20 أبريل 2024 , 5:56

موريتانيا ضَحيَةٌ لـغَبَاءِ إِعلامها / بقلم أحمدو حبيب الله الملقب المهدي

غباء

إن إعطاء الحرية، لأي إعلام لم يبلغ سن الرشد في الخبرة والمهنية، والكفاءة الإعلامية، لهو جدير أن يوقع ذلك الإعلام في كثير من الأخطاء القاتلة، ولهذا فإن كثيرا من القضايا العالقة ، والإشكاليات المربكة – بالنسبة للجمهورية الإسلامية الموريتانية – إنما كانت بمثابة أمور جانبية ، وتندرات شكلية ، إلى أن تناولها إعلامنا (الحر) بطريقته السلبية ، فضخمها حتى خرجت به عن السيطرة ، ويكفيك مثالا موضوع الوحدة الوطنية ، فعند ما تنظر إلى أي برنامج يعالجها أو تقرير يتناولها ، إذا به عاجز عن تبرير وجهة نظره ، أو تمرير رسالته – إن كانت له رسالة أصلا – بل يزيد الطين بلة والداء علة ، عندما يجعل من خمسة عنصريين ، نِدّاً مُساويا لمجتمع بكامله ، ليمزق كيانه ويهدم بنيانه ، جاعلا من البيظان والسودان قطبين متحاربين وأمتين منفصلتين ، ثم يختار للدفاع عن قضايا البيظان شخصا أبيض البشرة ، وعن السودان شخصا أسود البشرة ، وكأن البيظان والسودان ، أمما متباينة وقبائل متحاربة ، لا يربط بينها دين ، ولا تجمعها ثقافة ، والواقع يشهد بعكس ذلك ، فالبيظان والسودان ، جزء لا يتجزأ ، وعنصر واحد لا يتعدد ، ولو أن إعلامنا ( الذكي ) أدرك أن التباين في اللون سر من أسرار القدرة ، وعامل من عوامل الوحدة ، لجعل المتنافسين من لون واحد ، بل الأفضل – في الأدبيات الإعلامية عند استخدام اللون بطريقة إيجابية – أن يدافع الأسود عن الأبيض والأبيض عن الأسود ، لتزول بذلك أسباب الشحن العاطفي ، والتحيز الجاهلي .. وهذا ما حاولناه نحن طيلة انضمامنا لحركة إيرا ، فلم نجد من إعلامنا تجاوبا ، ولا من العنصريين تفَهُّماً ، ولا حتى من الدولة أي تثمين لكل ما قمنا به ، لأن الجميع قد تعودوا على العنصرية الإعلامية ، واستخدام اللون بطريقة سلبية ، الأمر الذي شكل في النفوس عقدة موهومة ، واعترافا ضمنيا بخطيئة مزعومة
ومحاولة التخلص من هذه العقدة الموهومة ، والتهمة المزعومة ، هو الذي جعل بعض الإعلاميين ، يصفقون لأمور وهم بها غير مقتنعين
والسبب في ذلك أن كثيرا من الإعلاميين في بلادنا ، يجهلون أن من شروط الإعلامي أن يفرض هيبته بقوة الشخصية ، ويمرر رسالته بالطرق الإيجابية ، ويبرر رأيه بصفة موضوعية ، ويوظف الصورة بطريقة مرضية ، ويواكب الأحداث بكل مهنية ، فضلا عن تناوله لجميع المواضيع بأساليب مشوقة ، ومن لم تتوفر فيه هذه الشروط وتنتفي عنه موانعها ، لا يصلح أن يكون إعلاميا البتة
وأما من أصبح الإعلام في حقهم حراما ، فهم أولئك الذين ذهب بهم البحث عن الجديد ، حتى اصطنعوا كذبة العبيد ، فلما اختطفها منهم (..) حركة إيرا ، راحو يمجدون اللصوص ، فلما ألقي القبض على أولئك (..)، جعلوا أيضا يدافعون عنهم ، ويرددون كلامهم ، ناسين أن قضية العبودية ، إنما هي من صنيع غباء الإعلاميين أنفسهم ، ولا علاقة لها بغيرهم ، وأنهم لو تعقلوا في تناولهم لها ، لزال شبحها وانطوى ذكرها .
والأدهى من ذلك أن من بين هؤلاء الإعلاميين من أصابه الهلع حتى أصبح يمجد (..) خلف القضبان ، ويشتم أمة عظيمة في حجم أمة البيظان ، هل وصل الهلع بأصحاب هذه المواقع إلى الدرجة التي جعلتهم يخافون من بضعة أشخاص وراء القضبان ، ولا يخافون من أمة عظيمة في حجم مجتمع البيظان ، ذلك المجتمع العظيم الذي حرض عليه أبناؤه من أصحاب هذه المواقع حتى وضعوه في حضيض الهوان ، فتراهم يصادرون رأي كل من أراد أن يدافع عنه ، ويفسحون المجال أمام كل من أراد الهجوم عليه وبكل وقاحة ، يظنون أنهم بذلك فاعلون ومؤثرون ، وهم في الحقيقة منفعلون ومتأثرون …
ذلك أن الناس عندما يصابون بالرعب والهلع قد يعولون على رحمة أعدائهم ، أكثر مما يعولون على مناصرة إخوانهم ، وهكذا يَذبَح الضعيف عشرة من الأقوياء ، لأنه يستعين بجبن بعضهم على قتل الشجاعة في البعض الآخر .
وصدق ابن خلدون عند ما قال ما معناه : إن من أمارات المغلوب أن يستهين بنفسه حتى يصبح مولعا بتقليد غالبه ، وهذا ما نراه نحن اليوم في وسائل إعلامنا التى جنت على مجتمعها ، بسبب البلاهة الإعلامية ، وقلة الخبرة والمهنية …
وفي الختام هل تستطيعون يا وسائل إعلامنا (الحرة) نشر هذا المقال الذي ينتقدكم ، أم أنكم في الحقيقة لا تحبذون إلا نقد غيركم ، وفي كلتا الحالتين إعلموا أننا نحن وحدنا من يتابعكم

شاهد أيضاً

تساؤلات من مراقب !!!/ التراد ولد سيدي

في ظروف توالد وتكاثر المبادرات التي يتنافس فيها الآخيرون مع الاولين في إظهار ولائهم الحقيقي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *