16 أبريل 2024 , 5:19

لماذا لم يستطع العلماء الوصول للقاح للإيدز وينتجون لقاحا لكورونا ؟

يحتفل العالم اليوم، الثلاثاء، 1 ديسمبر الأول باليوم العالمي للإيدز، وبهذه المناسبة يطرح تساؤل لماذا تمكن العلماء في أقل من سنة من الوصول للقاحات لفيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19، وفي المقابل لم يتمكنوا من الوصول للقاح لفيروس الإيدز بعد مرور 37 عاما على اكتشافه من العلماء.

ويحتفل باليوم العالمي للإيدز في 1 ديسمبر/ من كل عام، ويأتي الاحتفال باليوم العالمي للإيدز لعام 2020 تحت شعار “تضامن عالمي، وخدمات قادرة على الصمود”.

ومنذ بداية تفشي مرض الإيدز في أوائل ثمانينيات القرن الماضي وحتى اليوم يقدر أن من أصيبوا بفيروس نقص المناعة البشرية تجاوز 75 مليون إنسان عالميا، في حين أدى الفيروس لوفاة أكثر من 32 مليون شخص نتيجة الأمراض المرتبطة بالإيدز. وذلك وفقا لموقع “يو إن إيدز” (unaids).

وينتج مرض الإيدز -وهو اختصار لـ”متلازمة العوز المناعي البشري المكتسب” (acquired immune deficiency syndrome)- عن الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري “إتش آي في” (HIV)، ويصيب فيروس العوز المناعي البشري خلايا الجهاز المناعي المسماة “خلايا عنقود التمايز‏‏4″ (CD4) التي تساعد الجسم على التصدي للعدوى‏. ويتناسخ الفيروس داخل خلايا عنقود التمايز 4، فيصيب الخلايا بالضرر ويدمرها.‏

وفي غياب العلاج الفعال باستخدام توليفة من الأدوية المضادة لـ”الفيروسات القهقرية” (antiretroviral drugs)، يصبح ‏الجهاز المناعي ضعيفا إلى الحد الذي يجعله عاجزا عن محاربة العدوى والمرض، وذلك وفقا لمنظمة الصحة العالمية.‏

هل يختلف الإيدز عن فيروس العوز المناعي البشري؟

وردا على سؤال “هل يختلف الإيدز عن فيروس العوز المناعي البشري؟” تقول المنظمة على موقعها الإلكتروني إن متلازمة العوز المناعي البشري المكتسب (الإيدز) مصطلح يشير إلى المراحل القصوى ‏للعدوى بفيروس العوز المناعي البشري.‏ وتعرف تلك المراحل بظهور أي نوع من الأنواع 20 للسرطانات، و”حالات العدوى ‏الانتهازية” المهددة للحياة، التي يطلق عليها هذا الاسم؛ لأنها تستغل ضعف النظام المناعي.

وتضيف المنظمة أن الإيدز كان من السمات المحددة للسنوات الأولى لوباء فيروس العوز المناعي البشري، ‏قبل أن يتوافر العلاج المضاد للفيروسات القهقرية.‏ والآن وقد أصبح هذا العلاج متاحا لعدد أكبر من الناس، لا تتقدم مراحل المرض لدى معظم ‏الأشخاص المتعايشين مع الفيروس لتصل إلى إصابتهم بالإيدز.‏ ومع ذلك، فإن احتمالات الإصابة به تزداد لدى الأشخاص المصابين بالفيروس، الذين لم ‏يخضعوا للاختبار، والأشخاص الذين لم تشخص حالتهم إلا في مرحلة متأخرة من ‏العدوى، والأشخاص الذين لا يتعاطون العلاج المضاد للفيروسات القهقرية.‏

وجرى تحديد فيروس الإيدز لأول مرة عام 1983، وفي 1984 أعلن مسؤولون في الولايات المتحدة أن لقاح فيروس الإيدز سيكون جاهزا للاختبار في غضون عامين؛ ولكن بعد 36 عاما، لا يوجد لقاح ضد فيروس نقص المناعة البشرية، فما السبب؟

 

ما هو اللقاح؟

اللقاح مستحضر يعطى للشخص لتكوين مناعة في جسمه ضد مرض معين، ويتكون من جراثيم المرض التي تم قتلها أو إضعافها، وعند دخولها الجسم، فإنها تحفز جهاز المناعة على تكوين أجسام مضادة لمرض معين وذاكرة مناعية، بحيث يتذكر جهاز المناعة الميكروب الممْرض، فيقوم بمهاجمته والقضاء عليه فورا عندما يدخل الجسم في المرة اللاحقة.

لماذا يشكل فيروس الإيدز تحديا لمطوري اللقاحات؟

1- تغير وتقلب أنواع فيروس نقص المناعة البشرية

فيروس نقص المناعة البشرية يتحور بشكل متكرر؛ مما يجعل من الصعب الوصول إلى لقاح له، لأنه يغير شكله وتركيبه باستمرار. بالإضافة إلى ذلك هناك العديد من الأنواع الفرعية لفيروس نقص المناعة البشرية، كل منها متميز وراثيا، ومن المحتمل أن يستمر ظهور أنواع فرعية إضافية، وهذا يمثل تحديا آخر؛ لأن اللقاح الذي يحمي من نوع فرعي قد لا يوفر الحماية ضد الأنواع الأخرى، وذلك وفقا لموقع “ذا هيستوري أوف فاكسينز” (the history of vaccines).

2- نقص المناعة الطبيعية لفيروس الإيدز

فيروس الإيدز يختلف عن فيروسات أمراض أخرى مثل الحصبة وجدري الماء، فعلى عكسها لا أحد يتعافى بشكل طبيعي من الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. بالمقابل إذا أصيب شخص ما بالحصبة ونجا، فعادة ما تكون الاستجابة المناعية للعدوى كافية لمنع الإصابة بالحصبة في المستقبل. ويمكن للباحثين استخدام هذه المناعة المشتقة بشكل طبيعي نموذجا لمستوى الحماية التي يجب أن يوفرها اللقاح الناجح.

بدون نموذج للمناعة الطبيعية، لا يملك الباحثون طريقة لتحديد الاستجابة المناعية، التي قد تكون فعالة ضد فيروس نقص المناعة البشرية، وبالتالي فإن تطوير لقاح فيروس نقص المناعة البشرية أكثر صعوبة.

3- الافتقار إلى نموذج حيواني يتنبأ بشكل موثوق بفاعلية اللقاح في البشر

تعد النماذج الحيوانية أداة مهمة في فهم المسار الأساسي للعدوى واستجابة الجهاز المناعي في معظم الأمراض، وكذلك في أبحاث اللقاحات. ومع ذلك، لا يوجد نموذج حيواني غير بشري موثوق به لعدوى فيروس نقص المناعة البشرية واستجابة جهاز المناعة. لم تسفر اختبارات لقاح فيروس نقص المناعة البشرية على الحيوانات عن تنبؤات دقيقة عن كيفية عمل اللقاحات في البشر.

وحاليا يواصل الباحثون إجراء تجارب لاختبار اللقاحات ضد “فيروس نقص المناعة القردي-إس آي في” (Simian Immunodeficiency Virus-SIV)، وهو فيروس القردة المرتبط بفيروس نقص المناعة البشرية، وذلك على أمل استخدام أساليب مماثلة ضد فيروس نقص المناعة البشرية.

كورونا يعلمنا أشياء ستساعدنا على  قهر الإيدز

مع ذلك، فإن التعاون العالمي المذهل الذي نجح في الوصول للقاحات لفيروس كورونا في أقل من 12 شهرا، يعلمنا أنه مع تكاتف الجهود العالمية يمكن اختصار الكثير من العقبات، وهذا أمر قد يساعد في كفاح العلماء للوصول إلى لقاح للإيدز.

وقال مايك بودمور، مدير مؤسسة “ستوب إيدز” (Stop aids) في المملكة المتحدة -في تصريحات لـ”الإندبندنت” (Independent)- إن الأشهر العشرة الماضية عززت روح التعاون بين الجهات الصحية العالمية الرائدة والحكومات وصناعة الأدوية، التي ينبغي تبنيها بالمثل لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية.

مضيفا أن “تعبئة الهيكل الصحي العالمي والمؤسسات المختلفة معا، وتجميع التمويل على المستوى العالمي، كل هذه الاستجابة السريعة تظهر ما يمكننا فعله عالميا إذا اخترنا التنسيق والعمل معا، ودعم بعضنا البعض تضامنا”.

وأكد بودمور بأن القدرة على التحرك بسرعة كبيرة ضد كوفيد-19 كانت مبنية على الاستجابات السابقة للإيدز والسل والملاريا والإيبولا.

وحتى اليوم تجاوز عدد إصابات فيروس كورونا 63 مليونا، والوفيات مليون و470 ألفا.

ونختم بمجموعة من الحقائق عن مرض الإيدز عالميا، وفقا لمنظمة الصحة العالمية:

  • في نهاية 2019، كان هناك نحو 38 مليون شخص متعايش مع الفيروس.

  • نتيجة للجهود الدولية المتضافرة التي بذلت استجابة للفيروس، شهدت تغطية الخدمات زيادة مطردة. ففي 2019، كان 68% من البالغين و53% من الأطفال المتعايشين مع الفيروس في العالم يتلقون العلاج المضاد للفيروسات القهقرية المستمر طوال الحياة.

  • في نهاية 2019، كان 25.4 مليون شخص يحصلون على العلاج المضاد للفيروسات القهقرية.

  • في الفترة بين عامي 2000 و2019، تراجعت حالات عدوى الفيروس الجديدة بنسبة 39%، وتراجعت الوفيات الناجمة عنه بنسبة 51%، وتسنى إنقاذ 15.5 مليونا من الأرواح بفضل العلاج المضاد للفيروسات القهقرية. وجاء هذا الإنجاز نتيجة للجهود الكبيرة المبذولة في إطار البرامج الوطنية لمكافحة الفيروس بدعم من المجتمع المدني وشركاء التنمية الدوليين.

  • يعيش أكثر من ثلثي الأشخاص المتعايشين مع فيروس الإيدز في الإقليم الأفريقي التابع للمنظمة (25.7 مليون شخص).

  • لا يوجد علاج لعدوى الفيروس. ومع ذلك، فإن الأدوية الفعالة المضادة للفيروسات القهقرية يمكنها السيطرة على الفيروس والمساعدة على منع انتقاله إلى أشخاص آخرين.

شاهد أيضاً

الشعور بالانشغال الدائم يؤثر سلباً على الدماغ.. وهذه طرق مواجهته

قد يؤدي الشعور بالانشغال الشديد، أو عدم وجود وقت لديك للقيام بما تريد إلى ظاهرة …