القائمون علي تلك المحضرة ومكتبتها كتابا من تأليف العلامة عبد الله بن المحفوظ ولد بيه أحد أكبر علماء العالم الإسلامي “صناعة الفتوى و فقه الأقليات ” وهو واحد من أهم الكتب التي تعالج موضوعا في غاية الأهمية والحساسية في كل العصور وفي زمننا الحاضر خصوصا الفتوى “”
ويتطرق الكتاب لتطور صناعة الفتوى من عهد الصحابة إلى عهود الأئمة والمجتهدين والفقهاء لا من حيث تطبيق النصوص أو الأدلة على القضايا ولكن أيضا من حيث التوسع في الاستدلال والتعامل مع عامل الزمان كمرجح في ميزان معادلة النص والواقع في جدليتي المقاصد الكلية العامة والأحكام الجزئية الخاصة
هذا التطور المتدرج في خطوط متعرجة لم يقتصر على الدليل والواقع وإنما شمل أيضا القائم على الفتوى الذي لم يعد المجتهد المطلق على ما سنصف بل يصبح طبقاً لقانون الضرورة والحاجة الفقيه المقلد الناقل.
ويصبح اختيار المقلدين بمنزلة اجتهاد المجتهدين فيما سماه المالكية “بإجراء العمل” لترفع القول الضعيف إلى مرتبة القوي والرأي السقيم إلى درجة الاجتهاد الصحيح بناء على مصلحة متوخاة أو مفسدة متحاماة ذاك ما سميناه صناعة الفتوى.
تابع الفيديو :
