18 أبريل 2024 , 15:11

 تجارة الفحم ” لحموم”في موريتانيا..المرابع تعد  تحقيقا يكشف أوضاعا وأرقاما صادمة عن الغابات والحياة البرية في موريتانيا

 

أعلنت منظمات وهيئات دولية مهتمة بالغابات أن الحياة الغابوية والبرية في موريتانيا ، أصبحت مهددة  ودخلت مرحلة الخطر.

وأكدت آخر معطيات صادرة قبل أيام بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، (5 يونيو)عن الجهات الرسمية المختصة ، أن الغابات الموريتانية عرفت تمزقا على نحو يتوقع معه زوالها كليا في أفق أربعين سنة قادمة.

وأجمعت كل المعطيات رسمية وغيرها، على أن الممارسات البشرية تجاه الغابة اتخذت أبعادا بلغت حدا مضرا بالبيئية ومهددا لها.

وفاقم الوضعية ، غياب أي إستراتيجية بيئية محكمة ومنفذة على الميدان  ، لكل الحكومات المتعاقبة في البلاد منذ الاستقلال.

ففي وقت تكافح فيه دول العالم للحفاظ على غطائها النباتي ، يعيش الوسط  البيئ الموريتاني تدميرا ممنهجا تحت عدة عناوين منها تجارة الفحم ، وقطع الأشجار لأغراض الرعي وغيرها.

صحيفة المرابع، ومساهمة منها في كشف وإثارة واقع الوسط البيئي الوطني، وبمناسبة اليوم العالمي للبيئة الذي يصادف ال 5 من يونيو، أعدت هذا التحقيق الإخباري.

يتناول التحقيق تجارة الفحم وما يرتبط بها من قطع وحرق الأشجار وانعكاسات ذلك على  البيئية الوطنية.

وقد كشف العمل عن حقائق صادمة ومؤلمة ،عن أوضاع الغابات والحياة البرية عموما في موريتانيا.

استخدامات الفحم” لحموم”

لا يزال الفحم يستخدم على نطاق واسع في موريتانيا، حيث أن له العديد من الاستخدامات المنزلية والتجارية.

فمعظم السكان خاصة في المناطق الداخلية ما زالوا يعتمدون على الفحم في الأغراض المنزلية من طبخ وغيره.

كما ينتشر استخدام الفحم في المدن الكبرى خاصة في انواكشوط لإعداد الوجبات الكبيرة في المناسبات الاجتماعية وغيرها.

وتعتمد محال بيع اللحم المشوي المنتشرة في أرجاء البلد على الفحم، كوسيلة وحيدة للطهي.

وتؤكد الملاحظات المباشرة ، أن الفحم ما زال منافسا رئيسيا للغاز في كل المناطق وأن الطلب عليه يزداد أكثر.

نشاط مدمر..

تعتبر تجارة الفحم، من أكثر الأنشطة البشرية خطرا على جميع الصعد، حيث أن حرق الأشجار،الذي هو الخطوة الأولى ، في هذه التجارة يلحق أضرارا متعددة الأبعاد بالبيئة.

وحسب مصادر محلية، تحدثت لوكالة المرابع ميديا للإعلام والاتصال، فإن الرجال الذين يجمعون الفحم، يتوغلون في أعماق الغابات ويقومون بحرق الأشجار لاستخراج الفحم رغم أن بعضها ما يزال مخضرا معشوشبا.

و حسب تلك المصادر، فإن هذه العملية تتم غالبا في مناطق أصبحت نائية، وهي تدمر الغطاء النباتي وكل عناصر الحياة البرية.

ففضلا عن تدمير هذا النشاط للغابات، تؤدي عمليات الحرق إلى هلاك وهجرة كل الحيوانات، ما يعني القضاء على الحياة البرية.

وقد أدت عمليات الحرق  المتواصلة لاستخراج الفحم، إلى تدمير مساحات شاسعة من الغابات الموريتانية، وتحولت إلى أراض جرداء بعد أن كانت غابات تعج بكل أنواع الحياة البرية.

الأرقام تتحدث..

أكدت الإحصاءات رسمية رغم محدوديتها ، أن الغابات في موريتانيا ستختفي في ظرف وجيز.

وقالت وزيرة البيئة والتنمية المستدامة مريم بكاي، بمناسبة اليوم العالمي للبئية الذي يصادف ال5 من يونيو ، إن الغابات الموريتانية عرفت تمزقا على نحو يمنع من تأدية وظيفتها البيئية.

 وكشفت الوزيرة ، أنه يتوقع زوال الغابات الموريتانية كليا في أفق 2060 بالنظر إلى الوتيرة الحالية لاختفائها والتي تدمر ما معدله 8000 هكتار سنويا.

وقالت ، إن موريتانيا تعاني من تدهور في الأراضي يمس قرابة 200000 هكتار سنويا.

وكانت إحصاءات رسمية سابقة، قد قالت إن الغابات في موريتانيا لم تعد تتجاوز ما نسبته 3% من مساحة البلاد الشاسعة والبالغة 1030700 كم².

 لكن إحصاءات أخرى غير حكومية، أكدت أن مخزون البلاد من الغابات لم يعد يتجاوز 0.25 % من إجمال مساحة موريتانيا، وواضح أن هذا الرقم يتناغم مع المعطيات التي قدمتها الوزيرة مريم بكاي.

وحسب إحصائيات حكومية فإن البلاد تفقد 4000 هكتار من غطائها الغابي كل سنة، ما يجعل  موريتانيا تصنف في  مقدمة الدول التي ستفقد غطاءها النباتي وبسرعة.

وتقدر منظمة “الفاو” مخزون موريتانيا الغابوي بـ4387000 هكتار، أما الإنتاج السنوي من الخشب فيقدر ب 565000  متر مكعب.

 و ترتفع تقديرات الاستهلاك السنوي إلى 1.8 مليون متر مكعب، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف القدرات الطبيعية للغابات.

أين التقارير عن الحيوانات البرية؟

لاشك أن حرق الغابات لأجل الفحم يؤدي إلى نفوق الحيوانات التي تتخذ من الغابة موطنا لها.

لكن لم نعثر على معطيات علمية ودقيقة عن أعداد الحيوانات التي هلكت وتلك التي هاجرت جراء حرق الغابات، وكل ما هو موجود مجرد تقديرات وتخمينات.

ففقد كشفت وزيرة البيئة والتنمية المستدامة مريم بكاي، بمناسبة اليوم العالمي للبئية الذي يصادف ال5 من يونيو ،  عن ما وصفته ب ” الوضعية المقلقة للحيوانات المتوحشة، حيث أن أنواعا عديدة اختفت تماما كالفيلة والأسود والنعامة والزرافة وأخرى تحت تهديد كبير كالغزلان والأرانب والحبارى الكبيرة” وهي حيوانات يرتبط طبعا وجودها وحياتها الغابة.

وميدانيا هناك تقارير الصحفية ، تروي عن بعض السكان في المناطق الغابوية ، أحاديثا عن وجود الكثير من الحيوانات سابقا والتي هلكت وهاجرت بعد بطش الإنسان بوطنها.

تهتم كل الدول بالبيئة بكل عناصرها وتتابع الجهات المختصة وبصورة مستمرة ، واقع الحياة البرية ، ويتم التدخل الفوري لإنقاذ أي عنصري بيئي مهدد، خلاف ما عليه الأمر في موريتانيا حسب مهتمين.

الانتشار والغلاف المالي..

لا توجد خرائط دقيقة لانتشار هذا النشاط  لكن المسلم به، أن حرق الأشجار لتجارة الفحم منتشر على نطاق واسع في موريتانيا، خاصة في جنوب البلاد وشرقها ،حيث الغطاء النباتي الجيد نسبيا.

أما فيما يخص الأرقام المالية، فإنه ونتيجة لغياب الدراسات والتقارير الدقيقة ، فلا توجد معطيات يمكن الركون إليها ، تمكن من معرفة الغلاف المالي الحقيقي لهذا النشاط.

لكن تقارير إعلامية تحدثت عن أرقام بالغة الخطورة.

فقد قدرت وكالة كيفه للأنباء، استنادا إلى إحصائية لواحدة من المنظمات المعنية بالبيئة ، أن ولاية لعصابه وحدها تغادرها حوالي 100 شاحنة للشهر إضافة إلى عشرات السيارات الأخرى الوكالة.

ووثقت الوكالة صورا تظهر الكثير من الشاحنات المصطفة وهي محملة بأطنان من الفحم ، تم جمعها من حرق الغابات في الولاية.

وقالت الوكالة إن جميع الشاحنات تمر بجميع النقاط والمراكز الأمنية ومن أمام مكاتب الحكام والعمد ، وبالقرب من دار الولاية ، ثم تنطلق إلى انواكشوط.

وكما لا توجد أرقام مالية لهذه التجارة، فلا توجد معطيات حول المساحات التي يتم حرقها سنويا لأجل نشاط تجارة الفحم، وكل ما هو موجود غالبا هو أعداد المساحات التي أصبحت جرداء بعد أن كانت بها غابات هامة.

المؤكد…

المؤكد أن تجارة الفحم تدر أربحا لا بأس بها على المتاجرين به والمتعاملين معهم في صفقات نقله وتسويقه ٬ كما يشكل مصدر دخل لشبكة من الأشخاص : الباعة والعاملون في مجال قطع وحمل الأخشاب وحرق الفحم ونقله..

 ورغم غياب هذه المعلومات الهامة وعدم وجود أرقام هذه التجارة وتداولاتها المالية، فإن الصور تظهر حجم الكارثة.

فمعظم المدن التي تقع ضمن النطاق الغابوي لموريتانيا يسجل الناشطون فيها بشكل شبه يومي ، صور الشاحنات وهي تحمل أطنان الفحم، مما يعني مزيدا من تدمير الغابات.

حظر..أين التطبيق؟

وكانت وزارة البيئة ، قد أصدرت في أغشت الماضي ، تعميما يتضمن إلغاء جميع تراخيص استغلال خشب الغابات سواء كان ذلك من أجل الفحم أو الحطب أو غير ذلك.

وحسب تعميم صادر عن الوزارة ، فقد تم إبلاغ الولاة وجميع السلطات الإدارية  والجهات المعنية بالموضوع.

 وكانت الجمعية الوطنية، قد صادقت في أكتوبر 2011 على مشروع قانون يتضمن النظام الأساسي الخاص بعمال المياه والغابات والقنص.

ويحدد مشروع قانون النظام الأساسي لعمال المياه والغابات والقنص حمل السلاح ولبس الزي الرسمي ووضع الشارات من أجل الدفاع عن النفس والردع وتعزيز الأنضباط والنظام والفعالية في ممارسة وظائف شرطة الغابات والصيد البري.

ويعطيهم سلطة الشرطة القضائية ، ويحدد القانون ان تسيير هؤلاء منوط كليا بالوزارة المكلفة بالبيئة

وقد اجمع النواب أثناء النقاش على أن البلد عرف ، ممارسات أدت إلى تدهور الغطاء النباتي وانقراض الغالبية العظمى من مكوناته.

قرارات..أين التطبيق؟

وكانت وزارة البيئة ، قد أصدرت في أغشت الماضي ، تعميما يتضمن إلغاء جميع تراخيص استغلال خشب الغابات سواء كان ذلك من أجل الفحم أو الحطب أو غير ذلك.

وحسب تعميم صادر عن الوزارة ، فقد تم إبلاغ الولاة وجميع السلطات الإدارية  والجهات المعنية بالموضوع.

إلى ذلك، فقد صادق البرلمان بغرفتيه (الجمعية الوطنية، الشيوخ) في أكتوبر 2011 ، على مشروع قانون يتضمن النظام الأساسي الخاص بعمال المياه والغابات والقنص.

ويحدد مشروع قانون النظام الأساسي لعمال المياه والغابات والقنص حمل السلاح ولبس الزي الرسمي ووضع الشارات من أجل الدفاع عن النفس والردع وتعزيز الأنضباط والنظام والفعالية في ممارسة وظائف شرطة الغابات والصيد البري.

ويعطيهم سلطة الشرطة القضائية ، ويحدد القانون ان تسيير هؤلاء منوط كليا بالوزارة المكلفة بالبيئة.

وقد اجمع النواب أثناء النقاش على أن البلد عرف ، ممارسات أدت إلى تدهور الغطاء النباتي وانقراض الغالبية العظمى من مكوناته.

الكل مسؤول..

رغم وجود القرارات والإطار التشريعي المنظم للحفاظ على الغابات والحياة البرية، منذ وقت مبكر من قيام الدولة ، فمازالت الغابات تتعرض للتدمير ، ولم يتم تفعيل القوانين الحامية لها ويشترك الجميع في العملية كل من موقعه.

فقد لاحظ المتابعون، أنه لم تعقد محاكمات لمنتهكي الغابات، ولم يتم زجهم في السجون ولم تتخذ ضدهم العقوبات الرادعة حتى يقلعوا عن فعلتهم الضارة بالبلد عموما.

وعلى مستوى الإعلام ، لم يحظ موضوع الغابات والحياة البرية عموما بما يستحق من تقارير وتحقيقات وتسليط للأضواء على الوضعية وإثارتها بما يضمن لفت الانتباه إليها.

كما أن المنتخبين لم يقوموا بدورهم في المحافظة واليقظة والترصد لكل من يحاول حرق الأشجار.

كما لم يحظ موضوع الغابات وتدميرها بالنقاشات البرلمانية المناسبة، بل يكاد الموضوع يكون غائبا من برامج المترشحين

شاهد أيضاً

المرابع ميديا تنشر لائحة التعيينات التي أجراها مجلس الوزراء في اجتماعه اليوم

المرابع ميديا تنشر الإجراءات الخصوصية التي أجراها مجلس الوزراء في اجتماعه اليوم: وزارة العدلالإدارة المركزيةمديرية …