29 مارس 2024 , 12:00

بوكوحرام..!! / بقلم الكاتب الصحفي: سيدي محمد ولد ابه

unnamed-5-a1e94يحيل العنوان إلى جماعة مسلحة تدعي العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا، تأسست عام 2002 وتقوم فلسفتها على رفض التعليم الغربي، مع أن مؤسسها الأول محمد يوسف لا يمانع في انتهاج الديمقراطية التعددية. منذ العام 2011 ومع بداية ما يسمى “الربيع العربي” باتت فلسفة الحركة النيجيرية تغزو المشهد السياسي “الإسلامي” دون أن يتبناها تلاميذة “حسن البنا” ومريدو “سيد قطب” بشكل رسمي.. في موريتانيا لم يكن الوضع نشازا عن غيره في البلدان العربية، وإن كان بعض السياسيين هنا قد فشلوا فيما حققه إخوانهم هناك، وتلك حقيقة مرة يعترف بها هؤلاء، لكنهم لايريدون الخوض في أسبابها. ونتيجة لهذا الإخفاق في استيراد “ثورة الربيع” باتت بعض المجموعات السياسية ذات المنهج الثيوقراطي، تخطو على آثار “بوكوحرام” ليس في تحريم المدارس الغربية، وإنما في التفسير السطحي للدين، تلاعبا بمشاعر العامة، وركوبا لعواطف المسلمين.. من هذا المنطلق نجد أن حادثة تمزيق المصحف- التي يستنكرها الجميع- تم تلقفها بسرعة وإصدار الأحكام “الشرعية” فيها على طريقة “بوكرام”، وهدر دم الفاعل الذي ما يزال ضميرا مستترا، وربما كانت المحاكم “الشرعية” عندنا “أحرص” على الإسلام والمسلمين، حين تجاوزت الفتاوى “الفاعلَ” وأخذت بهدر أموال الناس والولوغ في أعراضهم، ونهب ما خف وتيسر من ممتلكات عامة كانت أو خاصة. وانتشر أفراد “بوكوحرام” براياتهم السوداء، في شوارع العاصمة لممارسة الحرام بكل أصنافه، والجديد هنا أن مرشدي هؤلاء ساسة ومثقفون وصحفيون أيضا، كل يسعى وراء مأربه، فهذا أحدهم يقول في تدوينة على “الفيس بوك” إن ولد عبد العزيز لايسيطر الآن إلا على زوايا القصر الرئاسي، فقد خرجت العاصمة من قبضة الأمن والسلطة”. وكأن الثورة التي كانت حلما أعيى “الساسة” لثلاث سنوات بدأت تتحقق اليوم بفضل فاعل مجهول ذاب كفص ملح في ليل نواكشوط. حزب سياسي دبج بيانا عريضا، كله اتهامات للنظام القائم بالمسؤولية عن تمزيق المصاحف.. حزب آخر حاول الربط بين مقال ولد امخيطير، وتدنيس المصحف بشجار داخل تيار سياسي معروف أصيب فيه أحدهم بجراح بسيطة، وحاول تصوير المشاهد الثلاثة كما لو كانت اعتداء على “المقدسات” الإسلامية التي ضمَّنها “الشيخ المصاب”. هي السياسة إذن بكل ما تعنيه الكلمة، يوظف فيها البريئ دون أن يشعر، وتستخدم لها الشعائر والمشاعر بلا حدود. وبعيدا عن العواطف فإن حادثة التمزيق لا تخلو من ثلاثة احتمالات:
– أن يكون الفاعل إنسانا سويا، وهذا الاحتمال لايقبله العقل، وفي هذه الحالة يجب على السلطات الأمنية والقضائية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة.
– أن يكون الفاعل غير عاقل (صبيا أو مجنونا) وهذا لا يخاطبه الشرع لانعدام شرط التكليف.
– أن يكون إحدى الحيوانات السائبة، وهو أمر وارد أيضا نظرا لوجود المسجد في حي شعبي يعج بالحيوانات، وفي هذه الحالة تسجل الجريمة ضد مجهول. ما من أحد إلا وينكر حادثة تمزيق المصحف.. تلك هي القاعدة الطبيعية في كل المجتمعات الإسلامية.. ويتذكر الجميع أن “ثوار ليبيا” قاموا بإتلاف آلاف المصاحف التي تحمل كلمة “مصحف الجماهيرية” حقدا منهم وكراهية لعهد الشهيد القذافي، ومع ذلك لم نحس من هؤلاء من أحد أو نسمع لهم ركزا.. عموما الحادثة مرفوضة، ومدانة، وفي انتظار أن تنجلي الأمور علينا أن ندين بنفس القوة تلاميذة “بوكوحرام” ونطبق فيهم قول الله تعالى: ” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ”.

شاهد أيضاً

ما أصعب أن تُقاوم على جبهتين! / محمد الأمين الفاضل

منذ فترة ليست بالقصيرة، وأنا تترسخ لدي يوما بعد يوم قناعة مفادها أن هناك ضرورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *