16 أبريل 2024 , 7:35

نقاش تقرير لجنة التحقيق البرلمانية..هل هو منعطف جديد في العلاقات بين الموالاة والمعارضة؟ /قسم التحقيقات

صحيفة المرابع تسلط الضوء في تحقيق حصري على التقرير المثير للجدل ووقائع الجلسة الأكثر إثارة.

لم يعرف تاريخ الجمعية الوطنية الموريتانية ، دورة بحجم إثارة دورته الأخيرة للجدل، كما لم تشهد كل دوراته متابعة وترقبا من لدن الشارع العام كهذه.

ورغم أن مواضيع هامة وتمس حياة المواطنين وتشكل مطلبا اجتماعيا، مثل مشروع قانون تعديل التقاعد، تمت مناقشاها في هذه الدورة، فإنها لم تثر اهتمام المتابعين بالمستوى الذي أثاره، تقرير لجنة التحقيق البرلمانية.

 فقد اختطف التقرير الأضواء، واهتم الكل بالجلسة المخصصة لنقاشه .

وكان من المثير ،انسجام آراء النواب أغلبية ومعارضة ولأول مرة في تاريخ البرلمان، حول الموضوع، وبدت معظم مداخلات النواب من كل الاتجاهات تكريرا لما سبق، فكلها تؤكد على ضرورة التعامل الإيجابي مع التقرير وأن يترك يأخذ مساره العدلي وأن تتم محاسبة الضالعين في عمليات الفساد..

وعكست آراء النواب مواقف أحزابهم التي يمثلونها في الجمعية الوطنية، كما تميزت الجلستان المخصصتان لنقاش التقرير بالهدوء والسكينة التامة.

صحيفة المرابع تسلط الضوء في هذا العدد على التقرير المثير للجدل ووقائع الجلسة الأكثر إثارة.

 

وقائع الجلسة الأكثر إثارة للجدل في تاريخ البرلمان..

صادقت الجمعية الوطنية في ال 29 يوليو 2020،  على مقترح توصية بإحالة ملفات تحقيق لجنة التحقيق البرلمانية غير المتضمنة لما يمكن أن يدخل في مجال اختصاص محكمة العدل السامية، إلى وزير العدل، بهدف اتخاذ ما يلزم لتوجيهها للجهات القضائية المختصة.

وتميزت الجلسة عموما ، بالهدوء الناجم عن جو التوافق بين مختلف الفرق على أهمية العمل الذي قامت به لجنة التحقيق البرلمانية، باعتباره يشكل خطوة مهمة في محاربة الفساد.

 واتجهت مداخلات النواب موالاة ومعارضة، على ضرورة أن يأخذ تقرير لجنة التحقيق البرلمانية مساره نحو الهيئات المعنية لتأخذ قرارها ولتوضح من هو المسؤول عن المخالفات المالية التي وردت في تقرير اللجنة.

فيما ثمن أغلبهم عمل اللجنة واصفا إياه ” بالعمل الجبار” رغم ما اكتنف فترة التحقيق من ضغوط بسبب جائحة كورونا.

ملاحظات دالة..

وأكد معظم النواب : ” أن البلد الآن على مفترق طرق: فإما  أن نتخذ من تقرير هذه اللجنة فرصة لإعادة ما نهب من الممتلكات هذا الشعب الفقير وضرب بيد من حديد على الفساد وأوكاره وإبعاد كل من ساهم فيه من قريب أو بعيد عن أي مسؤولية في البلد مهما كانت وجعلهم عبرة لمن يأتي بعدهم، أو أن نتهاون بنتائج التقرير ونعيق المسارات التي يجب أن يمر بها مما يعزز الفساد والمفسدين.”

واعتبر البعض أن هذه لحظة تاريخية بارزة في حياة موريتانيا ، يجب أن تتخذ لمحاسبة كل من ساهم في نهب ممتلكات هذا البلد وإعادة هذه الممتلكات إلى خزينة الدولة.

وأكد النواب على ضرورة إنشاء عدة لجان تحقيق برلمانية لتظهر بؤر الفساد المنتشرة بكثرة في مختلف المجالات الاقتصادية عبر مختلف تاريخ البلد.

مطالب جديدة..

كما قال النواب ، إن حجم الفساد سيظهر بشكل مخيف لو كان التحقيق شمل طريقة تسيير مختلف ميزانيات قطاعات الدولة خلال الفترات الماضية.

و طالب النواب بإنشاء عدة لجان برلمانية للقيام بما يلزم من تحقيقات لكشف بؤر الفساد التي وصفوها بالمنتشرة بكثرة في مختلف المجالات الاقتصادية عبر مختلف تاريخ البلد، مشيرين إلى أن الفساد من أخطر الجرائم التي تسبب انهيار الدول وخلق المشاكل والنزاعات فيها.

كما طالب بعض النواب بسحب الثقة فورا عن جميع المسؤولين الذين كانوا على صلة بالمخالفات القانونية وشبهات الفساد التي تضمنها  تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، مؤكدين على ضرورة أن يأخذ هذا التقرير مساره نحو الهيئات القضائية المعنية.

التقرير..

تضمن التقرير النهائي  للجنة التحقيق البرلمانية والذي سلمته الاثنين 27 يوليو، للبرلمان التنبيه على الكثير من عمليات الفساد التي عرفتها الملفات التي تحقق فيها لجنة التحقيق البرلمانية.

وأوصى التقرير بطلب تعهد السلطات القضائية المعنية للبت في المسؤولية الجنائية المترتبة على مختلف هذه المخالفات.

وتضمن تقرير اللجنة جملة من التوصيات ، بناء على ما تم كشفه من خروقات ومخالفات في المجالات التي شملها التحقيق، نستعرض بعضا منها للتمثيل:

بيع المدارس..

ويتعلق الأمر بجزء من المدرسة التي تقع قبالة فندق أطفيلة على شارع شارل ديغول ومدرستي السوق والعدالة والمدرسة رقم 7 في كبتال.

واستنكر تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، عملية بيع المدارس واصفا إياه بأنه «غير مبرر..لأن فترة الإقدام على بيع المدارس كانت فترة وفرة في  الموارد بالنسبة لموريتانيا”. كما لم يستسغ التقرير ، تبرير وزارة التهذيب وهو أن المدارس أصبحت على طرق سريعة مما يعرض حياة التلاميذ للخطر..

 واستغربت اللجنة طلب وزير التهذيب من وزير المالية تكليف مصالحه المختصة بتنفيذ عملية المزاد العلني لهذه المدارس، وقالت: ” من الصعب أن نتفهم كيف يمكن لوزير التهذيب أن يأمر وزير المالية ببيع مدرسة”.

ردود المسوؤولين..

ونشرت اللجنة في تقريرها رد وزير التهذيب على سؤاله حول الموضوع قائلا إن رئيس الوزراء الأسبق يحيى ولد حدمين اتصل به لترتيب زيارة للمدارس المعنية وأمره بإخراجها من الخريطة المدرسية. والكتابة إلى وزير المالية لإبلاغه بذلك.وقد أبلغه رئيس الوزراء أنه سيتم بيع هذه المدارس بالمزاد العلني”.

وقالت اللجنة إن وزير المالية السابق قال إن «رئيس الوزراء أعطاه تعليمات بالقيام بعملية بيع المدارس بالمزاد العلني”.

أما رئيس الوزراء السابق فقد أكد أمام لجنة التحقيق أن ” تعليمات بيع المدارس أعطيت له من قبل رئيس الجمهورية السابق وأنه إنما أحال تلك التعليمات إلى المصالح المعنية”.

توصيات..

أوصت اللجنة في تقريرها بخصوص بيع عقارات انواكشوط ب:

ــ مصادرة القطع الأرضية التي بيعت الفترة من 2010 وحتى 2019، في مدينة انواكشوط. وقالت لجنة التحقيق  ، إن هذه ”  البيوع التي كان المستفيد النهائي منها شركة (SMIS SARL) المملوكة لشخصية طبيعية من عائلة الرئيس السابق”، وفق نص التقرير.

شركة ” سنيم”     

قالت لجنة التحقيق البرلمانية إن الشركة الوطنية للصناعة والمناجم «سنيم» شارفت خلال العشرية الماضية على الإفلاس وكانت صفقاتها تشوبها خروقات كبيرة.

وأكدت اللجنة في تقريرها النهائي أن «سوء التسيير فعل فعله في سنيم مع انخفاض الأسعار سنة 2015، فأصبحت الشركة لأول مرة عاجزة أمام مورديها الذين قرر بعضهم إيقاف التعامل معها (BP بالنسبة للإمداد بالزيوت) لأنهم أصبحوا يخشون إفلاسها الذي أصبح احتمالا قوياً».

وكتبت اللجنة البرلمانية أن ” الدولة أصبحت ابتداء من سنة 2010، تتصرف بدون أي رؤية استراتيجية لدور شركة سنيم”، التي  «غرقت في وحل خيارات تسييرية أثرت سلبا على صحتها المالية، وسير نشاطاتها”.

وضربت اللجنة أمثلة على فشل الشركة من ضمنها «تنفيذ ما يسمى باستثمارات (الأبهة) في مجالات بعيدة من مهامها المحددة في نظامها الأساسي”.

و قالت لجنة التحقيق البرلمانية إن «خيرية سنيم وقعت عقدا بالتراضي مع شركة ATTM لإنجاز الأشغال عند الكيلومتر 70 في منزل خصوصي قد تعود ملكيته إلى رئيس الجمهورية السابق بمبلغ وصل حدود 250 مليون أوقية قديمة، وتنفيذ استراتيجية غير موفقة، مثل مشروع (القلابة 2)، الذي لم يتجاوز 25 في المائة من طاقته المنتظرة، والقيام بشراكات مع زبناء و/أو وسطاء لا يستجيبون لمعايير انتقاء سنيم المعتادة سابقاً، حيث كانوا في الغالب إما أنهم غير جديين، وإما أن إمكاناتهم المالية ضعيفة، وتعيين أشخاص غير أكفاء في سنيم..».

وحول الصفقات التجارية لشركة سنيم أوصت لجنة التحقيق البرلمانية بإجراء «تدقيق دولي في سياسة سنيم التجارية توخيا لمزيد من الشفافية والفعالية».

صحيفة المرابع العدد 13 / 4 يوليو2020

 

شاهد أيضاً

رئيس الوزراء البلجيكي يجدد الدعم لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية

جدد رئيس الوزراء البلجيكي، ألكسندر دي كرو، موقف بلاده المعبر عنه سنة 2022، الذي تدعم …