إخوتي، أصدقائي، و أحبتي، شبابَ مقاطعة آمرج، بولاية الحوض الشرقي.. أيها الشباب الأباة ذكرانا و إناثا… لا تضيعوا فرصتين سانحتين: الأولى فرصة لقاء رئيس الجمهورية بكم، و بأهلكم، في ولايتكم؛ فهبوا جميعا و اغتنموها، لتفضحوا زيف، و نفاق، و تملق باعة الضمير، و العرض، و الإنسان، و تجار المواقف، و نقاض العهود، و المواثيق.. قولوا الحق.. لا تخشوا بواءقهم، و لا تأخذكم بهم رأفة، و لا رحمة، فليس في قلوبهم عليكم من شفقة، و ليس لكم عندهم من عهد ولا ذمة، تخشون ضياعهما. لقد آن الأوان، و أسعفكم الزمان و المكان، أن تبلغوا عن أوضاعكم المزرية، و مشاكلكم المزمنة، و أن تعبروا عن ضمائركم المخفية المستترة، و لا يجرمنكم شنآن مصاصي دمائكم أن تؤدوا واجبكم هذا، بكل الوسائل المدنية السلمية، و لا يمنعنكم إبعادهم و إقصاؤهم لكم، أن تعبروا عن تذمر المواطنين المقهورين، و نفاد صبرهم حيال فساد المفسدين، على أديم أرضكم، و غواية الغاوين في وطنكم، و المتاجرة بالمواطنين، في أسواق النخاسة، و مزادات علن المكر، و الخداع، والشقاق، و النفاق. بلغوا عن الأوضاع الصحية القاتلة، و عن التعليم الفاشل، و الأمية المستشرية، و الرشوة المتفشية، و لا تنسوا من ذلك ما فاتني ذكره، مما أنتم به أدرى مني. بلغوا عن المرضى، الذين يموتون، بين أحضان ذويهم، في فناءات و ساحات محطات الطريق إلى الموت، و المرض العضال (المستشفيات و المستوصفات) إهمالا، و استهزاء، و انشغالا، بتجارة العقاقير الزائفة، و تعاطي الرشوة المحرمة، و انعداما للإسعاف، و الحالات المستعجلة. و عن الطفل، الذي لا يجد في مدرسة حيه أو قريته، إلا ما ينفره من الدخول في حجراتها، اللهم إلا ما يدبره له معلمُه المسكين، الذي يعاني الأمرين، في سبيل أداء رسالته النبيلة، و أمانته الثقيلة، و مسؤولُ القرية، الذي يرى المدرسة ركنا من أركان مملكته الوهمية، و شرطا من مقوماتها الذاتية، و الأهالي الذين يؤملون على أبنائهم كثيرا و كثيرا. و لا تنسينّكم أمطار الخريف مأساة المياه المستفحلة، التي إن وجد لها حل في بعض القرى و المدن، ما زالت في قرىً و أرياف أخرى عديدة، تهدد حياة كثيرين منكم، بالتناقص تارة و الندرة حينا و النضوب أحيانا، كما تهدد حياة مواشيكم، التي نفقت قطعان منها جماعيا في ظل ما جادت به مخازن الدولة من الأعلاف، و قاموا بتوزيعه هناك، على أساس الزبونية، و المحسوبية، و التبعية السياسية المطلقة، بلغوا عن ذلك، و غيره، و عن الجياع و الضياع الذين تشيب لحالهم الولدان، و تذوب عند ذكرهم الأكباد. بلغوا عني أن الخيل و الجمال ـ و ربما ركبانهما ـ التي استقبلت الرئيس مأجورة من “آدوابه” و سكان “الكَوَرِ” (لكصور) المالية، القريبة من الحدود، لتشارك في فلمهم المعد، لاستقبال رئيس لا يكنون له إلا ما كانوا يبطنون لمن سبقوه، من الرؤساء، الذين مردوا على النفاق لهم، و التزلف إليهم، و التخلي عنهم، فورما يطاح بأحدهم. ثم بلغوا عني أيضا أن جناتهم التي يحاولون بها إخفاء سيآتهم، و التلبيس على نتائج فسادهم، و مشاكل مواطنيهم، زائفةُّ زيف صدقهم و إكرامِ ضيفهم، وخيالٌ مثل وفائهم، و كذبٌ مثل مظاهر فرحهم، و حفاوتهم، برئيس الجمهورية، و إخلاصهم له، و لوطنهم، الذي أهلكوا حرث و نسل بشره، و أكلوه بحجره و مدره، و رقصوا على ما تبقى من رفاته، فلم يتركوا من عتاق خيله، و نجب إبله، و فتية أحيائه، و فرسان جموعه، قدرما ينظم موكبا يعول عليه يومَ الزينة، و حشرِ الناس ضحى.. قولوها عني إخوتي، فإن “الكلمة مثل حبة البرونز تخترق جسمي، إذا لم أخرجها من صدري”. أما الثانية فيجب أن تستغلوها أيضا، و هي فرصة الانتخابات المزمعة، بأن توحدوا صفوفكم، و آراءكم، و تجمعوا أمركم، على شباب منكم يمثلونكم، في الاستحقاقات البلدية و النيابية القادمة، و لن يكون ذلك إلا إذا تضامنتم، و شكلتكم كتلة فولاذية، عصية على التصدع، و التشقق، و الاختراق، تتحطم عليها أحلامهم السخيفة، و تتبدد فوقها أمانيهم المريضة، لتحبط خططهم المغرضة،. فهاكموهما اثنتين: الأولى أمانة في أعناقكم، أدوها عني جزيتم خيرا، و لا تخشوا في سبيلها لومة لائم، و الثانية نصيحة، فامتثلوها من فضلكم، و اعملوا بمقتضاها، تجدون لأنفسكم، و ذواتكم عندهم ما لم تروه من قبل، حين كنتم وقود حملاتهم الخداعه، و زيوت محركات سياراتهم المغلولة، و حين كانت ظهروكم، و ظهور أهاليكم جسرا يعبرون عليه، إلى بر رغد العيش، و رفاهية الحياة، ليذروكم وراءهم، تكابدون أعباءها، و وعثاء مشكالها و مشاغلها المضنية، نقضا للعهود، و خلفا للمواعد، و نكرانا للجميل، و لا يهتدون إليكم سبيلا إلا في مثل هكذا مناسبة، فتذكروا، و لا تنسوا.
* صحفي و مدقق لغوي