28 مارس 2024 , 13:27

الصحفي ماموني ولد مختار يكتب: لقاء ولد مولود وولد محمد لغظف: قراءة في الأسباب وفي الآفاق

ufp شكل اللقاء المفاجئ بين الوزير الأول مولاي ولد محمد لغظف ـ بطلب منه ـ ورئيس حزب اتحاد قوي التقدم محمد ولد مولود يوم الاثنين الماضي 17/02/2014، مفاجأة كبيرة للرأي العام الوطني بجميع أطيافه في الموالاة والمعارضة وما بينهما، كما أثار العديد من نقاط الاستفهام والتعجب حول أسبابه  وأهدافه ومن وراءه وهل سبقته لقاءات غير معلنة مباشرة أو غير مباشرة.

 وكان من أشد المتفاجئين باللقاء، بل المصدومين، أقطاب المنسقية لعدة أسباب، منها أن ولد مولود وعلى غير عادته، أخبرهم باللقاء، فرادى بواسطة الهاتف من باب الإشعار لا من باب المشورة وتبريره لذلك “بأن الدعوة وجهت له باسمه كرئيس لحزبه لا باسمه كعضو في المنسقية”، غير مقنع للمنسقية، لأن نفس الصفة وجهت له بها الدعوة من طرف الوزير الأول نفسه قبل الانتخابات الماضية واشترط في تلبيتها موافقة المنسقية وعندما لم تجزها رفض الدعوة بصورة علنية مشترطا فيها أن تكون موجهة للمنسقية.

  والتأمل في السياق الزمني والسياسي الذي تم فيه اللقاء وطريقة تعامل معه ولد مولود وحزبه وتعامل معه الحكومة، يبرر مفاجأة الرأي العام بحرص نظام ولد عبد العزيز، على لقاء ولد مولود في هذا الظرف، خاصة كونه أتى قبل أن يجف حبر  انتخابات، كان ولد مولود من أشد الرافضين للمشاركة فيها وفرض مقاطعتها على حزبه، الذي كانت أكثريته تطالب بالمشاركة، مما أدى إلى مشاكل كبيرة في الحزب هزت صورته النمطية في الذاكرة الجمعية للموريتانيين، كما يأتي حرص الحكومة على لقاء ولد مولود، في ديدان التحضير لمنتدى المعارضة بمفهومها الواسع يوم 28 فبراير القادم للبحث عن آليات توحد المعارضة وتوسع من دائرتها لمواجهة النظام وفرض تنظيم الانتخابات القادمة بصورة تضمن حل أزمة البلاد وهو ما يعني في قاموس المعارضة، خاصة المنسقية، عدم فوز ولد عبد العزيز فيها.

 ويقود التفكير في أسباب رغبة نظام ولد عبد العزيز في لقاء ولد مولود في هذه الظروف، إلى طرح جملة من الأسئلة منها: ما يتعلق بأهداف النظام من وراء الحرص على لقاء رئيس حزب اتحاد قوي التقدم، دون غيره من أحزاب المنسقية؟ ولماذا استجاب ولد مولود وقيادة حزبه لدعوة اللقاء بهذه السرعة؟ وما هي العلاقة بين لقاء ولد مولود بالوزير الأول بلقائه قبل ذلك بأسبوع مع السفير الفرنسي في نواكشوط؟ وما هي دلالة تزامن هذا اللقاء مع نهاية حلقات النقد والنقد الذاتي داخل قيادة اتحاد قوي التقدم، التي استمرت أكثر من شهرين؟، دون الكشف عن ما دار داخلها ولاعن نهايتها ولا عن قراراتها، حيث تؤكد التسريبات أن أجواءها كانت ساخنة جدا، بين حمائم الحزب المطالبين بالمشاركة في الانتخابات الماضية واستقلالية قرار الحزب عن منسقية المعارضة وبين صقور الحزب الرافضين للمشاركة والمتشبثين بخط المنسقية وتغليبه على خط الحزب باعتباره جزء من كل والكل هو المنسقية في نظرهم وهو ما يعارضه حمائم “تقدم”.

 ومهما كانت دواعي الرغبة في اللقاء، فالذي لا مراء فيه أنه يأتي في ظرف يعيش كل من الطرفين ظروفا خاصة به يحتاج إلى جرعات تقوية لتجاوزها لمواجهة رهانات المستقبل.

 فبالنسبة للنظام فهو خارج من انتخابات تشريعية وبلدية أظهرت مستوى غير مسبوق، من وعي الموريتانيين بالديمقراطية وحرصهم على التمسك بحريتهم في أصواتهم وقد تجسد ذلك في الانتفاضة التي عمت البلاد ضد اللوائح التي رشحها الحزب الحاكم وتجسدت أيضا في رفض النواب لاختيارات ولد عبد العزيز، لأعضاء هيئات الجمعية الوطنية.

 وقد تفاجأ النظام بهذا الوعي مما جعل ولد عبد العزيز يستشعر خطر الانتخابات الرئاسية المقررة بعد أشهر قليلة، خاصة في حال ظهور مرشح قوي تدعمه المعارضة وجهات نافذة ماديا تسعي للإطاحة به عن طريق الانتخابات.

 أما  اتحاد قوي التقدم، فهو الآخر يعيش أزمات داخلية عميقة سياسيا وماديا وبشريا بسبب قرار مقاطعة الانتخابات، وبالتالي يحتاج إلى عصا سحرية تخرجه من وضعه الحالي بما يمكنه من دخول معترك الانتخابات الرئاسية القادمة بصورة تفتح له آفاقا للتغلب على مشاكله بأقل خسارة وفي أسرع وقت ويستعيد تألقه المعهود في المشهد السياسي ويتوق في هذا الإطار إلى حل الجمعية الوطنية الجديدة مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية وتنظيم انتخابات مبكرة ليتمكن من العودة إلى قبة البرلمان.

  فهل شعور ولد عبد العزيز بخطر الانتخابات الرئاسية القادمة؟، هو ما دفعه لاستباق منتدى الديمقراطية، الذي من أهدافه الرئيسية بحث توحيد المعارضة حول مرشح واحد وجعله يقرر مد يده لاتحاد قوي التقدم لخلط الأوراق في وجه المنتدى وزرع بذور الشك بين أطرافه خاصة داخل منسقية المعارضة.

 وهل حاجة اتحاد قوي التقدم إلى من يخرجه من نفق المقاطعة؟ جعله يقبل دعوة اللقاء بنظام ولد عبد العزيز، لتعزيز موقفه في تجاذبات الساحة السياسية ويمنحه فرصة للخروج عن تزمت المنسقية وجمودها على شعارات الرفض والرحيل والمقاطعة، التي لم تزدها، في نظر الكثيرين ممن كانوا يراهنون علىها، إلا انحسارا وبعدا عن الجماهير وأخيرا خسارة أصواتها في البرلمان.

 وهل قرار الاستجابة السريعة للقاء دون أخذ تأشيرة المنسقية؟ هو أحد نتائج حلقات النقد والنقد الذاتي واستجابة من صقور الحزب إلى رغبة حمائمه في استقلالية الحزب عن المنسقية وعدم مجاراة بعض أطرافها في مواقفهم من “تواصل” و”التحالف” ورغبتهم في أن يكون المنتدى القادم فرصة لإنشاء كيان جديد للمعارضة تذوب فيه المنسقية وهو ما يرفضه بعض مكوناتها وخاصة تكتل القوي الديمقراطية، الذي رفض رئيسه يوم أمس دعوة مماثلة لدعوة ولد مولود من الوزير الأول للقاء به وهو رفض يؤكد  الاتجاه المعاكس بين التكتل وتقدم من لقاءات ولد محمد لغظف.

 ولماذا كلف ولد مولود، نائبه محمد ولد اخليل بتقديم عرض عن اللقاء بعد 48 ساعة من حصوله لمجلس رؤساء المنسقية في اجتماع القتحق به ولد مولود نفسه؟

 ولماذا حرص اتحاد قوي التقدم على الإشادة بهذا اللقاء من خلال بيان رسمي أصدره الحزب ومن خلال تصريحات قادته؟ ولماذا عتمت عليه الحكومة؟ وعندما سُئل عنه الناطق باسمها وزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان، قلل من أهميته وقال انه “يدخل في إطار انفتاح الإدارة علي المواطنين ليس إلا”.

 ولماذا كلف ولد عبد العزيز الوزير الأول بدعوة ولد مولود وبدعوة ولد داداه بعد ذلك بأسبوع بدل أن تكون الدعوة للقاء به شخصيا، كما كان الحال أثناء التمهيد للحوار 2011 مع ولد بلخير وولد هميد؟

 وهل لمسعود ولد بلخير، كما يقال” دور في تحضيرات هذا اللقاء شكلا ومضمونا؟

 وهل صحيح ما أسند لمصدر مقرب من الوزير الأول، أن ولد مولود هو من طلب منه توجيه الدعوة لولد داداه؟ وهل يريد ولد مولود من ذلك، إذا صحٌّ، رفع الحرج عن حزبه بسبب دعوته دون سواه من أحزاب المنسقية؟ وهل قرر ولد عبد العزيز؟ استنساخ تجربة ولد الطائع سنة 2000، مع اتحاد قوي التقدم عندما قرر اللقاء به دون غيره من المعارضة، في ظروف لا تختلف كثيرا عن الظروف الحالية للنظام وللمعارضة على حد السواء، حيث طرح ذلك اللقاء نفس التساؤلات التي يطرحها اللقاء الحالي؟.

 وهل سيلعب ولد مولود وحزبه دور المشرع لانتخابات الرئاسية القادمة، كما شرع “التكتل” انقلاب 2008 وشرع “تواصل” و “حاتم” انتخابات 2009 وتصدت أحزاب المعاهدة بالرفض للربيع العربي قبل أن تشرع مع تواصل الانتخابات النيابية والبلدية الأخيرة؟.

 أسئلة كثيرة، أجوبتها معلقة، حول لقاء ولد مولود وولد محمد لغظف، الذي ينظر إليه على أنه من الممكن جدا أن يؤسس لمرحلة قادمة تعيد تشكيلة الخريطة السياسية، خاصة أن اتحاد قوي التقدم، رغم ما يمكن أن يقال فيه ويقال عنه، فهناك إجماع وطني على أنه لا يفاوض الأنظمة على الوظائف ولا على المنافع الخاصة، بل على القضايا الوطنية الجوهرية وباعه في ذلك طويل ويمتلك القدرة الفكرية لأن ينتزع من خصمه ما يمكن انتزاعه إلى أبعد الحدود، وبما أن الخصم في هذه المرة، معروف بأنه ناقض لعهده، مخالف لوعده، سيجعل ذلك، بالتأكيد، ولد مولود ورفاقه لن يرضوا منه بالوعود ولا بالعهود  ولن يمنحوه جحورهم ليلدغهم منها مرة ثانية، كما فعل بعد اتفاق دكار. 

شاهد أيضاً

ما أصعب أن تُقاوم على جبهتين! / محمد الأمين الفاضل

منذ فترة ليست بالقصيرة، وأنا تترسخ لدي يوما بعد يوم قناعة مفادها أن هناك ضرورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *