29 مارس 2024 , 5:50

الإرهاب المسكوت عنه بنسخته السعودية / عـــلي قــاســـــــم

ds-AliKassem00يجول الإرهاب على مرأى من العالم الغربي وينشر نواطيره على البوابات الجديدة والقديمة باحثاً عن منافذ تضيف إلى رصيد مموليه المزيد من المتاريس المخبأة وراء تقاطعات المصالح والأطماع الغربية، لتكون واحدة من الأجندات الملحة على قائمة التحديات التي يواجهها العالم اليوم في شرق الأرض وغربها.
ومعه تجول الأصابع السعودية تمويلاً وتسليحاً.. حضوراً ووجوداً على كل جبهات المواجهة الممتدة التي خبرت العمل الإرهابي منذ لحظة وجوده مع تشكل تنظيم القاعدة ومستنسخاته المستحدثة، وباتت فيه القرينة الصريحة والواضحة على تداخل أجندة الدعم السعودي للإرهاب مع لائحة الأطماع الغربية في تقاسم المغانم السياسية والوظيفية.‏
كان الإرهاب السعودي المسكوت عنه غربياً في الماضي والحاضر هو القاسم المشترك لكل عوامل تفشيه في المنطقة وخارجها، وتحفل الذاكرة البشرية بأصابعه الواضحة من أحداث أيلول وقبلها في أفغانستان، وبعدها في الشيشان والقوقاز وصولاً إلى المنطقة العربية من مغربها إلى مشرقها.‏
على مدى الأعوام الماضية كان الإرهاب يمعن في رسم خرائط تجواله، والغرب المتحكم بمصادر نتاجه وحمايته يفتح بوابات الخروج والدخول المالي والسياسي والإعلامي، ويؤجج غرباً وشرقاً ويمد يده إلى مشيخات الخليج طالباً المزيد من صفقات التمويل تحت عباءة الشعارات الصدئة عن الديمقراطية والربيع الكاذب.‏
وعلى مدى الأشهر المنصرمة لم تحسم الدوائر الغربية موجة هواجسها الممتدة في كل الاتجاهات، وبقي المسكوت عنه هو ذاته الذي مارسته منذ عقود خلت، حين كانت ولا تزال دوائرها الاستخباراتية والسياسية تحتضن منتجيه ورعاته دون أن تغير من رتم نفاقها، ولو بالحد الأدنى من الارتدادات الناتجة والقادمة بلا ريب بانتظار لحظة التفشي التي ترمي سهامها على امتداد المنطقة.‏
التنظيمات الوليدة ليست نتاج فراغ إرهابي بقدر ما هي تعبير عن استطالة واضحة في الدعم الإرهابي، الذي ازدهر إلى الحدود التي باتت فيها ميزانيات الخليج مخصصة لزرع المزيد منها، وبعلم غربي، وفي معظم الأحيان بأمر عمليات واضح وصريح.‏
المعادلة لا تحتاج إلى قرينة ولا إلى أدلة إضافية، وهي ترسم محور تحركها باتجاه مشيخات بنت رهاناتها على الإرهاب، لتحقيق الأطماع الغربية بالتواطؤ مع صانع القرار السياسي في الغرب الذي نشأ على معادلة رعاية الإرهاب من بوابة الحماية السياسية لمموله ومنتجه.‏
منذ أحداث أيلول وقبلها كما هو بعدها، لم يكن من الصعب فهم أسباب وتبعات المسكوت عنه في الدور السعودي عن الإرهاب وعلاقة أمرائه بالتنظيمات الإرهابية بما فيها تنظيم القاعدة ومفرخاتها اللاحقة، وبعدها لم يكن خافياً على أي من دوائر الغرب السياسية والاستخباراتية إعادة تدوير العلاقة لتكون في المنتج الجديد بتسميته المختلفة ومهامه الجديدة في المنطقة.‏
وفي الأحداث العراقية وحملة التصعيد الإرهابي لم تكن أي من الدول الغربية بعيدة عن صورة الدور السعودي في دعم الإرهاب وعمليات التمويل والتسليح بمختلف جبهات وجوده، داخل وخارج العراق وامتداداً إلى سورية، وبتوزيع متواتر للأدوار مع قطر وتركيا مع قابليته للتعديل وفق الطلب الأميركي أو حسب الرغبة الإسرائيلية.‏
الإرهاب بنسخته السعودية ليس وارداً إضافياً أو رافداً جديداً، لكن في لبوسه الحالي يحمل بصمات التواطؤ الغربي حين كان شريكاً ومنفذاً في كل جولات الإرهاب والتطرف، قديمه وجديده، بعد أن بات المسكوت عنه فوق قدرة المنطقة والعالم على تحمّله، وإن تعددت نماذجه أو تلونت.‏

شاهد أيضاً

ما أصعب أن تُقاوم على جبهتين! / محمد الأمين الفاضل

منذ فترة ليست بالقصيرة، وأنا تترسخ لدي يوما بعد يوم قناعة مفادها أن هناك ضرورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *