19 أبريل 2024 , 0:23

لازلت أذكر الرمز محمد محمود بن محمد الراظي

 

لازلت أذكر أنامله الحنونة وهو يمسك اذني مداعبا ويقول ” انت ذالعام في اي سنة دراسية ؟ ثم ياخذ بيدي معظم وقته حيثما التقاني في بيت والدي اطال الله في عمره ، او في بيت عمتي ” البتول ” بحي القديمة رحمة الله عليها ، او في اي مكان من مدينة كيفه التي سكنته وعشقته إلى اليوم

لازلت اذكر مشية البسطاء التي كان يجوب بها ازقة وحواري وبيوتات حي القديمة واحياء كيفه التي لاتزال تبكيه إلى اليوم لازلت اذكر شوارع مدينة كيفه وهي تصفر بألوان لائحته الانتخابية في واحدة من اروع دروس الرفض في عهد ولد الطايع وقوفا مع مرشح البسطاء والضعفاء والمطحونين .

لازلت اذكر زياراته الليلية المتكررة لوالدي في واحدة من اروع دروس النضال والرفض وصناعة الفعل السياسي في بيئة لامجال فيها للخروج عن الإدارة والقبيلة والأغلبية .

لازلت أذكر خطاباته السياسية وصوته الشجي الخارج عن المألوف اسلوبا ومضمونا وتاثيرا في تلك الساحة الواقعة فيها حاليا مفوضة الشرطة وسوق البلدية حاليا .

لازلت اذكر ذلك الرجل الوسيم المهاب والبسيط في شكله ،

لكنه رغم ما اتيح له من مؤهلات الريادة والواجهة اختار ان يكون مدافعا عن العمال والبسطاء والفلاحين والمنمين والمهمشين ، فكان حين يتكلم يعتقد السامع إليه انه جاء توا هاربا من الحقول ظلما وان اقطاعية عظيمة حاصرته لضعف مكانته دون ان يدرك ان من يتحدث امامه سليل مشيخة تقليدية قد تفرش له الورود لكنه اختار الرفض والإنصاف لأهل الهامش .

لازلت اذكر ذلك المساء العجيب في مدينة كيفه تسعينيات القرن الماضي ، امواج البشر يرابطون على طول المساحة مابين ” مباني الولاية ” و ” تيشطات منت شكراد ” في رسالة مفادها انه بالبساطة والواقعية يستطيع السياسي ان يصنع المعجزة ، مدينة كيفه في ذلك المساء خرجت عن بكرة ابيها صفراء لا لون لها غير اللائحة الصفراء وعلى شاحنة تسير امام المناصرين تقف بنات الأسرة الفنية التليدة اهل بوب جدو وشقيقهم محفوظ .
يرددن – لم اعد اذكره كاملا – في واحدة من اروع ملامح الانتصار للحقيقة .
عاكب هذ من لحتدام ** والخلق امعرم فالدشرة
محمد محمود الكدام ** رافد رايات النصرة
في ذلك اليوم العظيم تعاقبت على منصة الخطابة أسماء كثيرة من كل الوان واطياف مدينة الرفض حينها ، كانت الخطابات تهز المدينة وللنظام انذاك نصيب من الاهتزازات داخله لانها مدينة كاملة ترفض ثم ترفض مرة اخرى في صناديق الاقتراع ليعلن الرمز محمد محمود عمدة لمدينة كيفه لتبدا من جديد رحلة التهميش لمدينة كاملة .
لازلت أذكر انه كان في الاجتماعات الليلية وتلك التي في وضح النهار – محمد محمود واقرانه مواقفهم معلنة دوما – كان يحفظ اسماء كل الكادحين من احياء المدينة ويعرف كل تفاصيل حياة الناس فهو ليس بالسياسي الموسمي ولا القائد المتخفي ولا الشيخ الإقطاعي ، هو ظاهرة فريدة منحها الله للبسطاء ليكون معلما لهم ومحاميا عنهم ومدافعا عن حقوقهم .
كان رحمه الله بشوشا رحميا بالضعفاء قاسيا مع الأقوياء يرفض الاقطاع والظلم والهوان .
كان متصوفا في الوطن يمشي في طرقات مدينة تدين له بالكامل ولم يصب يوما بالكبرياء فقد كان يمشي مشية الفلاحين والمزارعين الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون .
لازلت أذكر تفاصيل كثيرة من يومياته فقربي دوما من والدي اطال الله من عمره منحني رغم صغر السن ان اعرف الكثير من عظماء تلك المدينة – كيفه – المجنونة بحب الحرية ورفض الظلم والاقطاعية منذ النشأة .
لقد كانت وفاة الرمز والمناضل والشيخ التقليدي: محمد محمود بن محمد الراظي خسارة كبيرة للوطن ولولاية لعصابه ولمدينة كيفه .
رحمة الله عليه وادخله واسع جناته .

بقلم : الصحافي / الشيخ المهدي النجاشي

شاهد أيضاً

المرابع ميديا تنشر التسريبات الأولية لمجلس الوزراء خلال اجتماعه اليوم

صادق مجلس الوزراء خلال اجتماعه اليوم على تعيينات شملت رؤساء مجالس إدارة كما عين وأجرى …