20 أبريل 2024 , 14:45

موريتانيا … في انتظار العدالة/ محمد عبد الرحمن ولد عبد الله

عبد الرحمنكثيرا ما نجد الأعذار لتبرير فشلنا في تحقيق أحلامنا ونأمل أن يأتي اليوم الذي تتهيئ فيه الظروف وتنمحي كل المصاعب لكن الحياة وملابساتها تقف حاجزا وظروف الزمان والمكان تعمل على عرقلتنا وتجرنا إلى الاستسلام فيظل الهاجس بداخلنا والأمل يسكننا ، نعتقد دائما أنه بإمكاننا الإسهام في إعطاء تصور واضح يمكن من حلحلة بعض المشاكل القائمة، ولكن لماذا لا نحاول حل مشاكلنا بشكل جاد رغم الوهم الذي يعشعش في مخيلة الكثيرين دون أن يتمكنوا من تحويله إلى حقيقة ؟ إن رأيتنا للعالم قد تحمل في طياتها جزءا كبيرا من الحقيقية وهو ما يحفزنا للإدلاء بآراءنا في القضايا المطروحة باعتبار ذلك المقدمة الأولى للحرية.

تمر بلادنا اليوم بظروف خاصة ومشاكل متراكمة تزداد فيها متطلبات تعزيز الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي إلحاحا ويتسم وضعنا الداخلي بتصاعد ملحوظ للحركات المطلبية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشكل تحديات بارزة  أمامنا وتلقي بظلالها على بنية هيكلية هشة هي نتاج عقود من الأخطاء والسياسات الفاشلة و واقع اقتصادي مزري والكثير من هذه المشاكل هي تركية ثقيلة منذ عقود اتسمت بالاضطهاد والظلم والإقصاء و التفرد بالسلطة وإن كانت هنالك خطوات إيجابية إلا أن الكثير من المشاكل الكبرى لم تجد حلولا حتى الآن.

إن موريتانيا بحاجة لإصلاحات جوهرية عميقة وشاملة للخروج من حلقة الفقر والإقصاء المفرغة و لإشاعة مناخ الحرية والعدالة وتطبيق القانون على الجميع و مراجعة المناهج والنصوص الفقهية والتعليمية بشكل يتلاءم مع متطلبات العصر ويجرم بشكل فعلي العنصرية والممارسات الاسترقاقية والتمييز ضد النساء ورصد كافة الوسائل المادية والبشرية للقضاء على مختلف ظواهر الغبن و الاقصاء والحرمان التي تتراءى  للأسف الشديد في كل مكان من بلدنا الحبيب ويعاني منها الكثير من مختلفة مكونات شعبنا كما يجب دعم ومساندة منظمات المجتمع المدني الجادة لأداء دورها بشكل فعال.

التعليم وترسيخ التخلف

بما أن التعليم  يساهم في نهضة الأمم وازدهارها والرفع من مستوى الفرد والجماعة فلا بد من الاعتراف  أن وضعيته الحالية لا تساهم في تنمية العقول وصقل مواهب الأجيال وقد أثبتت التجارب المعاصرة أن التقدم في كافة المجالات مرتبط ارتباطا وثيقا بجودة التعليم، إن جوهر الصراع على التقدم العالمي يكمن في تطور المنظومة التعليمية لأن ثورة المعلومات والتكنولوجيا قد فرضت واقعا لا مفر منه  وتذكر بعض الوقائع التاريخية في أعقاب الحرب العالمية الثانية بعد ما منيت فرنسا بهزيمة كبيرة حطمت آمال الفرنسيين وأدخلتهم في عملية إحباط حينها سأل الرئيس “شارل دكول ” بعض معاونيه عن أوضاع التعليم والقضاء وعن حال الجامعات آنذاك فأخبروه بأنها جيدة وبخير فقال لهم : إذن فرنسا بخير.

ومع ظهور الإسلام وتقدمه في أرجاء المعمورة أحدث تحولا تاريخيا في حياة الناس على مختلفة الصعد مقدما طرقا جديدة في العمل والإرادة بل و فتح سبيل الخروج من عتمة التاريخ إلى أنواره المضيئة فنشأت دول ومماليك في أماكن مختلفة تبلورت فيها إمكانيات وطاقات الإنسان  بامتياز.

الحرية أولا

لا بد لنا من ترسيخ الحرية بوصفها حق إنساني مقدس غير قابل للتجزئة وصيانتها بأهداف و وسائل وقيم مشروعة وإلا فإننا سنكون عرضة للاستبداد  والتطرف والقطيعة مع الذات والآخر ومن الغباء أيضا أن نكافح العنصرية بالعنصرية ذاتها.

لقد مفهوم المساواة بالعديد من التطورات على مر التاريخ وتأثر بصورة كبيرة بنضج المجتمع والأيدلوجيات السائدة فيه منذ القدم مرورا بعصور الإقطاع والاسترقاق التي شهدت أقصى درجات الامتهان لكرامة الإنسان وعدم الاعتراف بالحق في المساواة بين البشر حتى جاء الإسلام ليضع العديد من القواعد التي تكفل الحقوق والكرامة الإنسانية وتؤكد مبدأ المساواة بين الجميع وبعد ذلك ظهرت العديد من المواثيق والأعراف الدولية التي عبرت عن هذا التحول نذكر منها على سبيل المثال: إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية في 04 يوليو 1776 والذي أكد على أن كل الأفراد متساوون ويحوزون منذ ولادتهم حقوقا لا يجوز سلبها منهم كذلك الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان و المواطن الذي صدر في 26 أغسطس 1789 وأكد أن الأفراد يولدون ويظلون أحرارا ومتساوون في الحقوق والواجبات وعليه فإن بلادنا التي وقعت على كافة المعاهدات الدولية ذات الصلة ولديها ترسانة قوانين هامة إذا ما طبقت ستختفي الكثير من الظواهر المتخلفة غير أن المنظمات الحقوقية الموريتانية تشكوا دائما من عدم تطبيق هذه القوانين مما ولد شعورا عام بعدم الارتياح وخيبة الأمل

في انتظار الحلول

إن الحلول بسيطة وممكنة لكل المشاكل إذا ما وجدت الإرادة الصادقة في القمة و القاعدة  و النزاهة المهنية و توفرت النوايا الحسنة وتم تغليب المصلحة العليا على المصلحة الخاصة فإننا سنكون على طريق صحيح وسيكون بإمكاننا ان نطمح لغد مشرق إلا أنه مع ذلك فإن الشفاء يحتاج إلى بعض الوقت يمكن أن نعمل على تقصيره بزيادة وتيرة العمل الجاد والفعال من دون تعجيل مؤجل أو تأخير معجل.

إننا نسعى بأن يكون لحياتنا معنا ولتاريخنا هدفا ولروابطنا الأخوية مرتكزات قوية للانطلاق الموفق نحو آفاق جديدة وسعيدة.

نريد أن يشارك كل فرد في اكتشاف ذلك المعنى وتحقيق ذلك الهدف نريد أن يشارك الجميع في صنع تاريخ الجميع ولكي يتحقق كل ذلك لا بد من تقوية الصلاة والأواصر بين مكونات شعبنا عن طريق التلاحم والإيمان الروحي والتسامح.

إن هذا وحده يحررنا لنمتلك ذواتنا ونعمل معا في إيمان وإبداع وتوحد ومحبة واحترام عندها سوف يكون نجاحنا نجاحا جماعيا وليس نتاج أنانية فردية بل عمل الكل لصالح الكل وهذا أفضل.

محمد عبد الرحمن ولد عبد الله

كاتب صحفي وفاعل جمعوي 

شاهد أيضاً

تساؤلات من مراقب !!!/ التراد ولد سيدي

في ظروف توالد وتكاثر المبادرات التي يتنافس فيها الآخيرون مع الاولين في إظهار ولائهم الحقيقي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *